الهيل..ملك التوابـل وعطـر الموائـد

ليس من المبالغة أن يقال إن التوابل تعد سموا في ذوق الإنسان في مأكله. فهو لم يعد يأكل ليملأ بطنه بما تيسر له، إنما غدا يتذوق مايأكله، ويضيف إليه ما يحسن الطعم أو يجعل الرائحة طيبة. من أسباب ذلك الهيل. والهيـل هو الثمار الجافة لنبات عشبي معمر من الفصيلة الزنجبيلية ينمو بشكل طبيعي في الغابات الرطبة بجنوب الهند، وبالأخص قرب سواحل مليبار على ارتفاع يتراوح ما بين 600 متر إلى 1000 متر عن سطح البحر. ويزرع الهيل حاليا في سواحل مليبار بالهند وسيريلانكا. ومن أشهر البلدان المصدرة للهيل سواحل مليبار بالهند وسيريلانكا ولاوس وجواتيمالا والسلفادور. ويوجد أربعة أنواع مشهورة هي: 1- هيل اليباي وتنتجه الهند. وهو صغير يتراوح طوله ما بين 8 ملم إلى20 ملم، وعرضه من 4 ملم إلى 10 ملم، ومخطط تخطيطا طوليا، ولونه أخضر يصفر مع التخزين ويعتبر أجود الأنواع. 2- هيل ميسور وتنتجه سيريلانكا، وهو بيضوي الشكل وأقل طولا من النوع الأول، ولونه كريمي وسطحه أملس. 3- هيل مليبار وتنتجه الهند وهو مدور نوعا ما وعلى سطحه بعض التجعدات الطولية. 4- هيل منجالور وتنتجه الهند أيضا وهو أكبر حجما من ميسور ومليبار ولونه يميل إلى الخضار. وكلمة هيل جاءت من اللغة الفرعونية (هال) ومازالت هذه الكلمة تتردد في كثير من الدول العربية حتى اليوم تحت اسم هيل. ولكن بالنسبة للمصريين حرفت الكلمة الفرعونية إلى حبهان. وقد ورد ذكر الهيل خلال القرن الرابع قبل الميلاد في مقالة يونانية ثم عرف أحد الأنواع علميا في بداية القرن الأول الميلادي. وتعتبر روما أول دولة استوردت الهيل من الهند. وكان الهيل يعتبر أفضل التوابل في المطبخ الروماني وقد سمي ملك التوابل. وللهيل عدة أسماء ومن أهمها القاقلة، هيل بوا، خيربوا، وحبهان. الجزء الفعال في ثمار الهيل البذور وزيت البذور. أما الغلاف الخارجي الذي يغلف البذور فليس له تأثير وإنما يعتبر كعامل حافظ للبذور. ويعتبر زيت الهيل وبذوره أحد المواد الدستورية في دستور الأدوية البريطاني والأمريكي. وتحتوي بذور الهيل على زيت طيار. ومن أهم مركبات هذا الزيت سينيول 26 إلى40?، الفاتيربينايل اسيتيت 28 إلى 34?، ليمونين 2 إلى 14?، سابنين 3 إلى 5?، لينيايل استيت 2 إلى 8?. ويستعمل الهيل على نطاق واسع حيث وصف في الطب القديم على أنه يعين على الهضم ويمنع من الغثيان والقيء وينفع في حصى الكليتين إذا خلط ببذر القثاء والخيار وماء الرمان. ومن الصرع والإغماء إذا نفخ في الأنف حتى يعطس ويقوي المعدة، ويستخدم الهيل مع القهوة وتعتبر إضافته دليل كرم صاحب المنزل. ويعتبر الهيل أحد التوابل الشائعة في العالم حيث يضاف كمادة منكهة ومحسنة للطعم في جميع المأكولات التي يدخل في صناعتها الدقيق والرز وخلافه. كما يستخدم مادة هاضمة وفاتحة للشهية ومسكنا للمغص وطاردا للأرياح. وفي الطب الحديث يستخدم زيت الهيل في تحسين نكهة الأدوية وفي صناعة العطور. كما يحضر منه صبغات تدخل في أدوية انحباس الطمث وضد التشنج. ومن أشهر صبغات الهيل صبغة الهيل المركب والتي يستعملها الإنجليز بكثرة لتعطير مختلف أنواع الأشربة. ومن الجدير بالذكر أن الهيل قد أدخل ضمن دراسة علمية بعنوان تقويم دوائي ومرضي للبهارات علىأمراض قرح الجهاز الهضمي وهذا المشروع مدعم من قبل مدينة الملك عبدالعزيـز للعلوم والتقنية. وينصح مستعملو الهيل بعدم سحقه والاحتفاظ به في علبة أو وعاء، حتى لو كان الوعاء مقفلا نظرا لتطاير الزيت الذي يعتبر المادة الفعالة في الهيل. ومن الأفضل سحقه مباشرة عند استعماله. ومما يستظرف في هذا السياق أن رجلا أتاني خائفا منزعجا وقال لي: إن الهيل يكمش المعدة. فسألته من قال لك هذا؟ فقال لقد لاحظت أن الملعقة التي نغرف بها مسحوق الهيل تكرمشت. ومادام أنه كرمش الملعقة فكيف بالمعدة وهي من اللحم؟ فقلت له لا تخف. وشرحت له الذي حصل للملعقة، إنها مصنوعة من مادة بلاستيكية (الملعقة التي كان يستخدمها من البلاستيك الأبيض). وطبعا أنت سحقت الهيل ووضعته في علبة، ثم غمست الملعقة في مسحوق الهيل في العلبة. وبما أن بذور الهيل تحتوي على زيت طيار، وهو مادة كيميائية فإنه يتفاعل مع الملعقة لأنها مادة كيميائية أيضا. وينتج عن هذا التفاعل تكرمش الملعقة، عندها اطمأن الرجل. يذكر أخيرا أنه لا توجد للهيل أضرار يخشى منها ويمكن استعماله باطمئنان.