الدم السليم.. في الغذاء السليم

يعتمد الدم اعتمادا كبيرا على الغذاء الذي نتناوله، وسوء التغذية قد يسبب اختلالا خطيرا في توازن الدم. كتبت لنا سالمة العامري - حدوث نزيف في اللثة سببه نقص فيتامين (ج) - توازن الكالسيوم والبوتاسيوم والصوديوم في الدم يعني انتظام ضربات القلب - نقص فيتامين (هـ) يؤدي إلى تكسر كريات الدم الحمراء - النحاس والزنك وحمض الفوليك دعامات قوية لمناعة الجسم هناك ارتباط وثيق بين الغذاء وصحة الدم لما للغذاء من دور كبير في إمداد الدم ببعض العناصر الضرورية والتي تدخل ضمن مكوناته، ويؤدي نقص هذه العناصر في الدم إلى حدوث أمراض عديدة سميت بأمراض سوء التغذية لأنها ناجمة عن خلل في تغذية الإنسان، ومعظم أمراض الدم تنتج عن العادات الغذائية الخاطئة في مجتمعاتنا بسبب نقص الوعي الغذائي والصحي لدى الكثيرين منا، وسنقوم ها هنا باستعراض سريع لهذه العلاقة الحميمة بين الدم والغذاء. الماء أول وأهم غذاء رزقنا الله به هو الماء عصب الحياة، وهو عنصر أساسي في جميع الكائنات الحية، ويمثل الماء من 60? إلى 65 ? من وزن جسم الإنسان البالغ، وبناء على ذلك يحتاج الشخص البالغ إلى ما يعادل لترا ونصف اللتر إلى لترين من الماء يوميا، أي ما يعادل 8 أكواب إلى 11 كوب ماء، وهذه الكمية ضرورية للجسم وبالذات للدم، حيث إن نقص الماء في الدم يسبب بعض الأعراض المتعبة للجسم مثل سرعة النبض والتنفس مع الارتفاع في درجة حرارة الجسم والشعور بالحمى، ويؤدي نقص الماء كذلك إلى زيادة كثافة الدم وصعوبة جريانه. الدهون والكوليسترول بمجرد ذكر اسم الدهون نمتعض جميعا وذلك لسوء سمعتها صحيا، وفي الحقيقة فإن الدهون التي ينصح بالإقلال منها دائما هي الدهون المشبعة والتي توجد في السمن والزبدة وزيت النخيل والأغذية الدهنية، والدهون المشبعة لها علاقة قوية بالإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم وهو ما يؤدي بالتالي إلى تصلب الشرايين، وقد يزداد مستوى الكوليسترول بطريقة يصعب التحكم فيها في حالة بعض الأمراض مثل السكري وأمراض القلب والكلى. ويمكن خفض مستوى الكوليسترول في الدم بتناول الأغذية الغنية بالألياف الغذائية مثل الخبز الأسمر والنخالة والموز والمانجو، واستبدال الزيوت النباتية بالدهون الحيوانية، مثل زيت الزيتون لأنه يساعد على خفض الكوليسترول، كما أن من أهم العوامل الخافضة للكوليسترول ممارسة الرياضة. القلب.. وانتظام ضرباته يعتمد انتظام ضربات القلب - بعد الله سبحانه وتعالى - على توازن نسب ثلاثة من العناصر الغذائية في الدم، هي الكالسيوم والبوتاسيوم والصوديوم، ولهذا فللغذاء دور كبير في تنظيم ضربات القلب، ويساعد الكالسيوم كذلك على تخثر الدم عند حدوث جرح في الجسم، ويمكننا الحصول على الكالسيوم من الحليب ومشتقاته، وسمك السردين، والسلمون، أما البوتاسيوم فيمكن الحصول عليه من اللحوم، والفواكه المجففة، والموز، والبرتقال، وأما الصوديوم فيمكننا الحصول عليه من ملح الطعام، والأغذية المحفوظة بالتمليح مثل الأسماك المملحة، والمخللات، ولكننا ننصح دائما بالاعتدال في تناول الأغذية الغنية