العملة تدمر اقتصاد دولة

من أصعب السياسات النقدية هي ضبط سعر "العملة" للاقتصاديات غير المرنة، والتي تتأثر بمصادر دخل محددة وتكون خاضعة للتقلبات السعرية أو الدخل، وتحاول الدول العمل على استقرار العملة والتسعيره حين يربط بعملة بما يتسق مع الوضع والحالة الاقتصادية بحسابات اقتصادية يقدرها البنك المركزي. حين تتعرض العملة لتقلبات سعرية أو ضغوط وهي عديدة وكثيرة فالبنوك المركزية تعمل ضمن سياساتها على الحفاظ على سعر العملة مستقرا بحماية لها من خلال ضخ مالي أو تصريحات تطمينية، وغيرها من سياسات حفظ استقرار العملة. 

وسعر العملة لأي دولة هي أهم مؤشرات أو "ترمومتر" للاقتصاد، مدى قوته تماسكه توازنه وهذا مهم للدولة كدولة مصدرة أو مستوردة أو استثمارات لها أو مستثمرين أجانب فالعملة هي مؤشر حاسم اقتصاديا، وقد يؤدي أي اهتزاز اقتصادي أو سياسي إلى أثر مباشر على العملة، وهذا ما سينعكس سلبا أو إيجابا عليها.

ولكي نضع مثال واقعي أمامنا اليوم، ننظر للريال القطري، الذي انخفض لمستويات لم يصل لها منذ 1988 ميلادية أي منذ 30 سنة تقريبا، بسبب "المقاطعة" الاقتصادية والسياسية للدول الأربعة: المملكة والإمارات والبحرين ومصر، ولعل مقاطعة المملكة خاصة هي الأكثر تأثيرا وأثرا على الاقتصادي القطري باعتبار أنها تملك الحدود البرية الوحيدة معها وأيضا اعتماد قطر بصورة كبيرة على ما تستورد من المملكة ووجود مستثمرين سعوديين وأيضا قطريين بالمملكة. 

اليوم الريال القطري أصبح مرفوضا في دول العالم كعملة تتداول صرفا، حتى بين البنوك الخليجية، ماذا سيفعل البنك المركزي القطري؟ سيدعم؟ ثم ماذا وإلى أي مدى؟ إنه استنزاف مالي لقطر بلا عائد وسيؤثر كثيرا في الاحتياطي للبنك المركزي، والدول الخليجية قد تتخذ مزيدا من الإجراءات وقد يضاف دول أخرى، وسيتسمر الاستنزاف للاحتياط القطري، ماذا عن يقين المستثمرين والدائنين لقطر وارتفاع التكلفة للسندات وهذا مكلف جدا ونتحدث عن مليارات الريالات ستدفع، انخفاض العقود الآجلة ماذا يعني؟

 إن المتعاملين غير مطمئنين لمستقبل الريال، رغم ربط الريال القطري بالدولار ولكن ذلك لا يحميها في ظل ما يحدث اليوم من "انعدام الثقة وعدم اليقين والثقة" التي أصبح الريال يعاني منها اليوم، وارتفاع تكلفة الديون القطرية وهي تتجاوز 300 مليار ريال. اتحدث فقط عن أثر وتأثير عملة في اقتصاد غير مرن ويستنزف يوميا، هذا ما فعلته "السياسية" القطرية وهذا فقط نتيجة مقاطعة ناعمة لم تصل ذروتها، والقادم سيكون أسوأ اقتصاديا يوما بعد يوم.

بقلم: راشد بن محمد الفوزان - الرياض