بلح البحر.. من (المزرعة) إلى المائدة!

حتى مطلع عام 1970، لم تكن رخويات بلح البحر معروفة فعليا في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنها انتشرت بعد ذلك بشكل كبير، والشعوب التي اشتهرت بحبها لبلح البحر هم الفرنسيون والبلجيكيون والتايلنديون. وهي واحدة من الوجبات المفضلة لديهم.. في شاطئ جزيرة ناتنكت الأمريكية الجميلة، وحيث ينخفض فيها المد، تجد عند خط الماء مع الحاجز الصخري آلاف المحارات السوداء اللامعة تلتصق بقوة في شكل عناقيد. هذه هي رخويات بلح البحر التي تصبح شهية عندما يتم تحضيرها بالطريقة الفرنسية أو البلجيكية أو التايلندية. يقول عالم الأحياء الأمريكي بيتر غراي إنه من حوالي عام 1980 بدأت مزارع صغيرة في إنتاج بلح البحر تظهر في رود إيلاند وواشنطن وماين رغم أن مثل هذه الزراعة بدأت في فرنسا في القرن الثالث عشر وفي إسبانيا في 1950. لكن القليل من بلح البحر الموجود في الأسواق الأمريكية مازال يجمع من قاع المحيط بواسطة شباك، وتبدو محاره مليئة بكثير من الرمل مع اللحم، ويتم تنظيفه من الرمال بنقعه في ماء البحر لساعات، ولكن الأمريكيين على العموم مازالوا يعتبرونه طعاما تافها. وفي عام 1990 تم إنتاج حوالي 15 مليون رطل من بلح البحر في أمريكا الشمالية، حيث يتوفر بلح بحر نظيف وخال من الرمال في كل مكان على السواحل. ويزداد في داخل البحر. لقد أصبحت مزارع بلح البحر في الولايات المتحدة وكندا مؤهلة للمنافسة في الأسواق العالمية. زراعته وحصاده إن بلح البحر لا يعيش في جحور رملية كما يفعل بعض الأسماك الصدفية، ولكن صدفاته تتماسك مع بعضها كما يفعل المحار، أو تسبح بحرية كما يفعل الأسقلوب، فرخويات بلح البحر تثبت نفسها بشيء ثابت بواسطة ألياف حريرية تصنعها باستخدام بروتين سائل من أجسامها، وهذه الألياف تصبح قوية في مياه البحر لإمكانية استعمالها في لصق ظهور المرضى الذين تجرى لهم عمليات جراحية في هذه المنطقة. ومعظم ألياف بلح البحر يتم جزها بآلات خاصة من المزرعة، وفي إسبانيا يتم وضع حبال لترتفع عليها رخويات بلح البحر، أما في تايلند فيضعون لها أعمدة من الخيزران، وفي فرنسا يستخدمون أعمدة البلوط، وفي السويد وكندا يستعملون جوارب معلقة على حبال غسيل تحت الماء، ويزرعونها في قاع المياه الضحلة في هولندا وماين وكذلك في مزارع ماين التي تستخدم طريقة الزراعة في قاع المياه الضحلة تنزع رخويات بلح البحر البرية الزرقاء الصغيرة من مواقع طبيعية مختارة، وتعاد زراعتها بنثرها متباعدة في قاع الماء، وبهذه الطريقة تنمو رخويات بلح البحر بطول ثلاث بوصات في فترة من 18 شهرا إلى 24 شهرا. أما لو تركت لتنمو وحدها فستصل إلى هذا الارتفاع في سبع سنوات إلى ثماني سنوات، وإذا قدر لرخويات بلح البحر أن تتجنب البط وسرطان البحر وقنديل البحر والإنسان فإنها تعيش من 12 سنة إلى 13 سنة، وبعضها يبلغ 50 سنة من العمر. وتبلغ نسبة وزن لحم بلح البحر المزروع في صدفتها 25? على الأقل، بينما لا تزيد نسبة اللحم في بلح البحر الذي ينمو وحده عن 15? من إجمالي وزن الصدفة. وتعتمد رخويات بلح البحر في غذائها على ما تجلبه لها تيارات المحيط، مثل الأسماك الصدفية والمحارات، وتتغذى بأخذ الماء وترشيح الجزيئات العالقة به. يستطيع بلح البحر الأزرق المثالي الذي يبلغ طوله بوصتين أن يعالج من 10 جالونات إلى 15 جالونا من الماء في اليوم. ولسوء الحظ يمكن لبلح البحر أن يمتص البكتيريا وكائنات حية دقيقة أخرى سامة، وهذا هو السبب في أن رخويات بلح البحر التي تعيش في المياه الملوثة خطرة جدا، إذ يمكن أن تتراكم القاذورات في بلح البحر بالطريقة نفسها التي تتراكم في كيس المكنسة الكهربائية، أما بلح البحر المزروع فإنه يعيش في مياه نظيفة مراقبة بعناية. أنواعه هناك سبعة عشر نوعا من بلح البحر للأكل في العالم، والنوع الأكثر تداولا في السوق هو الأطلنطي الأزرق، وهذا النوع يربى في الغالب في مياه جزيرة برنس إدوارد وكندا وماين في الشرق وواشنطن في الغرب. ولكن بلح البحر الأزرق يكرس طاقاته من مايو حتى يوليو في وضع البيض، الأمر الذي يجعله ضعيفا وغير صالح للأكل. أما بلح بحر البحر الأبيض المتوسط، الذي يزرع في الساحل الغربي منه فيضع البيض في يناير وفبراير؛ ولذلك فهو صالح للأكل خلال الصيف . وهو لذيذ وحلو وممتلئ وكبير يصل طوله إلى سبع بوصات ومتوسط اللحم فيه 40?. أما النوع الثالث منه والأكثر توفرا فهو بلح بحر الصدفة الخضراء، وموطنه جنوب شرق آسيا ولكنه يستورد بصفة رئيسية من نيوزيلندا، والأصداف التي يبلغ طولها ثلاث بوصات أو أربع بوصات تكون خضراء من الأطراف، ولكن لون اللحم فيها يكون قشديا أو برتقاليا، والذكور منه لونها قشدي، أما الإناث فهي برتقالية. ولأن بلح البحر ذا الصدفة الخضراء يشحن مجمدا فيمكنك الحصول عليه طوال العام. أما النوع الأزرق منه والقادم من مدينة ماين فإنه يتوفر أيضا طوال العام؛ لأنه يضع البيض في أوقات مختلفة.