بالأملاح لأنها غنية بالصوديوم، وزيادة الصوديوم في الجسم قد تؤدي إلى الارتفاع في ضغط الدم. الحديد من أهم المعادن للدم يعد الحديد من المعادن المهمة جدا. يوجد الحديد في الدم ويمثل جزءا رئيسيا منه، كما يوجد في كل خلية حية، حيث يحتوي جسم البالغ على 3 جرامات إلى 5 جرامات من الحديد، ويختلف توزيعه في الجسم، فنجد أن 60? إلى 70? منه يتركز في الهيموجلوبين في الدم وبالذات في كريات الدم الحمراء، حيث يعد الحديد مادة أساسية وضرورية لهذه الكريات، كما يوجد 25? من الحديد في الكبد ونخاع العظام والطحال، و3? في الميوجلوبين في العضلات، و 5? إلى 10? في باقي الخلايا وإنزيمات التنفس، كما أنه يعد مهما لبلازما الدم على الرغم من أن حصتها من كل الكمية الموجودة منه في الجسم لا تزيد على1? فقط. والحديد يرتبط دائما بمرض فقر الدم الغذائي، حيث يحدث هذا المرض نتيجة قلة تناول الأغذية الغنية بالحديد والبروتينات الحيوانية، مثل اللحوم بأنواعها المختلفة والبيض والحليب ومنتجاته، فيمكننا الحصول على الحديد من اللحوم بشكل عام ولحوم بعض الأعضاء من الحيوانات مثل الكبد والكلى واللسان والقلب بشكل خاص، وفي البيض يعد الصفار غنيا بالحديد، وكذلك الفواكه المجففة مثل التمور والبقوليات والمكسرات والخضراوات الورقية الداكنة. وعادة ما يصيب فقر الدم الغذائي النساء في عمر الإنجاب وخصوصا اللواتي يتكرر حملهن خلال فترة قصيرة، وكذلك الأطفال الرضع، والأطفال في مرحلة البلوغ، وهذا المرض لا يعتمد فقط على نقص الحديد في الجسم، بل إن نقص حمض الفوليك الذي يصنف على أنه نوع من فيتامينات (ب) يؤدي إلى الإصابة بفقر الدم. الجدير بالذكر أن مرض فقر الدم يتميز بعدم نضج خلايا الدم الحمراء وكبر حجمها بالإضافة إلى قلة عدد كريات الدم البيضاء. الفيتامينات بالإضافة إلى دور حمض الفوليك المهم في الدم كما ذكرنا آنفا فإن للفيتامينات عامة دورا مهما للدم، ففيتامين (هـ) مثلا يساعد على تكون الهيموجلوبين في الدم (والذي يعتمد في تركيبته على الحديد)، وإذا نقص الفيتامين في الجسم فإن هذا يؤدي إلى تكسر كريات الدم الحمراء، ويتوفر فيتامين (هـ) في الزيوت النباتية، ويعد زيت القمح أغنى الزيوت بفيتامين (هـ) على الإطلاق. أما فيتامين (ك) فله دور في وقف النزيف وحدوث تخثر الدم عند إصابة الإنسان بالجروح، ويمكننا الحصول على فيتامين (ك) من الخضراوات الخضراء وبخاصة القرنبيط والسبانخ والخس والطماطم، وأيضا في الأجبان وصفار البيض والكبد، وهذا الفيتامين يمكن تصنيعه عن طريق بكتيريا الأمعاء، وهذه البكتيريا تعد أهم مصدر لفيتامين (ك) في الجسم. ومن أهم الفيتامينات للدم وللجسم عموما فيتامين (ج) الذي يقوم بوظائف عديدة لجسم الإنسان مثل تكوين مادة الكولاجين، والكولاجين هي المادة التي تقوم بربط الخلايا بعضها ببعض وتزيد من ثم من قوة الأوعية الدموية، بالإضافة إلى الحماية من العدوى من بعض الأمراض، ونقص فيتامين (ج) في الجسم يؤدي إلى عدم التئام الجروح، وظهور بقع نزيف دموية تحت الجلد وحدوث نزيف في اللثة. ولهذا الفيتامين وظائف أخرى متعددة مثل زيادة امتصاص الكالسيوم