وقت الرحيل..

أشعر بشيء في نفسي... شعور لم أعهده من قبل... فأقرر الجري.. بعيدا... وأنظر إلى الأمام.. وأسرح بعيدا عن كل شيء.. فأصطدم بجدار الواقع.. آسفة.. وأرحل نحو الماضي.. بعيدا... عن كل شيء.. لا صوت.. ولا خطوات تحميني.. عندها نكتشف أن الزمن ليس لنا.... وأن المكان ليس مكاننا.. والإحساس قد لا يشعرنا بالأمل... وتصبح مدن أحلامنا بعيدة عنا وقريبة من الماضي... كل شيء بات بعيدا من خريطة أعماقنا.. يأذن لنا بالرحيل.. فنرحل.. بلا تردد... بلا صوت... نرحل.. ونبحث في أحشاء ماضينا.. عن شعاع ينور مستقبلنا... نتلمس فيه عبق حاضرنا.. نملك أجمل إحساس.. يجمل لحظة فراق.. قررناها.. لنبرر تفسيرا للهروب والضعف... فنجد آمالنا.. في لحظة تتجمد.. ويبتعد الجميع عنا.. ونغلق أبوابنا... لا شيء يمنعنا.. من الاعتراف بأن حبنا واشتياقنا للبعد عن مكاننا... أفضل من البقاء... حتى نكتشف أنه بعد الرحيل يبقى كل شيء كما هو... ويكتشف بعضنا أن البعد يبقى كالصدى في القلوب.. يحرق كل ما مضى ويبقينا.. حين نقرر الرحيل... ندفن كلماتنا في قلوبنا خوفا على من اعتقدوا ببقائنا.... وخذلناهم.... وستبقى مساحات شاسعة من القلب صفحة بيضاء ليمارس بعضنا ترجمة حنينهم... في لحظة فراق.. ويقيننا أنه مهما ابتعدنا.. أن للصمت.... قلوبا تسمعه.. وترسم له طريقا عابرا.. رغم كل شيء.. فالبدء من جديد.. في عالم قد يفسر ضعف دموعنا.. يحمل أرق إحساس.. ويبعث أعذب الكلمات لمن اعتقدوا ببقائنا.. ومنحونا مساحات من الثقة... لنترجم محبتنا لهم بمساحات لا تحمل أي حدود..