الخبز .. أبعاد ونظرات عن قرب

اعتمدت معيشة الإنسان البدائي على الصيد وتجميع الفواكه والمكسرات إلى أن تغيرت في العصور الحجرية. حيث بدأ الإنسان البدائي بالاستيطان وهجر حياته البدوية. ثم تعلم كيفية زراعة البذور، وعلى مر العصور تمكن من زراعة محاصيل الحبوب وحصادها والاستفادة منها في غذائه، ومنذ حصول تلك التغيرات في طريقة حياة الإنسان نشأت الحضارة الإنسانية، وفي أغلب مناطق العالم تم بناء هذه الحضارة على أساس أغذية تعتمد على حبوب القمح في إنتاجها. ويعد الخبز من أهم أنواع هذه الأغذية، وربما كان أقدم طعام صنعه الإنسان، وربما كان أيضا الطعام الوحيد الذي أسهمت أكثر الشعوب في اتخاذه طعاما أساسيا. سجل حضاري لم يتوصل الإنسان إلى اكتشاف الخبز المعروف حاليا دفعة واحدة، إذ تطورت طرق صناعة الخبز تدريجيا حيث مرت عبر مراحل متعاقبة. بداية بالعصر الحجري الذي كان يتغذى فيه الإنسان على الحبوب بعد تحميصها على الحجارة الساخنة بهدف تحسين الطعم وتسهيل الهضم إلى عصرنا الحالي الذي تعددت فيه الأصناف وتنوعت الأحجام والأشكال. ويعد تاريخ الخبز وأهميته في حياة الإنسان سجلا من السجلات الحضارية المهمة، فلقد كان للخبز دور كبير في نشاطات الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ولقد ورد ذكر الخبز في سورة يوسف في القرآن المجيد إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه. ومنذ القديم حددت أوزان الخبز وأسعاره، ووضعت القوانين والعقوبات الصارمة لمن يخالفها منذ زمن حمورابي. أما النظرة إلى الخباز صانع الخبز فقد مرت بمراحل مختلفة من المد والجزر عبر التاريخ، ففي بعض العصور اعتبر الخبازون طبقة خاصة تحظى باحترام المجتمع، بينما اعتبروا في فترات أخرى مواطنين من الطبقة الثانية بالمجتمع أو مواطنين غير أذكياء. مكانة خاصة وللخبز مكانة خاصة لدى الشعوب، فهو يرتبط عند البعض بالإخلاص عندما يقال شاركتك عيشا وملحا، ويرتبط عند البعض الآخر بالرزق عندما يقال ابحث عن لقمة العيش، ويرتبط عند آخرين بالكرامة عندما يقال كل الخبز لتعيش. ومع ما قيل عن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان فإنه يجب الاعتراف في الوقت نفسه أنه جزء أساسي من غذاء الإنسان، ومن المسلم به أن الخبز هو قوت الشعوب أو قوام الغذاء وعصبه، فهو الغذاء الشعبي في غالبية أقطار المعمورة، حيث لا يمكن لكثير من الناس الاستغناء عن تناوله. وحاليا يتوفر الخبز في الأسواق بأنواع وأشكال ومذاقات مختلفة طيلة أيام السنة وطيلة ساعات اليوم. وتلائم أوزانه وأسعاره مختلف فئات الناس، ومع هذا فقد يشاهد تكدس الناس على طلب الخبز، فالكل يحرص على وجوده فوق مائدة الطعام. يحتوي الخبز على مواد كربوهيدراتيه تمد الإنسان بطاقة حرارية تحفظ كيانه وتحرره من الجوع، كما أن العناصر الغذائية المرافقة لتلك المواد تزود الإنسان ببعض احتياجاته من المتطلبات الغذائية الأخرى. وسوف تزداد (والله أعلم) أهمية الدور الذي يلعبه الخبز في تغذية الإنسان عند محاولة حل مشكلات الاحتياجات الغذائية والزيادات المستمرة في عدد سكان العالم. خواص مميزة يعرف الخبز بأنه مادة غذائية تصنع من عجن الطحين أو جريش الحبوب التي أضيف إليها بعض مستلزمات التخمير والهدف من صنع