الصفات المثالية لكتاب الطفل العربي

القصة والمسرح في أدب الطفل كانت إحدى فعاليات الندوة الثقافية المتخصصة ( الموروث الشعبي وعلاقته بالإبداع الفني والفكري في العالم العربي أدب الطفل). والتي أقيمت على هامش المهرجان الوطني للتراث والثقافة الثامن عام 1413هـ - 1993م. وشارك في هذه الفعالية كل من: أحمد عبد السلام البقالي، علوي الصافي، احمد محمود نجيب، عبد المحسن القحطاني، محمد حسن بريغش، ومن تلك الندوة استقينا الموضوع التالي. كتاب الطفل يحتاج إلى جهود كثيرة متضافرة، تبدأ بالكاتب والمراجع ثم الرسام، فالخطاط فالمخرج، إلى أن تنتهي بالطابع والمصحح، والموزع? والبائع. ومعنى هذا أنه يحتاج إلى عمل فريق متكامل حريص على بلوغ أوج الكمال الممكن. فبعد أن ينتهي الكاتب من العملية الإبداعية ، ويجتاز مرحلة الحمل ثم المخاض والولادة، ويخرج العمل إلى النور، تبدأ مرحلة إخراج الكتاب في حلة أنيقة وجذابة. ويساهم في عملية إخراج الكتاب: الرسام: والرسام شريك الكاتب في إنتاج كتاب الطفل، ولايمكن تصور كتاب موجه للطفل دون رسوم معبرة مستوحاة من مشاهد النص المكتوب. وعلى الرسام أن يقرأ المخطوط، ويناقشه مع الكاتب لاختيار المشاهد التي يروق له رسمها، ويتفق اثنان على عدد الرسوم وعلى المسافة التي ينبغي أن تفصل بين الرسم والآخر. ومن الأفضل أن تتخلل الرسوم الكتاب بكامله، وألا تنصب على فصل منه دون الآخر، كما يحدث حين يكسل عن قراءة النص بكامله، ويكتفي بفصوله الأولى. فإذا لم يكن للرسام وقت لقراءة النص بنفسه، أو لم يستطع قراءته لسبب من الأسباب كأن يكون أميا مثلا، أو أجنبيا عن لغة النص، فعلى الكاتب أن يحكي له القصة ، ويصف له المشاهد والأبطال بدقة متناهية، ويتفق معه على الرسوم حتى يرضى عنها. ويختلف عدد رسوم الكتاب الواحد باختلاف سن الطفل الموجه إليه. فكتاب الطفل قبل الدراسة تغلب عليه الرسوم، ولايتعدى النص فيه تعاليق بسيطة تقرؤها الأم لطفلها ليألف النظر إلى خط الكتابة، ويدرك أهميتها في سن مبكرة. ومع تقدم الطفل في السن، يزداد عدد الكلمات في النص، ويقل عدد الرسوم، حتى تصبح في كتاب الفتى المراهق رسما واحدا لكل خمس أو سبع صفحات أساليب الرسم وللرسم أساليبه كذلك، فالقصة الدينية، أو التاريخية تحتاج إلى رسوم واقعية، والقصة الفكاهية تحتاج إلى رسوم كاريكاتورية، والقصة الأسطورية الخيالية تناسبها الرسوم الانطباعية أو التجريدية وهكذا، وهذه عملية من اختصاص الرسام، على أن يأخذ فيها رأي الكاتب، والأفضل أن تكون الرسوم كلها ملونة، وإذا لم يتيسر ذلك فبعضها. الغلاف الغلاف بالنسبة لكتاب الطفل مهم للغاية، فهو وجه الكتاب وباب القارئ إلى داخله، فيجب أن يكو ن في منتهى الذوق و الجمال والجاذبية، وأن تجذب ألوانه النظر إليه من بين الكتب المعروضة. العنوان والعنوان له أهمية الغلاف، وهو من اختصاص الكاتب، اللهم إلا إذا كانت لدار النشر لجنة خاصة لها خبرة عميقة في سيكولوجية العنونة والإعلان، فهي التي تختار العنوان من بين عدد من العناوين يقترحها الكاتب. وعلى الكاتب أن يختار لكتبه عناوين لا توحي فقط بمحتوى الكتاب بل وتجذب القارئ إليه، وتثير فيه حب الاطلاع. حتى في غياب رسم جذاب للغلاف. الخطاط والخطاط، كما الرسام له أهمية كبرى في إخراج الغلاف إخراجا جميلا، وكذلك وضع العناوين الداخلية للفصول أو القصص. ظهر الغلاف ولظهر الغلاف أهمية خاصة، ففيها يبحث القارئ المتمرس عن نبذة عن الكتاب، فعلى الكاتب أن يجعل من هذه النبذة نافذة تعطي صورة صادقة عن النص، وتشوق القارئ إليه. اقتصاديات كتاب الطفل: كتاب الطفل المثالي يكلف غاليا، ونظرا لما تدخل فيه من مواد طباعية غالية ومستنتسخات رسوم الألوان، سواء على الغلاف، أو بالصفحات الداخلية، تكلف كثيرا، وكذلك الورق الأبيض، والطباعة المشكولة، وغيرها. وكلما ارتفع ثمن الكتاب، ضاق حجم القاعدة التي تستطيع اقتناءه فأغلب أطفال العالم العربي فقراء. وفي غياب نماذج عربية جيدة ومتعددة لأدب الطفل ببلادنا، يلجأ القارئ الصغير إلى ينفي نفسه في لغة أخرى، فرنسية كانت أو إنجليزية ويصبح مدمنا عليها، بحيث تقترن في ذهنه بالمتعة واللذة، ويصبح عاجزا عن الاستمتاع بلغته، وبالتالي غير قادر، أو كارها للتعبير والابتكار بها. ولا ننسى أن كتاب الطفل الأوروبي والأمريكي بلغ من الرقي و الأناقة والجمال شأوا بعيدا، إلا أنه يكلف غاليا جدا بالنسبة لقوة الطفل العربي الشرائية.