التخصيص.. لماذا الآن؟


 ارتفعت وتيرة التوجيه نحو التخصيص والمطالبة بها، وهو توجهه صحيح ومهم وحاسم في الوضع الاقتصادي، فالدولة -أي دولة- لن تستطيع أن تواجه متطلبات التنمية والنمو الاقتصادي من خلالها فقط ومواردها، فالموارد سيأتي يوم لا تكون كافية أو تعاني من مصاعب أو عجز، وأيضا الإدارة تحتاج إلى الكثير من العمل للخروج من النمط الحكومي الغالب عليه البطء والبيروقراطية، وضعف المنجز وتأخره الذي أصبح سمة العمل للحكومات، وهذا ما يضع التحدي بالتوجه نحو الخصخصة بغرض رفع الكفاءة والأداء وتخفيف العبء على كاهل الدولة، وأيضا يمكن أن يضاف لها أنها فرصة للمواطنين بأنها أحد فرص الاستثمار التي يفترض أن تتيح فرصا استثمارية جديدة؛ ولنضرب مثالاً لنجاح الخصخصة وإن كان جزء منها، فالخصخصة لا تعني أن يخصص كل القطاع بل جزء منه وبنسب متفاوتة، فمثلا حين خصصت الدولة بجزء من أسهمها في شركة الاتصالات السعودية تغير أداء الشركة للأفضل -مع دخول المنافسة- تطور العمل أيضا، فمنها تغيير إداري ومنافسة، فلا مخرج إلا من خلال التطوير للعمل والأداء وهذا ما حصل وانتهت طوابير الانتظار والأسعار الخيالية، فالتخصيص إذاً خفض السعر وطور الأداء ورفع الكفاءة، وهذا ما يجب أن نؤمن به من خلال الدعود للتخصيص، فالدولة يجب أن تتوجه للعمل السيادي الذي لا يمس وتمنح فرصة أكبر للقطاع الخاص، ويتحمل العبء عن الدولة، وفق تشريعاتها وتنظيماتها ورقابتها، فلا يعني التخصيص أن ينفرد القطاع الخاص بالجمهور والناس بدون رقابة وضابط عليه، لا أبداً، ولكن التطلع أن الخصخصة والقطاع الخاص يمكن لهم عمل الكثير من التغيير والتطوير في الأداء، فمنها المطارات، التعليم بجزء منه، القطاع الصحي بجزء منه، الأنفاق، الطرق، المياه، المرور، وغيره كثير مما يمكن أن يخصص ووفق تنظيم واستراتيجية محدد تضعها الدولة.

الأن يتداول خصخصة شركة "أرامكو" ويجب أن ندرك أنه جزء من أعمالها ولا يشترط كل أعمالها، وهذا مفيد أيضا هذا التوجه بحيث، يكون أكثر شفافية ووضوح، وأيضا إدارة ورقابة، واكتتاب بتمويل من خلال علاوة الإصدار التي ستعتبر جزءا مهما من أصول الشركة في استثماراتها، ويجب أن نقر أن التوجه للقطاع الخاص سيسهم بفعالية أكبر له، وأنه مصدر المال والعمل والثروة الحقيقة للأفراد، وهي متاحة للجميع، والتخصيص الأن يعني فك وتخفيف أعباء عن الدولة، وليس تنازلاً بقدر تخصيص أجزاء أو أغلب حصصها بالقطاع العام، لكي يتحسن الأداء وترفع مستويات الكفاءة، وهذا هو التحدي بحيث لا يشكل عبئا مضافا على المواطنين، ومعها سيتحسن الأداء والأعمال لهذه القطاعات الحكومية، ونلحظ شركات المياه وشركة الكهرباء كيف تطورت وتغير الأداء للأفضل، فقط امنحوا الفرصة للقطاع الخاص بمزيد من الوقت والعمل والأداء، وأعتقد أننا سنرى نماذج ناجحة كما حصل في شركة الاتصالات السعودية.

بقلم: راشد محمد الفوزان - الرياض