الخبز هو تحويل طحين الحبوب إلى منتجات جذابة ومستساغة وسهلة الهضم. ومع أن القمح هو محصول الحبوب الرئيس المستعمل في إنتاج الخبز، فإنه توجد حبوب أخرى مثل الشيلم تصلح أيضا لهذا الغرض بصورة محدودة. وتعود أهمية دقيق القمح في إنتاج الخبز المخمر إلى خصائص بروتيناته. فعند خلط الدقيق بالماء وعجنه تتكون مادة مرنة في العجينة الناتجة تسمى الجلوتين، وتتكون هذه المادة بمقدار كبير عند استعمال دقيق القمح وبمقدار قليل عند استعمال دقيق الشيلم، ولكنها لا تتكون عند استعمال دقيق الحبوب الأخرى كالذرة والدخن والشعير والأرز. والجلوتين هو مادة تتميز بخاصية انسابية فريدة، فمن الممكن مطها كالمطاط، وفي الوقت نفسه تتميز بدرجة معينة من الارتداد كالزنبرك. وليست كل أصناف القمح صالحة لصنع الخبز، فالأصناف الطرية والدورمية تكون بروتيناتها غير مناسبة ولا تعطي خبزا ذا جودة عالية. أما الأصناف الصلبة المسماة أصناف قمح الخبز فتكون بروتيناتها مناسبة تماما وتعطي خبزا عالي الجودة. وتعرف الجودة العالية للخبز بالحجم الكبير، وباللب الناعم الذي يحتوي على مسامات منظمة، وبالقوام المتجانس، وباللون الذهبي البني، وبالنكهة الزكية، وبالطعم الشهي. وتعتمد جودة الخبز أساسا على جودة الدقيق المصنوع منه، وطريقة تخمير العجينة وخبزها. ويكون الدقيق جيدا في حالة ارتفاع مكوناته من البروتينات ذات النوع الملائم لصنع الخبز. واحتواء صننف القمح على هذه البروتينات هي خاصية موروثة في المحصول، فهي لا تتأثر كثيرا بالظروف المناخية أو الجغرافية أو بالتسميد. وهو أبيض وأسمر يمكن الحصول على دقيق أبيض أو أسمر من حبوب القمح تبعا لطريقة الاستخلاص، ويستعمل النوع الأول لصنع الخبز الأبيض. أما الثاني فيستعمل لصنع الخبز الأسمر المسمى البر، وذلك لاحتوائه على نخالة أو قشور القمح. وتتحسن صفات الدقيق خصوصا النوع الأبيض خلال التخزين الجيد لفترة طويلة. إذ يعد الدقيق المعتق أفضل من الدقيق الطازج، وذلك عند استعماله لصنع الخبز، لأن عجينة الدقيق المعتق تتحمل التخمير بفعالية أفضل، كما تعطي خبزا أفضل من حيث الحجم واللب والنكهة مما تعطيه عجينة الدقيق الطازج. ويدل لون الدقيق ناصع البياض على معاملته بمواد كيميائة مسموح بها. ومع هذا فإنه لا يحبذ استعمالها، وذلك لحماية صحة المستهلك من متبقيات تلك المواد. وله أسماء عدة وأصل واحد رغم تعدد أنواع الخبز والتي منها ما يسمى المفرود، الشامي، والبر، والصامولي، والفرنسي، وفينا، والتوست الأفرنجي، والهامبرجر، والتميس، والشاي، والإيراني، والتركي، واليهودي، والقرصان، والشيلم الهش والقاسي، والشوفان، والخبز المستدير، والكسري، والخمير، والشاباتي الهندي والباكستاني، والذي يصنع من غير خميرة. إلا أن أصله واحد فمع اختلاف أنواع الخبز وطرائق تصنيعها وموادها بين بلد وآخر، فإن الخبز يصنع من عجينة محتوياتها الأساسية هي دقيق قمح وماء وخميرة وملح طعام. وملح الطعام هو مادة أساسية لصنع الخبز لأنها تبرز طعم الخبز، فالخبز غير المملح غير قابل للأكل ولا يأكله إلا المرضى ذوو الحمية الغذائية. أما المحتويات غير الأساسية في الخبز فهي دقيق الحبوب الأخرى، والبقول مثل الشعير وفول الصويا، والدهون النباتية، والحليب، وأملاح تنشيط