مساحات للروح

كانت أيامي عادية تمر بشيء كثير من للرتابة والضجر.. اللذين ضيقا علي فأشعر بتوق جلل لأن أكون وحدي.. لأنني عندما أكون وحدي فقط.. اشعر بوجودي.. وبلذة إنسانيتي. وأكتشف معالم كوني وخفاياه لأن كلا منا هو عالم صغير.. ففي وحدتي سكني .. وما تخلده وحدتي لن تمحوه الأيام والليالي الفانية.. لقد كبلني جسدي .. وجعل روحي أسيرته، لذلك كنت أتوق وأحتاج لحريتها.. لأن في حريتها حريتي.. ولا أريد أن أسلمها إلى الظلام البارد.. أما روحي فلا أريدها أن تبتعد عني مطلقا.. لأن في قربها مني شعوري بالوجودية.. فما أروع تلك اللحظات التي أمضيتها وحيدة مع روحي.. فحاسبتني على ما فعلت.. ووجدت نفسي مقصرة كل التقصير.. ربما كنت أجهد النفس مفكرة في ساعات انفرادي بما يصنعه القدر في.. لكنني كنت أرى نور الحياة للحظات وأسمع نغمة غريبة هي صدى روحي المتكلمة معي.. ولكن باطلا كنت أفكر وأفكر.. لأن تلك القضبان الحديدية التي صنعتها بشريتي لن تكسرها شفافية روحي ورقتها.. وهذا الملمس الناعم الذي كان يسبح أفكاري وعواطفي قد تحجر بزمن كهذا.. وأما النفوس الشريرة التي أقابلها كل يوم فقد قتلت العاطفة البريئة التي أحياها الله في قلبي فكيف بي أجلس مع روحي وأؤنسها وأتذكر في أي زمن صعب أنا.. وكيف وصلنا إلى هذا الحد من نسيان العفوية والطبيعة.. وكيف نتعامل مع أنفسنا على قدر ما في جيوبنا.. وعندما يتعاظم هول أفكاري التي تتضارب مع كل صوب أجلس منفردة مع روحي.. وأتمعنها بكل وجل واكتئاب.. أتعلم لم أجلس منفردة.. لأنني أقابل روحي.. واترك من وقتي مساحة للروح.. فأتذكر بذور الخير التي زرعها الله في أفئدتنا، فأسأل الله بقاءها بذورا حية.. وعندما أترك من وقتي مساحة للروح أحس بقوة خفية غريبة فيها من الرقة والقوة ما يجعلني متمسكة بها لأنها تذكرني بدنيويتي وضآلتي أما قوة الله العظمى.. وعندما اترك من وقتي مساحة للروح .. أحس بدنو الجسد وفنائه أمام رفعة الروح وخلودها فأقدر كم هو عظيم عمل الخير في أيام قاسية كهذه.. وكم هي فانية الأيام والليالي أمام كون واسع جلل.. وبمشاعر عفوية صادقة وبأعين طافحة بالدموع تخرج من شفاهي المرتعدة .. كلمة الله لتبيد هذه الكلمة الجلل آثامي وذنوبي الصغيرة وتخرجني متحررة من محكمة الضمير التي أوقفتني فيها تلك المساحة الصغيرة لروحي.. فهل يجدر بي ألا أمنح من وقتي كل يوم مساحة صغيرة لروحي.. وبها أحسست بحريق وحرية روحي التي فقدتها منذ زمن بعيد..