للسـفر

ياأيها الرفيق .. بحثت عنك لنغادر في رحلة سفر وجهزت حقيبتي .. فما وجدتك أين أنت؟ لأخبرك أنني سقيت البنفسج جيدا.. وهمست له بكلمات الوداع وأودعت أحزاني خيوط عنكبوت واهنة.. وأوصيتها بالصمت لكن.. إلى حين.. فأصبح كل شيء جاهزا.. لغياب قصير وأخذت تذكرتي سفر.. من يد الزمان.. بعد أن أذن لنا بالذهاب لكن بشرط لا لرجوع.. مع قطرات مطر.. وعنونت في أعلى دفتري المدرسي الصغير.. يوم سفر وألغيت كل المواعيد.. لأن موعدي الأهم.. إنه سفر إلى الحنان.. إلى عالم آخر.. نتعلم فيه لغة غريبة.. علها تلائم هذا الزمان أو ربما.. عودة إلى أماني الطفولة.. لكن.. لا تخف أيها الزمان.. لن نغيب طويلا.. فلا تخف سنعود.. وتعود بقسـوتك علينا.. رياحك الهوجاء العاتية.. التي تعصف بكل بنـاء.. بمن فيه أبرياء .. فتطفئ أنوارا.. وتخطف أحلاما.. وتمحو جملا ستعود بكل ما فيك من غربة وعناء.. فأمهلنا لحظات قليلة.. ثوانيا فقط ثم.. ليرجع كل شيء برجوعنا أناشدك يا قدر .. أن تحبس عنا أنفاس مفاجآتك.. ولو إلى حين انتظرنا. أيها القدر .. لأننا لن نطيل السفر سنذهب في رحلة إلى أرض التمني.. إلى الربيع المنتظر الذي لم يسبقه شتاء .. ولم يتله صيف وسنختار روضا من ياسمين.. فيه مقاعد من رياحين.. وماء .. وصوت عندليب صغير وسألبس من ذاك الياسمين المسحور .. سوارا ألفه على معصمي وأنساه.. نعم .. إنه سفر.. ستأخذنا شمس الغروب معها وبعدها.. نفسح مجالا للقمر.. ليضيء لكن هذه المرة سيطيل مكوثه الجميل.. ويتألق.. أكثر .. وأكثر.. آه.. لو أن الشمس تنسانا.. وتتركنا أسرى الأفق أفق الكون العظيم.. أفق يتسع لروحين.. وربما لأكثر لأننا لسنا الوحيدين في رحلة سفر رافقني يا صديقي.. لا تتردد إلى مكان الأحلام.. إلى عالم يجهله الأنام حيث أتنقل في عربة الفجر.. لأعزف لحنا على الناي.. لم يسمعه بشر.. لأعيش لحظات مع الحلم.. ليتورد أمل في نفسي.. لأحبو من جديد.. على الرغم من كبري.. لينساني الدهر.. فتاة المائج الذهبي.. فتاة القمح الأصيل والزند الأسمر .. ثم تعالى بعدئذ .. لنعود معا في أفول أخير. لكن إن لم تفعل .. تكن قد جنيت على نفسك بالكثير وجعلت مني لوحة خريفية.. حزينة بهتت فيها الألوان.. وخفت بريقها أو ربما تمثالا من بشر.. ميتا لكن واقفا على قدميه كالصفصاف بيده سوار من ياسمين.. وعلى جبينه آثار حفر .. نقشت عليه ثلاثة حروف.. تجمعها كلمة سفر