الخميرة، والمواد الحافظة، ومحسنات الخبز مثل مواد الاستحلاب والمؤكسدات، ومقويات العجينة مثل الجلوتين. ولا يسمح إطلاقا باستعمال محسنات ضارة بالصحة مثل برومات البوتاسيوم، والتي شاع استعمالها منذ سنين كأفضل مادة محسنة للخبز في أنحاء العالم، إلا أنه حاليا تم منع استعمالها، وذلك لثبوت ضررها على صحة الإنسان. خلط وتغير وعندما تخلط مكونات الخبز معا، وبنسب صحيحة، فإن ثلاثة تغيرات تحصل على النحو التالي: تتكون العجينة عندما يتشرب الدقيق الماء أثناء العجن، وذلك لتكون شبكة الجلوتين من بروتينات القمح. وتتكون فقاعات هوائية داخل العجينة، وتصبح تلك الفقاعات محتجزة داخل الشبكة الجلوتينية، وتتحرر السكريات من نشا الدقيق بتأثير الإنزيمات الموجودة أصلا في الدقيق. وأثناء فترة تخمير العجينة فإن السكريات تتحول إلى كحول وغاز ثاني أكسيد الكربون وأحماض عضوية عديدة بفعل خميرة الخبز، ويختلط الغاز الناتج مع الهواء في الفقاعات الهوائية المحتجزة داخل العجينة مسببا تمددها ونفشها واكتسابها للنكهة المميزة لها. وبعد تشكيل عجينة الخبز إلى الشكل المطلوب يتم ادخالها إلى الفرن، وفي أثناء نضجها في الفرن يتمدد الهواء ويتهلم النشا (أي يمتص الماء ويصبح متغلظا)، ويتصلب البروتين داخل العجينة، ويكتسب رغيف الخبز شكله النهائي المرغوب فيه، كما تكتسب قشرة الخبز لونها البني ونكهتها المميزة، وذلك بفعل تفاعلات كيميائية تتم بين البروتينات والسكريات الموجودة أصلا في الدقيق أو الموجودة ضمن المكونات الأخرى المستعملة في صنع الخبز. هو غذاء يعد الخبز مصدرا غنيا للنشا (كربوهيدرات)، والذي هو مصدر مهم للطاقة. وفيما مضى قلل علماء التغذية من قيمة النشا لارتباطه مع زيادة الوزن، كما أوصوا بتقليل تناول الأغذية الغنية به مثل الخبز لتجنب اكتساب الوزن الزائد. ولكن العلماء حاليا يفضلون أن يتناول الإنسان كمية أكثر من الأغذية النشوية بدلا من الأغذية الدهنية، وذلك لسد احتياجاته من الطاقة وفي الوقت نفسه للاستفادة من البروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن المصاحبة للنشا في الخبز. وتوجد الدهون بكمية معتدلة في الخبز وهي مفيدة للجسم لأنها على الأغلب تكون من النوع النباتي، ولا تحتوي على كولسترول أو أية دهون ضارة أخرى. وكما هو معلوم تعد الوجبة الغذائية المحتوية على كمية معقولة من الخبز وكمية قليلة من اللحم أفضل من الوجبة المحتوية على كمية كبيرة من اللحم وكمية صغيرة من الخبز. ويساهم الخبز المدعم بالحليب بحوالي 25? من البروتين من معدل غذاء الفرد، ولعل ثلاث شرائح رقيقة من الخبز الإفرنجي تساهم بكمية بروتين تعادل الكمية الموجودة في بيضة واحدة، ومع انخفاض نسبة بعض الأحماض الأمينية الأساسية مثل اللايسين في بروتينات الخبز عن النسبة التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية، فإنه يندر أن يؤكل الخبز وحده، فالخبز عادة يؤكل مع الجبن أو أغذية أخرى غنية باللايسين. وفي الوقت الذي يهرول معظم المستهلكين إلى شراء الخبز الأبيض ذي القيمة الغذائية الأقل لأنه ألذ طعما، فإن بعض المستهلكين يحجمون عن تناوله لاعتقادهم بعدم احتوائه تماما على المنافع التي توجد في الخبز الأسمر. وفي الحقيقة فإن الخبز الأبيض لا يخلو من