فضل الدعوة إلى الله

ورد في فضل الدعوة والدعاة آيات وأحاديث كثيرة، كما أنه ورد في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم الدعاة أحاديث لا تخفى على أهل العلم، ومن ذلك قوله جل وعلا: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين (سورة فصلت: 33). فهذه الآية الكريمة فيها التنويه بالدعاة، والثناء عليهم، وأنه لا أحد أحسن قولا منهم، وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، ثم أتباعهم على حسب مراتبهم في الدعوة والحلم والفضل، فأنت يا عبد الله، يكفيك شرفا أن تكون من أتباع الرسل، ومن المنتظمين في هذه الآية الكريمة: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين . معنى الآية:- لا أحد أحسن قولا منه؛ لكونه دعا إلى الله، وأرشد إليه وعمل بما يدعو إليه، يعني: دعا إلى الحق وعمل به، وأنكر الباطل وحذر منه وتركه، ومع ذلك صرح بما هو عليه، لم يخجل، بل قال: إنني من المسلمين مغتبطا وفرحا بما من الله به عليه، ليس كمن يستنكف عن ذلك ويكره أن ينطق بأنه مسلم، أو بأنه يدعو إلى الإسلام، لمراعاة فلان أو مجاملة فلان، ولاحول ولا قوة إلا بالله، بل المؤمن الداعي إلى الله القوي الإيمان، البصير بأمر الله يصرح بحق الله، وينشط في الدعوة إلى الله، ويحمل بما يدعو إليه، ويحذر ما ينهى عنه، فيكون من أسرع الناس إلى ما يدعو إليه، ومن أبعد الناس عن كل ما ينهى عنه، ومع ذلك يصرح بأنه مسلم، وبأنه يدعو إلى الإسلام، ويغتبط بذلك ويفرح به، كما قال عز وجل: قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون (سورة يونس: 58). فالفرح برحمة الله وفضله فرح الاغتباط، فرح السرور، أمر مشروع، أما الفرح المنهي عنه فهو فرح الكبر، والفرح هذا هو المنهي عنه، كما قال عز وجل في قصة قارون: لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين (سورة القصص: 76). هذا فرح الكبر والتعالي على الناس والتعاظم ، وهذا هو الذي ينهى عنه.. أما فرح الاغتباط والسرور بدين الله، والفرح بهداية الله، والاستبشار بذلك والتصريح بذلك - ليعلم - فأمر مشروع وممدوح ومحمود. فهذه الآية الكريمة من أوضح الآيات في الدلالة على فضل الدعوة، وأنها من أهم القربات، ومن أفضل الطاعات، وأن أهلها في غاية من الشرف وفي أرفع مكانة، وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأكملهم في ذلك خاتمهم وإمامهم وسيدهم نبينا محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، الدعوة على بصيرة :- يقول الله جل وعلا: قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني (سورة يوسف: 108). بين سبحانه أن الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو على بصيرة، وأن أتباعه كذلك، فهذا فيه فضل الدعوة، وأن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم الدعاة إلى سبيله على بصيرة، والبصيرة: هي العلم بما يدعو إليه وما ينهى عنه، وفي هذا شرف لهم وتفضيل، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: من دل على خير فله مثل أجر فاعله رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا أخرجه مسلم أيضا. وهذا يدل على فضل الدعوة إلى الله عز وجل. وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لعلي رضي الله عنه وأرضاه: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم متفق على صحته. وهذا أيضا يدلنا على فضل الدعوة إلى الله وما فيها من الخير العظيم، وأن الداعي إلى الله جل وعلا يعطى مثل أجور من هداه الله على يديه، ولو كان آلاف الملايين، وتعطى أيها الداعية مثل أجورهم. فهنيئا لك أيها الداعية إلى الله بهذا الخير العظيم، وبهذا يتضح أيضا أن الرسول عليه الصلاة والسلام يعطى مثل أجور أتباعه، فيا لها من نعمة عظيمة يعطى نبينا عليه الصلاة والسلام مثل أجور أتباعه إلى يوم القيامة؛ لأنه بلغهم رسالة الله، ودلهم على الخير عليه الصلاة والسلام، وهكذا الرسل يعطون مثل أجور أتباعهم عليهم الصلاة والسلام، وأنت كذلك أيها الداعية (في كل زمان ) تعطى مثل أجور أتباعك والقابلين لدعوتك، فاغتنم هذا الخير العظيم وسارع إليه.