إلى أمي

في ليلة ملبدة بالكآبة مللت جمودي وكآبتي وخرجت .. خرجت مثقلة بألمي وحزني فرأيتك تنظرين إلى السماء تتوسلين وتدعين بصلاة يرق الحجر لكلماتها. فنزعت عني آلامي وقيودي وعلمت أن راحة النفس في راحتك وسلامتها بسلامتك وسعادتها في الهالة النورانية التي نثرها الله حول جسدك. ما شربت كأسا علقما إلا وكنت له العسلا وما صادفت عقبة حرجة إلا وجعلتها أمامي سهلا أخضر. كم مرة سترت ألمي وحرقتي برداء حول الألم إلى بهجة وانقلبت الحرقة بردا وسلاما ما أودعك يا أمي وما أحلاك .. ما أعذب أغانيك تغنيها لننام وقصة تحكيها لنشيد الأحلام أنت.. أنت بانية الحياة أنت لسان الأبدية. في الربيع أسير حيث تتصاعد أنفاسك بخورا وحنانا وفي الصيف نجلس معا تحت عريشة في الدار لنتناغم بأجمل الكلام. وفي الخريف تمسحين دموع الكآبة. وفي الشتاء أبحث عن مضجعك لألتمس دفئا أبديا نقيا. فأنت عطر الربيع وكرم الصيف ومواساة الخريف ودفء الشتاء. ما أكرمك يا أمي وما أشد حنانك على أبنائك المنصرفين عنك الضائعين في متاهات الحياة. نحن نخرب وأنت تصلحين، نحن نذنب وأنت تكفرين، نحن نهجع لنحلم وأنت تحلمين بسهرك كيف ستكون أيامنا، ما أوسع صبرك، وما أشد احتمالك، ما أنت ومن أنت. أشجرة شقت الأرض وتعالت وتتعالى لتشق الأثير وتمضي إلى العالمين أم جوهرة وضعها إله الأرض نبراسا لسكان الأرض. أنت.. أنت بصري وبصيرتي أنت ألمي وفرحي أنت.. أنت الجمال في عيني والشوق في قلبي. أنت الخلود في روحي أنت أمي ولو لم تكوني لم أكن. إلى كل أم في هذه الأرض ضاع أريجها بين أنوف البشر لا تحزني ولا تجزعي أمي سيتصاعد أريجك حرا طليقا إلى الغلاف الأثيري حيث جنان الخلد حيث تحفظ أنفاس الأزهار.