سيد الفصول

نسائم الخريف تحرك أعماقي تلامس شغاف القلب بلمسات رمادية محببة، تبعث ذكريات هجعت منذ فصول أو منذ دهور. لا أدري.. تعيدني إلى ذاكرة أحاول أن أفقدها قبل وبعد كل خريف.. ذاكرة تعيد لي شريط ذكريات حرب بسوس بيني وبين قدري دامت أربعين عاما كاملا أبطالها أفراد عشيرتي وضحيتها أنا وحدي فمن يأخذ بثأري؟! نسائم الخريف صديقتي الوحيدة لأنها توأم روحي ، تعري الحقائق أمامي وتجعلني أكثر واقعية فأتصالح مع نفسي وأحب الحياة. سماء الخريف غير كل السماوات، تعكس صفحة روحي بغيومها البيضاء المتناثرة وغيومها السوداء المدلهمة كجبال من هموم متراكمة لا يبددها سوى انهمارها دموع سخية تغسل وجه القلب. أهلا بك يا سيد الفصول، يا أمير الحب والحزن معا. بك تتجدد لحياة وتهفو النفوس لعناق أمل جديد بعطاء جديد. فيك توقد مصابيح جديدة بزيت جديد. وفيك .. ترسم أحلام وأحلام بانتظار ريشة خضراء تبشر بخير عميم ورياش ملونة بحلو القطاف وطيب الجنى. أنا عاشقة للخريف كعشقي لأحزاني وعمري الموؤود ظلما وحيفا، أعشق تجهم السماء كتجهم روحي ولا تبتسم إلا حين تغتسل بدموع تريح صدرا أمضه الإباء. أعشق الريح التي تزوبع فتكنس ركود الألم وتثير الشجن ثم تذروه في فضاءات الغيب بعيدا بعيدا، وبعدها تهدأ الأوجاع ويجلو العين هتون العزاء.