عبد السلام العجيلي: مزيج من الطب والأدب والسياسة!!

الكاتب والقاص السوري الدكتور عبد السلام العجيلي أحد رموز الحركة الأدبية في سوريا، ورغم اشتغاله بمهنة الطب وهويمارسها إلى الآن في عيادته بالرقة،إلا أن له نشاطا أدبيا ملحوظا ليس في سوريا وحسب، بل على مستوى الوطن العربي. ولد الدكتور عبدالسلام العجيلي في مدينة الرقة، على شاطئ الفرات في شمالي سورية، عام 1918وتلقى دراسته الابتدائية في الرقة والثانوية في حلب والجامعية في دمشق، ثم حصل على شهادة دكتوراه في الطب من الجامعة السورية عام 1945 في عام 1947 انتخبته الرقة نائبا عنها في المجلس النيابي السوري، وفي عام1962 عين وزيرا، وتنقل بين وزارات الثقافة والخارجية والإعلام. بلغ عدد إصداراته أربعين كتابا، منها ديوان شعر واحد وثلاث عشرة مجموعة قصصية، وست روايات، وخمس مجموعات من المحاضرات، وثلاثة كتب عن الرحلات وثلاثة أخرى على هامش ممارسته الطبية، والباقي مجموعات مقالات ومنوعات أدبية مختلفة، كما ترجم بعض أعماله إلى لغات أجنبية يتجاوز عددها الثلاث عشرة. عرف إلى جانب عمله الطبي ومساهماته الاجتماعية بنشاطه كمحاضر وكاتب مقالات دورية في المجلات، كما عرف بمشاركته في المؤتمرات العلمية والثقافية، من محلية وعربية ودولية، وبأسفاره المتوالية لولعه بالترحال وتلبية لدعوات تلك المؤتمرات. الطب والأدب صدرت للكاتب أولى مجموعاته القصصية عام 1948، وهو لايزال إلى الآن يعطي حتى بلغ عدد أعماله أربعين كتابا في مختلف الفنون الأدبية، وعشرات وربما مئات من المقالات والأحاديث والحوارات التي نشرت في صحف العالم العربي والغربي. ويتحدث الدكتور العجيلي في مقابلة صحفية عن تجربته الممتزجة بين الطب والسياسة والأدب معا فيقول: عمليا أنا أعتبر نفسي طبيبا قبل كل شيء، لأن الطب هو العمل الذي نذرت نفسي له، والذي أخصص له الأكثر من وقتي، والذي استمد منه قوام حياتي المادية. الآخرون يغلبون صفتي الأدبية على غيرها من الصفات، كقاص وروائي في الدرجة الأولى، ثم ككاتب مقال ومحاضر وربما شاعر بعد ذلك. أما عن علاقته الحميمة بالأدب فيقول بدأت منذ أكثر من خمسين عاما بإنتاج الأدب في وسط اجتماعي تغلب فيه الأمية، ولا يعير الأدب المكتوب أية أهمية، إذا لم يكن يجهل وجوده كل الجهل. تغيرت الأحوال منذ تلك الأيام وأصبح للأدب قيمته في المجتمع الذي أعيش فيه وأمارس فيه مهنتي كطبيب. وتغيرت هذه الأحوال بصورة تدريجية، أوضحها لك من خلال بعض الوقائع التي مرت بي في هذا المجال. في فلسطين كالكثير من الشباب والقوى الوطنية العربية، فقد انخرط الدكتور العجيلي في صفوف جيش الإنقاذ الذي حارب في فلسطين عام 1948 بقيادة فوزي القاوقجي. وعن هذه التجربة يقول العجيلي في عام 1947 صدر من هيئة الأمم المتحدة قرار بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في منتصف أيار عام 1948، وبتقسيم هذا البلد العربي إلى دولتين عربية وعبرية. لم يقبل العرب شعوبا وحكومات بالتقسيم وتهيؤوا لمقاومته بالقوة. تقرر تأليف جيش الإنقاذ من مجاهدين متطوعين من البلاد العربية خارج فلسطين لهذه الغاية. كنت إذ ذاك نائبا في البرلمان السوري. تركت مقعدي في المجلس النيابي آنذاك وانضممت إلى هذا الجيش ملتحقا بفوج اليرموك الثاني الذي كان يقوده الرئيس، وهو ما أصبح يسمى اليوم، الرائد أديب الشيشكلي. وكان قد سبقني في الانضمام لهذا الفوج زميلي في النيابة أكرم الحوراني نائب حماة في ذلك الوقت، كما انضم إلينا بعد ذلك زميل ثالث هو غالب عياشي نائب إدلب. كان القائد العام لجيش الإنقاذ هو فوزي القاوقجي، وتحت إمرته فوج اليرموك الأول، ولكن فوجنا كان أول من دخل الأرض الفلسطينية بغاية محاصرة المستعمرات اليهودية واحتلالها لإفشال مشروع التقسيم قبل تنفيذه المحدد في 15 أيار 1948. اجتزنا الحدود من جنوب لبنان إلى منطقة الجليل الأعلى الفلسطينية في ليلة الثامن من كانون من ذلك العام، وبدأنا عملياتنا العسكرية التي استمرت طيلة خمسة شهور متتالية ولم تتوقف إلا حين تدخلت الجيوش العربية الرسمية حين حل موعد التقسيم بحلول منتصف شهر أيار.