الشحاذ الشرقي يطرق باب القلب ليفتح الجيب!!

وفي الغرب السلاح يفتح الجيوب!! اسم الكتاب : اليد السفلى. اسم المؤلف : أحمد سالم با دوبلان. اسم الناشر : مكتبة السعيد. الرياض ـ مها عابد ??دراسة جميلة وموثقة، عن ظاهرة التسول، التي لا تخلو منها دولة في العالم، وهذه الدراسة تتوسع وتلقي الضوء على التسول في العالم جميعه، وتخص شحاذي العالم العربي بتركيز أكثر. ويتحدث هذا الكتاب عن ظاهرة التسول التي صاحبت ظهور الإنسان منذ بداية التاريخ، والتي تزداد حداثة مع كل سنة، وتجديدا في الأساليب والطرق لاستنزاف الأموال من الناس الطيبين المحبين لفعل الخير. ويقول الكاتب إن وسائل التسول تعددت وأصبحت أكثر ابتكارا وتطورا، بل وأصبحت له مدارس، وأصبح هناك متسولون (خمسة نجوم )، ولم يعد التسول وسيلة لسد ألم الجوع، أو للحاجة الملحة التي تدعو بعض الناس إلى طلب المعونة من الآخرين، بل هناك ناس على ثراء، ووظائف محترمة، يزاولون هذه المهنة بل إن أحدهم يعمل مديرا لمدرسة، وآخر يعمل طبيبا، وآخرون غيرهم من أصحاب المهن المرموقة، لجؤوا إلى هذه الطرق للكسب السريع والثراء الفاحش. هذا الكتاب الذي يتكون من ثمانية أبواب، رصد هذه الظاهرة وعرضها بشكل بسيط وطريف، لتصل بسهوله إلى عقل القارئ، وليتجنب أن يكون في يوم من الأيام مصيدة لهؤلاء الطفيليين على المجتمع . في الباب الأول تحدث الكتاب عن هذه الظاهرة في المملكة العربية السعودية بشكل عام وخاص، حيث تتميز المملكة بوجود الأماكن المقدسة (مكة المكرمة والمدينة المنورة)، مما يجعلها المنطقة الجذابة للشحاذين من كل أنحاء العالم الإسلامي، حيث تزدحم هاتان المدينتان بالزوار والمعتمرين، وخاصة في شهر رجب وشعبان ورمضان والحج من كل عام، ويستغل الشحاذون هذا التواجد الكثيف من الباحثين عن الأجر، فيقدمون أنفسهم على أنهم من مستحقي الصدقات والحسنات، فيكثرون وينتشرون، بل ينتظمون في مجموعات لتغطية جميع الأماكن المتميزة بتواجد محبي الخير، وقد وجدت حالات كثيرة من هذه التنظيمات كان منها أسرة توزع أبناءها بين مشعر وآخر، في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتكون الحصيلة لا تقل عن 50 ألف ريال خلال شهر رمضان فقط. يعلم الشحاذون أنهم مطاردون من أجهزة أمنية واجتماعية لمكافحتهم، فيعملون على الاحتراس منها والحذر، يملكون الكثير من الحيل والأفكار لدرجة أنهم يحتفظون بصور رجال المكافحة ليتعرفوا عليهم وهناك من يراقب لهم، فإذا أحس بشيء أو رأى شيئا أطلق صفيرا أو صوتا يعرفه الجميع، فيركض من كان منذ ثوان كسيحا، والضعيف يدخل في عراك وكأنه مصارع، والعجوز تخلع عباءتها لنجدها رجلا يتنكر في زي امرأة. التقنية الحديثة في الشحاذة!! بعض الشحاذين يحمل المعاريض المكتوبة، التي تحكي فيه قصة ظرفه الصعب، ومنهم من يحمل ويقدم التقارير الطبية المزورة مع بعض القصص التي يرق لها القلب وتدمع لها العين، ولكن حيل الشحاذين لا تنتهي بوسيلة واحدة، ، حيث استخدم البعض التكنولوجيا الحديثة في التظليل والتظاهر بالظروف الصعبة المؤقتة، التي تحتاج إلى نظرة خاصة لاحتياجه، فهو من فئة عزيز قوم أذلته الظروف. فقد ظهرت سيدة أنيقة الملبس والمظهر، تتطلب من بعض المتنزهين على كورنيش جدة في المملكة العربية السعودية المساعدة لأنها. . تمر بضائقة مالية حرجة وتحب الستر، وأنها تتوسم فيه الخير والصلاح فيضطر إلى إخراج ما في جيبه طوعا أو كرها. وتترك هذا المكان إلى مكان آخر لتمارس نفس الحيلة مع ضحية أخرى. . وقد استمرت على ذلك سنوات حتى فضح أمرها وتم القبض عليها. (س. ا ) شاب جامعي أنيق المظهر والملبس، يحمل الجوال ويركب سياره فاخرة، يطرق الباب بهدوء يفتح له صاحب المنزل فيحسن وفادته، ورغم ذلك يحاول أن يتمالك نفسه وبهدوء مضطرب ( مصطنع ) وخجل متكلف يحكي: - أنا طالب جامعي متفوق دراسيا من أسرة عالية المكانة، تركتها بحثا عن العلم والمستقبل الطيب. ولكن آه من لكن!! نفذت النقود، انتهى كل ما لدي وأنا بحاجة لتدبير أموري، فماذا أفعل؟ فيرق قلب المستمع (الضحية) وتثور نخوته ويقوم بتلبية طلبه وإعطائه رزمة من المال. في الباب الثاني: يرصد حركة التسول في مصر وطرقه، في ظل الزيادة الرهيبة للسكان والفقر والمرض وانتشار البطالة، انتشرت هذه الظاهرة. ( م. م ) وكيلة مدرسة متوسطة في حي شبرا بالقاهرة. . معروفة بالشدة والحسم في عملها يشيد بها الجميع طلابا ومدرسين. . تقاريرها السنوية جيدة مشهورة بالجمال والذكاء معا فرأت أن تستثمرهما في عمل غير مشروع هو التسول. اختارت مكانا جديدا، يكثر في الرواد على اختلاف أنماطهم، وهو محطة القطار المركزية. . ارتدت ثوبا أسود قديما، وغطاء رأس مهلهلا. . مع بعض الحكاوي الرديئة، فهي قروية من الصعيد وضاعت فلوسها وتريد العودة للصعيد، هنا يتعاطف معها الجميع والكل بشهامة ابن البلد. وسيدة أخرى ملت أوقات الفراغ الطويلة التى تعيشها، فاحترفت الشحاذة، ليس للحاجة ولكن لتقضي بعض الوقت، فكانت الحصيلة ثلاثة منازل كبيرة في أحياء مختلفة وثروة قدرت بمائة ألف دولار. وآخر أغراه الكسب عن طريق التسول بالمزيد من الإجرام والشذوذ، فأراد أن يطور في المهنة لتتحول من سيئة إلى أسوأ، فقام بسرقة أطفال عذبهم، وهددهم بالقتل، وأخيرا قام بجريمة فوق جرائمه، يقترب من الطفل ويضغط على رقبته منعا للصراخ ثم يقوم بفقء عينه ليصبح كفيفا ويطلقه للطرقات للحصول على المزيد من المال. وتم القبض عليه وفي حوزته ما يقرب من 50 طفلا ما بين عاجز ومشوه وكفيف. في الباب الثالث : يتحدث عن غرائب وعجائب التسول في الهند والباكستان، في الهند حيث أطلق على (نيودلهي) عاصمة التسول. أما في الباكستان ظاهرة تسمى (أطفال الفئران) ويزيد عددهم على 10 آلاف فرد، وهم أطفال لا يولدون مشوهين يشبهون الفئران، بل يتعرضون للتشويه عمدا من قبل عصابات التسول. يتم وضع رأسه في خوذه حديدية تتسبب في تشويه رأسه ووجهه وتتسبب في ميلان جباههم نحو الخلف وإطالة أنوفهم وبروزها، فضلا عن تشويه عيونهم حتى يتسموا بهذا المنظر المروع للقوارض. في الباب الرابع : - يتعرض الكاتب لمسألة التسول في الدول الغنية، أمريكا وبريطانيا والدول المنهارة، والتي تختلف في وسائلها وطرقها، فمتسول الشرق يخاطب الضمير ويستجدي المشاعر والعواطف. أما متسول الغرب فهو يضع أمامه ورقة تعكس وصفه جائعا أو متشردا أو مريضا. ففي عاصمة، الاشتراكية سابقا، (موسكو) يوجد 50 ألف متشرد ومتسول يمثلون رمزا للاقتصاد المنهار. أما مدينة لندن التي تعد رمزا للحضارة والرقي، امتلأت شوارعها بالمتسولين حتى أن رئيس اتحاد موظفي المؤسسات الحكومية قال إنه لا يستغرب أن يأتي يوم وتصبح هدية الحكومة (متسول لكل مواطن). والمتسول الغربي أكثر عنفا من المتسول الشرقي، فهو يستخدم العنف والشفرات الحادة والسكاكين والأسلحة الحادة، وأحيانا يفرضون الأتاوات على من يفد حديثا إلى مناطقهم. (ديفد) 22عاما يعاني من البطالة، احترف التسول في القطارات، ومعه كلبه الشرس الذي اتخذه وسيلة لإرهاب المارة، يحمل لوحة كتب عليها (إذا لم تعطني سيهاجمك كلبي)، في ظل هذه الظروف الجميع تخونهم شجاعتهم ويدفعون إما قسرا أو كرها. وفي الأبواب الأربعة الأخيرة من الكتاب، يقدم الكاتب الآراء الشرعية في التسول، وما هي حقوقهم في الصدقات، كما يقدم آراء المفكرين من كتاب وخبراء اجتماعيين، وما هي الحلول الممكنة لوقف هذه الظاهرة أو الحد منها، ويخصص الباب الأخير عن الأجهزة التي تعمل على مكافحة التسول، وما هي سياستها وإمكاناتها. دراسة شيقة وموثقة لظاهرة موجودة في كل الأزمان وفي كل المدن، ولا تخلو منها مدينة أو مجتمع. دراسة جميلة ومجهود كبير لموضوع هام يستحق القراءة للمعرفة والتسلية أيضا. ???