والحديد، وكذلك زيادة استفادة الجسم من حمض الفوليك، ولذا يعتبر فيتامين (ج) مانعا لأنيميا الخلايا الكبيرة عند الرضع والأطفال، ويحافظ فيتامين (ج) على ضغط الدم، ويعمل على خفض مستوى الكوليسترول، ويمكن الحصول عليه من الفواكه الحامضية كالبرتقال، وكذلك من الفراولة والجوافة والطماطم والبروكلي. النحاس وكريات الدم البيضاء تعد كريات الدم البيضاء الجهاز المناعي الأساسي للجسم الذي يصد عنه شر الأمراض، ومن هنا برزت أهمية هذه الكريات التي تعد أحد أجزاء الدم الرئيسة، ولدعم هذه الكريات والمحافظة على قوتها لا بد من الاهتمام بالغذاء في المقام الأول، حيث تدخل بعض الفيتامينات والعناصر المعدنية في تكوين كريات الدم البيضاء والتي إن نقصت عن مستواها المطلوب أدت إلى نقص مناعة جسم الإنسان، وأهم هذه العناصر المكونة لكريات الدم البيضاء والداعمة لها هو النحاس الذي يمكن الحصول عليه من الأغذية الغنية به مثل البقوليات والكاكاو والحبوب والأسماك الصدفية، كما أن هناك أطعمة أخرى تحتوي على كميات متوسطة من النحاس مثل الخضراوات الورقية وعموم الأسماك والبيض واللحوم، وإضافة إلى دور النحاس المهم لكريات الدم البيضاء فإنه كذلك يساعد على زيادة امتصاص الجسم للحديد والوقاية من ثم من مرض فقر الدم. ونقص النحاس في الجسم يؤدي إلى تدن خطير في المناعة، وأعراض نقصه الطبية تظهر في انخفاض مستوى الهيموجلوبين في الدم، وانخفاض عدد كريات الدم البيضاء، وارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم. كما يعد الزنك من المعادن المهمة لكريات الدم البيضاء ورفع مستوى مناعة الجسم، حيث يوجد بتركيزات عالية في هذه الكريات، ويمكن الحصول على الزنك من اللحوم والحبوب والبيض والبقوليات، كما يعد الزنك ضروريا في التئام الجروح ويوجد بكثرة في الغدد الليمفاوية. وبالإضافة إلى هذين المعدنين فإن لحمض الفوليك دورا مهما في دعم خلايا الدم البيضاء، حيث إن نقصه يؤدي إلى تناقص أعدادها في الدم، ويمكن الحصول على حمض الفوليك من الخضراوات الورقية الداكنة الخضرة وكبد وكلى الحيوانات والفواكه. الأساس هو الغذاء المتوازن رأينا معا مدى أهمية الغذاء للدم، وعلى ذلك فإنه للحصول على جميع العناصر اللازمة للمحافظة على سلامة الدم ينبغي علينا تناول غذاء متوازن، أي يجب أن تحتوي كل وجبة على مكونات مختلفة من جميع المجموعات الغذائية الأربعة (هذه المجموعات هي: مجموعة الخبز والحبوب، مجموعة اللحوم وأشباهها، مجموعة الحليب ومشتقاتها، مجموعة الخضراوات والفواكه)، لأن هذه المجموعات الأربعة تحتوي على جميع العناصر الضرورية لسلامة الدم، كما ينبغي الابتعاد عن بعض التصرفات الغذائية الخاطئة التي أصبحت كسلوك يومي لبعض الناس في منطقتنا مثل إلغاء بعض الوجبات الأساسية بغرض التخفيف من وزن الجسم، أو اتباع بعض الحميات القاسية التي تؤخذ من الكتب والمجلات غير المتخصصة، أو عدم تناول نوع معين من الغذاء مثل الخضراوات والفواكه، لأنه إذا تم إلغاء أي وجبة أساسية أو غذاء معين فإن هذا يعني ببساطة إلغاء بعض العناصر الضرورية التي يحتاج إليها الدم والجسم.