المنافع ولكنها أقل من نظيره الخبز الأسمر. ويعود ضعف الإقبال على شراء الخبز الأسمر إلى كل من لون الخبز وشكله ومذاقه، فهو غير جذاب كالخبز الأبيض، وذلك لاحتوائه على قشور حبوب القمح المسماة النخالة. وهذه القشور تجعل الخبز خشنا عند مضغة في الفم وتزيد من صعوبة هضمه في المعدة، ولذلك فهو غير مستساغ. ومضغ الخبز جيدا في الفم ضروري لهضمه لأن اللعاب الموجود في الفم يحتوي على إنزيم يسمى بالأميليز الذي يسهل هضم النشا. ألياف.. ألياف يحتوي الخبز خصوصا الأسمر على نسبة كبيرة من الألياف الغذائية، وهي ضرورية في غذاء الإنسان مع أنها لا تنتج طاقة حرارية. وعند نقصها في الغذاء فإنه يحتمل أن تطول الفترة الكلية لبقاء الطعام المهضوم في القناة الهضمية للإنسان، الأمر الذي يؤدي إلى أخطار الإصابة بالإمساك وأمراض الأوعية الدموية، والبواسير، واضطرابات الأمعاء وسرطان القولون (لا قدر الله) وزيادة نسبة الكولسترول الضار في الدم وفي جدران الشرايين الدموية، وذلك لقلة خروج الكولسترول الزائد ومتبقيات أحماض الصفراء من الأمعاء. وتوجد تقارير علمية حديثة تفيد عن حصول انخفاض مهم في كولسترول الدم لدى الأفراد الذين يتناولون الخبز العالي الألياف الغذائية، خصوصا الأنواع المحتوية على نخالات الشعير والشوفان. كما تساعد الألياف الغذائية على تخفيف بعض أمراض القناة الهضمية مثل السكري. ولأهمية الألياف الغذائية في غذاء الإنسان فقد أوصت كثير من المنظمات الصحية العالمية بزيادة معدل استهلاك الألياف الغذائية إلى مستوى 20-35 جم يوم في غذاء الإنسان. ونتيجة لتلك التوصيات فقد ازداد الإقبال على استهلاك الخبز المحتوي على النخالة أو المصنوع من دقيق الحبوب الكاملة. كما كثر إجراء التجارب والأبحاث لإدخال مصادر غذائية مختلفة من الألياف في الخبز، وذلك لسهولة امتزاجها مع عجينة الخبز. ومن أمثلة هذه المصادر قشور البطاطس، وفول الصويا، وأغلفة الفول السوداني، وقشور التفاح، ومسحوق نوى التمر. ومازالت هذه الأبحاث قائمة للكشف عن مكوناتها الكيميائية وسلامتها وخلوها من المواد السامة والمثبطات الغذائية الضارة. وأمور أخرى ينظر للخبز إلى أنه وسيلة مهمة ومضمونة لسد بعض الاحتياجات الغذائية بصورة كافية للأفراد. ولا يكون رفع القيمة الغذائية للخبز من خلال مكوناته الطبيعية فقط، بل أيضا من خلال إضافة عناصر غذائية إلى الخبز من مصادر طبيعية أخرى ضرورية لحماية المستهلك خصوصا الطفل من أمراض الكساح وفقر الدم. ويكون ذلك إما بالاسترجاع، أي بإحلال عناصر غذائية محل العناصر التي فقدت خلال طحن القمح، إلى أن تصل إلى مستوياتها الأصلية في الحبوب الكاملة. وإما بالتدعيم، أي إضافة عناصر غذائية لم تكن متوافرة أصلا في طحين القمح. أو بالإثراء، أي رفع كمية العناصر الغذائية التي كانت متوافرة أصلا في الدقيق. وتحرص أغلب الحكومات على ألا يباع الدقيق الأبيض في الأسواق إلا وهو مثرى بكربونات الكاليسوم والحديد والشيامين أو ما شابهها، وفي الوقت نفسه تراقب بدقة مستويات الإضافة بحيث يضمن المستهلك بأن مستوى تناولها لا يزيد على حاجته. الحفظ الأفضل لا تتأثر القيمة الغذائية في الخبز عند حفظه سواء على الرف أو في الثلاجات أو في الفريزر. ولكن طزاجته تقل بدرجة كبيرة عند حفظ الخبز مبردا، أو غير مغلف، حيث إنه يفقد الرطوبة بسرعة، ويصبح ناشفا خلال ساعات، وبذلك لا يستساغ أكله، وقد يتجلد الخبز في المنازل أو يظهر عليه النمو الفطري فلا يصلح استهلاكه. وأفضل وسيلة لحفظ طزاجة الخبز في المنازل لفترة طويلة هي التجميد عند درجة حرارة لا تقل عن -18م، شريطة أن يجمد طازجا ومغلفا بصورة جيدة. وحينما يأتي وقت الاستهلاك فإن الجزء المراد استهلاكه هو الذي يصهر فقط بداخل عبوة الخبز، ويكون ذلك عند درجة حرارة الغرفة وفي خلال ساعة واحدة، ثم يسخن الخبز في الفرن لإعادة طزاجته مرة أخرى. ولا يجمد الخبز مرة أخرى بعد صهره وتنتهي فترة صلاحية الخبز بانتهاء فترة الصلاحية المكتوبة على العبوة. وقد تنتهي قبلها عندما يشاهد المستهلك مواد غريبة أو حشرات ميتة أو نموا فطريا على سطح الخبز، وظهور أعراض فقد الطزاجة التي تشمل فقد الطراوة والنكهة المألوفة، ودكانة لون اللب وجفافه، وزيادة رطوبة قشرة الخبز. وآخر مرحلة من مراحل تجلد الخبز وتيبسه هي مرحلة تفتت اللب، والتي تعني فقد الخبز لطزاجته تماما. وينبغي على المستهلك أن يهتم بتاريخ إنتاج الخبز أكثر من اهتمامه بتاريخ الصلاحية، كما يجب عليه ملاحظة المكونات الداخلة في صنع الخبز خصوصا فيما يتعلق بأسماء المحسنات التجارية المسموح بها. ولسوء الحظ فإنه لا توجد وسائل مثالية لحفظ الخبز طازجا لفترة طويلة، وذلك لقابلية الخبز للتجلد، أو التيبس بعد يوم واحد من الإنتاج. ورغم هذا يعد الخبز من ضمن أكثر الأغذية أمانا، ولا يختلف اثنان على أهمية الخبز في طعام الإنسان، وعلى أن الخبز طعام يمد الإنسان بجزء كبير من احتياجاته الغذائية أكثر من أي طعام آخر، ولكن مع هذا فقد توجد أخطار مرتبطة مع طريقة إعداد الخبز وتناوله وتخزينه. فقد يتسمم المستهلك بعد تناوله خبزا ملوثا بسموم فطرية، أو بمتبقيات مبيدات زراعية، ومعادن ثقيلة ومواد مشعة، أو بأحياء مجهرية دقيقة وذباب وحشرات أخرى، أو بملوثات صادرة من عوادم السيارات أو الدخان الموجود في الهواء، وخصوصا إذا تم تداول أو عرض الخبز غير المغلف في أماكن مكشوفة. وتحتوي مكونات الخبز على بعض الصفات الغذائية السلبية غير أنها تؤثر على عدد نادر من المستهلكين. ومن هذه الصفات الإصابة بمرض سيلياك بسبب وجود الجلوتين، (وهو البروتين السائد في دقيق القمح بعد خلطه مع الماء كماسبق ذكر ذلك). وأغلب المصابين بهذا المرض الوراثي هم من الأطفال. ويعتقد بعض العلماء أن بروتينات القمح تساهم في الإصابة بمرض الفصام (انشطار الشخصية) لدى عدد نادر من الأفراد ذوي القابلية الوراثية للإصابة. وقد تؤدي كثرة النخالة إلى زيادة نسبة حمض الفيتيك في الخبز، وبالتالي الإصابة بمرض فقر الدم خصوصا لدى الأطفال والنساء البالغات، لأن مواد النخالة قد تعيق امتصاص الحديد والكالسيوم وبعض المعادن الأخرى الموجودة في غذاء الإنسان. وتزداد نسبة حمض الفيتيك في الخبز إذا استعملت بيكربونات الصوديم بنسبة كبيرة في تخميره. ومع دور الخبز المهم في تغذية الإنسان، فإنه غير كامل غذائيا، فهو وحده غير كاف لتدعيم حيوية الجسم لنقص بروتيناته من بعض الأحماض الأمينية الأساسية كاللايسين، وكذلك لنقصانه من بعض الفيتامينات الهامة مثل أ، و ج، وب12، الذي يقي الجسم من مرض فقر الدم.