ليتها لم تذهب
أرتمي في حضن الظلام يستنزفني الشوق ويعتصرني الأسى.. أشعر بالغربة.. أناجي ربي.. أسترجع الذكرى، فأبكي ويعاودني الحنين إلى صديقتي التي أفتقدها في زمن الغربة. جمعتني مع صديقتي أرق المشاعر.. وأنبل المواقف.. إنها توأم روحي وشقيقة عمري. كانت نبراسا في طريقي ومثلي الأعلى بعد والدي ووالدتي. كانت إنسانة محافظة ومستقيمة لاتترك الواجبات الدينية وتحرص على النوافل من صلاة وصيام وتهجد وحضور محاضرات، كان نور الإيمان ينبعث من وجهها أما نشاطها في المجال الدعوي والخيري، فهي كالنحلة من دار تحفيظ إلى أخرى ومن محاضرة إلى أخرى وكانت دائمة النصح والتوجيه. قرع جرس الرحيل معلنا نهاية الرفقة ورحلت صديقتي إلى عالمها الجديد مع رفيق دربها وفارس أحلامها. فرحت لها فرحا شديدا وفي نفس الوقت تألمت لأنها ستبعد عن ناظري. لاأنسى يوم زفافها فقد كنت بين أمواج الحزن المتلاطمة وصور الفرح المتمازجة ومما زاد ألمي أن صديقتي سوف تسافر مع زوجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتحضير الدراسات العليا. في اليوم الثاني من الزواج سافرت، وودعتها وبكل ألم بكيتها. في لحظات الفراق كنت أتجول في سفينة أحزاني وأسألها متى ستعود صديقتي، وتمر الأيام والسنوات وما أثقلها عندي وأنا أنتظر مجيئها من شدة شوقي لها. عادت صديقتي ورأيتها ولم أكد أصدق نفسي. لقد تغيرت ونزعت حجابها وليتها اكتفت بذلك، بل راحت تدعو إلى نزع الحجاب وترى أنه تخلف ورجعية. تلدغني جروحي فأهرب إلى عالم الخيال وأتسلل إلى واحة النسيان. دموعي أصبحت تنزف من قلبي الجريح، لم يجد القلب الجريح مداويا من العذاب الذي يعتصره، بل أصبحت تلك الآلام والجروح في ازدياد ودموعي تحرق عيوني الحزينة.