نوبل نيبول .. جائزة للآداب أم لغاية في نفس أبناء يعقوب؟!

ترينيداد جزيرة صغيرة من جزر البحر الكاريبي لا تكاد ترى بالعين المجردة، وهي قبالة السواحل الشرقية لفنزويلا الشهيرة بتصدير النفط والمسلسلات الأسطورية. هذه الجزيرة - الصخرة - دخلت التاريخ بواسطة أديبها فيديادر سوراجبراساد نيبول، الذي حصل على أعلى جائزة أدبية معاصرة، وهي جائزة نوبل للآداب لهذا العام 2001 من الأكاديمية السويدية، وليقف كتفا بكتف مع ونستون تشرشل السياسي البريطاني المرموق، والأديب إن اقتضت الضرورة !!. أصول هندوسية تعود أصول نيبول المولود عام 1932 في شاغواناس قرب مرفأ أسبانيا في ترينيداد إلى أسرة هندوسية هاجرت من الهند واستقرت في هذه البقعة من العالم. كان جده يعمل في قطع قصب السكر، وزاول والده الصحافة والكتابة. غادر نيبول في سن الثامنة عشرة إلى إنكلترا حيث حاز شهادة في الأدب عام 1953 من جامعة أوكسفورد. وهو يقيم منذ تلك الفترة في إنكلترا لكنه يخصص قسطا كبيرا من وقته لرحلات إلى آسيا وإفريقيا وأميركا. كرس حياته للكتابة الأدبية، باستثناء سنوات قليلة في منتصف الخمسينات عمل خلالها صحافيا متعاونا مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي.). كتب بصورة خاصة روايات وقصصا قصيرة، وله أيضا بعض النصوص الوثائقية. الإسلام .. بوابة نوبل!! يقول المسرحي الإسكوتلندي برنارد شو في تبريره لرفضه قبول جائزة نوبل للآداب، أنه يغفر لنوبل اختراع الديناميت، لكنه لا يغفر له اختراع الجائزة، تلك الجائزة التي رفضها أدباء كبار غيره أمثال جان بول سارتر عام 1964، أصبحت مع الوقت، أو ربما قبل الوقت بقليل، رسالة سياسية خفية، ومكافأة للبعض على حساب البعض، ولربما كان هذا هو السبب الذي دعا برنارد شو يغفر لنوبل اختراعه مادة لقتل الناس، ولم يغفر له اختراع جائزة لقتل الحضارات!!. نيبول .. قاعدة أم شذوذ؟ عندما فاز الروائي المصري نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب عام 1988 عن روايته أولاد حارتنا التي نشرت في الستينات، انقسم الشارع الأدبي العربي لفريقين، مهلل ومصفق لأديب عربي نال شرف الجائزة، ومشكك بالدوافع التي أدت إلى منحه الجائزة عن رواية قديمة، خاصة وأن تلك الرواية متهمة بإساءتها للأديان حسب قول منتقديه. نفس الحالة رافقت فوز نيبول بالجائزة، إذ سرعان ما انقسم الشارع الثقافي العربي أيضا بين فريقين، الأول يشيد بأعمال الكاتب وأحقيته، والثاني- وهو الغالب- يشكك بدوافع الجهة المانحة لمنحها جائزة لكاتب شديد العداء للإسلام، ويعرف عنه تبجحه بالهجوم الصريح والفج على الإسلام والمسلمين، والعرب بالجملة!!. كاتب هجين صحيفة الثورة العراقية هاجمت في حينه الكاتب واصفة إياه بالكاتب الهجين والمعروف بعدائه للإسلام، وشككت في دوافع الأكاديمية السويدية معتبرة أن فوزه جاء لانحياز الأكاديمية السياسي والديني والثقافي وتلفيقها مسوغات منح الجائزة لنايبول. ورأت الثورة أن اتجاهات الأكاديمية السويدية منحازة، وأن اختيارها نايبول جاء لينسجم مع الموجة المعادية للإسلام والمسلمين في الغرب. ولا يحمل منحه الجائزة سوى هذه الدلالة. وأكدت انه صاحب محاولات مستمرة لـ تشويه الإسلام، وأنه الذي اعتبر الإسلام أسوأ مشكلة في العالم الثالث، وصاحب الفكرة القائلة أسوأ بلية تحل في تاريخ الهند، ذلك أن الإسلام شوه تاريخ البلاد. نيبول.. يؤكد!! التصريحات التي أدلى بها نيبول لجريدة الـ موندو الأسبانية واسعة الانتشار، تؤكد - نظريا صحة شكوك مهاجميه ومنتقدي الجائزة ودوافعها، فقد شن هجوما عنيفا على الإسلام والمسلمين لم يسبق له مثيل في تاريخ جائزة نوبل. ودعا إلى إجبار المملكة العربية السعودية ودول عربية وإسلامية أخرى على دفع تعويضات العمليات التي وقعت في نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر 2001. و أنه يتعين على المملكة العربية السعودية دفع التعويضات عن كل عملية إرهابية نفذها متطرفون إسلاميون على حد قوله!!. كما اتهم نيبول العرب بأنهم يريدون أن يمدوا صمت الصحراء إلى كل مكان، فهم أمة جاهلة لا تقرأ، وهم يقفون ضد الحضارة، وأن المسلمين بشكل عام شعوب مليئة دائما بالحقد، ويعتقدون أنه لا سبيل إلى التعايش مع شعوب أخرى إلا بالقوة. لا جنة لإرهابيين!! ويمضي نيبول بتهجمه على الهمجية الإسلامية، متهكما هذه المرة على العمليات الاستشهادية التي يقوم بها فدائيون فلسطينيون ضد الاحتلال الإسرائيلي قائلا: إن الأمر يتعلق بمتطرفين يحلمون بدخول الجنة، وهم من أجل ذلك يتذرعون تارة بإسرائيل وتارة بالإمبريالية الأميركية. وتعليقا على نظرية الأميركي اليهودي صمويل هنتنتون القائلة بصدام الحضارات والتي أشار فيها إلى حتمية الصدام بين الإسلام والغرب، يقول نيبولأنا لم اسمع يوما عن صدام بين الهندوس والغرب ولا بين اليابان والغرب منوها إلى أن الصدام دائما يقتصر على الإسلام والغرب ويرى نيبول أنه إذا تعرضت دولة واحدة (غربية) للهجوم من طرف الإرهابيين المسلمين فإن هذا يعود لكون كل الدول الإسلامية مسؤولة عن هذا الهجوم، ولذلك فإنه يجب عليها أن تدفع التعويضات. ليس فقط المملكة العربية السعودية ولكن أيضا مصر والجزائر اللتان تشجعان الإرهاب ، هذا المنطق الذي لم يتبعه نيبول أمام إرهاب الدولة التي تمارسه إسرائيل وأمريكا، وحتى بريطانيا التي منحته جنسيتها دون زرقة أعينها !!. ويضيف : إنني اعتقد أن اعتداءات 11 سبتمبر كانت أعمالا نابعة عن حقد ديني بحت. وانتقد تقاعس المجتمع الدولي عن مطالبة الدول الإسلامية بهذه التعويضات فقال بدلا من مطالبة المعتدين بالتعويضات فإنه يحصل العكس تماما، إذ تمنح الجوائز للمعتدين، فهذه باكستان تتلقى الجوائز، وهذا أمر لا يعقل ففي باكستان فكرة الجهاد منتشرة للغاية.