الحلبة: غذاء ودواء

الحلبة (Fenugreek) نبات عشبي حولي، لها سيقان قائمة أسطوانية، وطول ساقها حوالي ستين سنتيمترا، ولها فروع مرتخية. هناك نوعان من نبات الحلبة الأول قصير الساق يزرع لأغراض الطبخ ونوع طويل الساق يزرع للعلف. وأوراق نبات الحلبة مركبة لها ثلاث وريقات، وزهوره محورية صفراء وبيضاء، والثمار عبارة عن قرون نحيلة ذات طرف مستدق، أما البذور فصغيرة مصفرة أو بنية باهتة رباعية الوجوه ذات رائحة نفاذة. ولها اسم وموطن تعرف الحلبة بالاسم العلمي (Trigonella Foenum-graecum) وموطنها الأصلي هو حوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأدنى، كما تزرع أيضا في جنوب أوروبا وشمال إفريقية ومصر وإثيوبيا والهند. وقيمة غذائية خاصة بذور الحلبة غنية بالبروتين، مع انخفاض في مستويات الأحماض الأمينية الكبريتية وارتفاع في مستويات اللايسين والتربتوفان، كما أن البذور مصدر جيد للكالسيوم، وهي غنية بشكل ملحوظ بالحديد. وهي مصدر متوسط لفيتامينات ب لكن ترتفع نسبتها إذا استنبتت البذور (الحلبة التي تباع على هيئة مستنبتة) فالبعد الأول لبذور الحلبة هو أنها مصدر للبروتينات النباتية مثلها مثل بقية البقوليات كالفول والعدس. أما زيت بذور الحلبة فيحتوي في الأكثر على أحماض دهنية غير مشبعة: حمض الأوليك (بـ35?) وحمض اللينوليك (بـ34?) وحمض اللينولنيك (بـ 14?). أوراق وسيقان الحلبة غنية بفيتامين أ والكالسيوم والفسفور أما محتوى البروتين في الأوراق المجففة فيقارب بروتين البقوليات الأخرى. ولكل شعب فن في أكلها تحتوي بذور الحلبة على مركب الكومرين (Coumarin) (وهو مركب يستخدم في صناعة العطور) وتستخدم كأحد توابل الشوربة والكارى في الهند، ويمكن أكل البذور نيئة أو مطبوخة. في مصر والسودان تعتبر بذور الحلبة غذاء جيدا للمرضع، ويعطى الأطفال الصغار هناك منقوع البذور، وفي جنوب المملكة واليمن تطحن الحبوب وتبلل ثم تخفق ويضاف إليها الخل وتؤكل على شكل سلطة وربما أعد منها طبق يسمى (السلتة). وفي الهند تحمص البذور وتؤكل، وفي بعض المناطق الإفريقية تستخدم البذور في عمل القهوة كبديل لحبوب البن. وفي الشمال الإفريقي تضاف البذور إلى عجينة الخبز، وفي اليونان تؤكل البذور النيئة أو المغلية مع العسل، أما في سويسرا فتستخدم البذور كمادة منكهة للجبن. في الحبشة تطحن البذور المستنبتة وتخلط مع الماء لتعطى للأطفال كبديل عن الحليب، كما يخلط مطحون البذور مع العسل والماء ويضرب حتى يكون رغاوى ثم يعطى لكبار الأطفال كمشروب وفاتح شهية ويوصى به لناقصي الوزن. أما عن استخدام البذور كتوابل فإنها تحمص وتطحن وترش على الصلصة، وتستخدم مع التوابل الأخرى لحفظ وإعطاء نكهة للزبد، وفي الحبشة أيضا تستخدم لتدعيم الأغذية الفقيرة في اللايسين. أما زيت البذور فيضاف للحلويات وعرق السوس وشراب القبقب ونكهات الفانيلا. وفي الهند تؤكل الأوراق الصغيرة والقرون كخضار. ولها استخدامات أخرى يستخدم نبات الحلبة كعلف للحيوانات، وإذا خلطت بذور الحلبة مع بذور القطن وأعلفت للأبقار فستزيد إن شاء الله، من كمية الحليب ولكنها تعطي الحليب نكهة الحلبة. يستخدم زيت بذور الحلبة في مواد التجميل وشامبوهات الشعر. كما أن لها فوائد أخرى الحلبة هي مصدر العقار (دايوسجنين) والذي يستخدم في موانع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم والمستخلص المائي للبذور يعيق نمو فيروس جدري البقر ويستخدم كوقاية من الجدري وجدري الماء. وتحوي البذور أيضا (تريفونللين) و(كولين) وهي مطرية ومضادة للكولسترول وخافضة للسكري ومدرة للحليب ومنعشة ومقوية. ودقيق الحلبة ينضج الدمامل والخراجات ويغذي الجلد وينعمه ويذهب الوهن والإرهاق. وقديما كان لها شأن أيضا بعيدا عن مدى الدقة العلمية لاستعمالات الحلبة في الوصفات الشعبية فإنها تستخدم منذ القدم في معالجة أمراض الجلد والسل والأورام والإسهال وسوء الهضم وآلام الروماتيزم. أما البذور فتستخدم شعبيا في علاج اضطرابات المعدة (مصر والسودان) وفي حالة تشقق الشفائف ومعالجة القرحة، أما الأوراق فتستخدم كدواء قابض وفي زيادة مرات التبول وكمسكن ومخفف للألم وعلاج للحمى والتهاب القصبات وفي تنظيم الدورة الشهرية. وتأكل النساء في الشرق الحلبة ليكتسبن زيادة في الوزن، كما تأكلها المرضعات لزيادة كمية الحليب ومن أجل شد الصدر وتصلب النهدين وللجمال عموما، وبعد فترة الرضاعة خصوصا. هذه هي الحلبة في الوصفات القديمة وحقيقتها العلمية، ولك الاختيار في تحديد هدف أكلها، فهي مفيدة للصحة وغذاء جيد على كل حال.