أكثر من قرن على وفاة فيكتور هوجو .. لكن البؤس يبقى مستمرا!!

قلما حظيت رواية عالمية بالألق والمكانة التي احتلتها رواية البؤساء، والتي كتبها الشاعر والروائي الفرنسي فيكتور هوجو عام 1862، أي بعد ستين عاما من ولادته عام 1802. ولا تأتي أهمية رواية البؤساء من كونها عملا إبداعيا ينتمي إلى الدراما الرومانسية فحسب، بل هي اعتبرت تأريخا واقعيا للثورة الفرنسية، معطيا إياها بذلك بعدا آخر من البقاء والديمومة، فقد استطاع من خلال تلك الرواية أن يجسد المجتمع الفرنسي في تلك الحقبة ببراعة تصويرية فائقة عكست بؤسه وتناقضاته وتسلط أغنيائه وثورة فقرائه. ولا تقل روايته الشهيرة الأخرى أحدب نوتردام أهمية عن البؤساء، فقد صور فيها أيضا الواقع البائس للمجتمع الفرنسي، وإن كان قد صور هذا البؤس في شخصية الأحدب كازيمودو قارع أجراس كنيسة نوتردام الشهيرة في باريس، والذي أحب الغجرية أزميرالدا وصراعها وأصحابها، من البؤساء والمتشردين الذين اجتاحوا حي نوتردام، مع قس الكنيسة وما له من قوة وسلطة وبطش. هذا الحب الطاحن لم يخفف أبدا من الروح الثائرة لهوغو على الظلم والاستبداد، لتجعل من رائعته أحدب نوتردام صرخة أخرى على الاستبداد لا تقل عن تلك التي حملتها رواية البؤساء. عاش فيكتور هوجو حياة مضطربة في ظل ملاحقة السلطات له على الدوام، ثم نفيه إلى جزيرة جرسي، الأمر الذي انعكس على أعماله الشعرية والروائية والمسرحية، كما كان لخيانة زوجته له أثرا عميقا على نفسه. هوغو الشاعر يعتبر فيكتور هوجو من أعمدة الشعر الفرنسي، غير أن شعره كانت تعتريه نزعة نرجسية نابعة من اعتداده الكبير بنفسه وتفكيره. ويعبر عن هذا الاعتداد في إحدى قصائده قائلا: أنا من يسمونني شاعرا أسبح في الليالي الرطبة أنا من يسمونني شاعرا أصعد الأدراج المعتمة إضافة إلى ذلك ، فقد كان فيكتور هوجو معجبا أشد العجب بالقائد الفرنسي الأسطوري نابليون بونابرت، فقد مجده في أشعاره ووقف إلى جانبه حتى في أحلك الظروف التي تعرض لها هذا القائد إثر هزيمته المرة أمام الروس: انهمر الثلج وهزمنا بحربه لأول مرة يطأطئ النسر برأسه كان الإمبراطور هنا وكشجرة يقف كسنديانة حية أهانها فاس وجف مات فيكتور هوغو عام 1885 بعد حياة حافلة بالتمرد والنضال من أجل البؤساء، وفرنسا أيضا التي خلدته في ضميرها، ومنحة الكثير من شوارعها ومدارسها اسمه، ليظل رمزا لضمير أمة.