خواطر من بوح الفؤاد

-1- ضباب النهاية أسير .. طرقات طويلة.. أسير.. حافية .. بلا أفكار.. أو ذكريات.. أسير.. أجر أشلائي المتناثرة.. التي لم يبق منها سوى العظام .. أسير أجر أذيال الهزيمة.. أمام حبه الذي جعل مني بقايا دموع.. تائهة الطريق في لوحة أثرية.. تزين جدران عالم النسيان.. أسير.. ووحدتي لا تفارقني.. والأحلام المنتظرة في حقيبة الزمان المقفلة.. مازالت تأمل الإفراج عنها أسير.. فقد أسير.. وأتأمل .. بقلب مجروح.. أحاول العودة.. لكني أتوه.. في متاهات حبنا القديم.. تحاصرني الجدران.. من كل الجهات.. لأبقى سجينة في قفص قلبه الغادر.. يتهمني بالجنون. لكنه مازال يحب سماع بعض قصائدي.. يرمي لي ببعض وريقات .. يسمح لي فقط بالكتابة.. دون تنفس أو طعام.. وفي لحظة الاختناق.. يشفق علي.. يمنحني نسيما.. من .. رحيق أزهار هوانا المسافرة.. كي أبقى أسيرة في عالمه الغريب.. أكتب .. أشكو.. وأبكي.. تعود الذكريات.. تسبح في قلبي .. وذاكرتي .. أناديه.. فيرسل لي طائر العندليب.. يحملني إلى مملكته.. أراه.. أرى أوراقي المطبوعة.. على المرايا.. وفي كل مكان.. ومن ثم.. أسقط على الأرض.. جثة هامدة.. والدماء تنزف من يدي المقيدتين بالسلاسل الذهبية.. تجعل الموت أكثر ضجيجا.. وحرارة .. وأصعب احتمالا.. شهيق عميق.. ينهي حياة أجمل ضحية.. من ضحايا المنسيات.. وأكثرهم حبا ونضالا من أجله.. أموت.. وتموت معي .. ذكرياته المتآكلة.. وهداياه الثمينة.. التي لا قيمة لها.. ستنزف عيناه .. دمعة واحدة.. سيتوقف بها عذابي .. وأحزاني اللامنتهية.. وآلامي ولا سيما، حين سيقرر مرافقتي.. إلى رحلة الخلود الأبدية.. -2- معاناة أبدية غارقة أنا في بحور الضياع.. كنت أبحث عن الشيء المفقود.. فأصبحت أبحث عن اللاشيء .. ومن ثم أصبحت لا أفرق بين الشيء واللا شيء. تائهة أنا في دوامات الفشل.. متى سأنعي أخطائي إلى المقبرة.. وأدفنهم بين الأموات الخالدين.. سائحة أنا في بلدان عينيك.. وسأبقى هكذا مشردة .. إلى حين أحط رحالي على شواطئ دموعك.. صامتة أنا إلى حين رجوعك .. بيد أنني لا أخاف من صراخ الماضي المستحيل النسيان.. أو تستطيع اجتياح مساحات صمتي اللا منتهية .. وإنقاذي من غضب الزمان والذكريات؟؟ كم أنت بعيد الآن؟ وكم أخاف استقالتك المفاجئة؟! أتموت الذكريات في فكرك بهذه السرعة؟! وهل تحول قلبك الرقيق ذو الأحاسيس الشفافة إلى قلب متحجر متجمد المشاعر حتى يستطيع النسيان أذكر .. عندما كنت أعاني من كل الناس.. وكنت طبيبي الوحيد .. ولكنني الآن .. وعندما أصبحت أعاني منك.. أصبحت طبيبة لكل الناس.. ستكتبها النجوم جريمة خالدة على صفحات القمر .. وسيرويها الكتاب رواية حزينة من روايات الخيال.. -3- تضحية عاجزة إليك حبيبتي .. اكتب مقتطفات من جنون جنوني .. وأروي حكايات عن فقر أحلامي.. من أجلك حبيبتي .. أحث نداء نفسي الوحيدة على الصمت.. وأشرد في بحار الخيال أفكاري .. لكني أتوه ما بين الخيال والواقع.. ثمة أحلام تقودني إلى ازدحام متاهاتي.. من أجلك حبيبتي أحاول أن أتجرع كؤوس النسيان .. وأحاول أن أترجل عن أحصنة الذكريات النائمة.. لأمتطي أحصنة حية آملة عدم السقوط منها في أودية أخطائي العميقة .. وحين أصحو على حزن معاناتي.. أجمع حزن الأحزان.. وأترجمه دموعا باكية.. وسكوت صامت.. وصراخ اخرس.. ونظرات عمياء.. وحب عاشق.. -4- صراخ آلام العذاب سيأتي الربيع لا محال.. وستزهر أشجاري أحزانا.. وتثمر آلاما.. ثم أبيعها سما قاتلا.. انتقاما من هؤلاء الذين شردوني.. والتهموا أيام عمري.. ومن ثم احرقوا أوراقي.. ورموني في منفى العذاب..