أربعون من رجالات الاقتصاد في كتب التراث الإسلامي

??اسم الكتاب: الأربعون الاقتصادية ??اسم المؤلف: د. زيد بن محمد الرماني ??الناشر: دار طويق للنشر والتوزيع 2001م ?? اسم الكتاب الأربعون الاقتصادية صور من السبق الاقتصادي في الإسلام، ومن هذا العنوان المطول نكتشف أهمية الكتاب وفكرته، التي يقدمها لنا الدكتور زيد الرماني وهو اختصاصي وخبير في موضوع المال والاقتصاد، بالإضافة لكونه عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في المملكة العربية السعودية، وعضو في جمعيات اقتصادية عديدة، منها الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي. و يقدم لنا في هذا الكتاب ملخصا عن 40 كتابا من كتب التراث العربي الإسلامي، عالجت ودرست التشريعات المالية أو الاقتصادية والإدارية أيضا، ويرى المؤلف أنها تعرضت لنظريات ومبادئ اقتصادية سبقت بها الأفكار الغربية ورجال الاقتصاد الغربيين الذين ترد أسماؤهم كأعلام في الاقتصاد والإدارة والمال. ومن المعروف وجود تداخل كبير بين الفقه والتشريعات الإسلامية والأفكار الاقتصادية، ومن هنا كان الاقتصاد والتنظيمات المالية تتم تحت الغطاء الديني أو من خلال كتب الفقه التي تناولت مواضيع التجارة والزراعة والصناعة والمال وكسبه وإنفاقه وتوريثه. ولكن هذه التشريعات أغلبها اجتهادات تتم من واقع الظروف التي كان يعيشها المسلمون في عصور مختلفة من الغنى والثروة ومن الانحدار والانكسار، لذا فإننا نجد بعض الكتب يتحدث عن نفس الموضوع ولكن برؤية ومنطق مختلف، بحسب ظروف الزمان والمكان، ولو أنها جميعها تنبع أو وتشرب من منبع واحد وهو التشريع الإسلامي. ويختار الكاتب هذه المجموعة من الكتب العربية والإسلامية التي صدرت في العصور الإسلامية الأولى حتى عصر متأخر، ذات الاهتمامات الاقتصادية والمالية، وهو يتابعها متابعة تاريخية، ويتخذ من تاريخ وفاة الكاتب برنامجا للترتيب والمتابعة بغض النظر عن أهمية الموضوع أو شهرة الكاتب. ويبدأ المؤلف سلسلة اختياراته من كتب الاقتصاد والمال حسب ظهورها، وكانت تعالج أحوالا اقتصادية أو أوضاعا مالية تحتاج إلى تفكير وتشريع وتنظيم فقد ظهر كتاب الخراج كتبه أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم المتوفى عام 182هـ، وهو أحد العلماء والفقهاء الكبار وله صحبة مع أبي حنيفة رحمهما الله. والكتاب في أصله كما يقول المؤلف خطة للإصلاح المالي والاقتصادي تهدف إلى رفع مستوى الإنتاج في الأمة الإسلامية ويضيف المؤلف إلى أن الكتاب يعالج ثلاثة مواضيع أساسية وهي: موارد الدولة ونفقات الدولة والموضوع الثالث وهو أخلاقيات النظام المالي في الإسلام. ويتبعه الكتاب الثاني وهو كتاب الاكتساب في الرزق المستطاب لكاتبه محمد بن الحسن الشيباني المتوفى عام 189هـ، ومن هذا العنوان ندرك أن الكاتب يتحدث عن العمل، وفي كتابه يحث عليه، ويوصي بالعمل ويقسمه الى أربعة أقسام وهي الإجارة والتجارة والزراعة والصناعة. ويشير المؤلف إلى أن ظهور هذا الكتاب هو معارضة لما كان منتشرا من الزهد والتواكل، وترك العمل والانصراف الى أعمال الآخرة، وترك الكسب الحلال، المطلوب من كل مسلم قادر عليه. أي أنه ردا على ظاهرة التواكل التى يدعو إليها بعض الزهاد. المال العام والتوسع في الخدمات الاجتماعية! وفي الكتاب الثالث وهو كتاب الأموال يقدمه أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى عام 224هـ نجد طرحا جديدا، وفكرة جديدة عن استخدامات المال العام، ويقول الكاتب إن أبا عبيد جعل قضاء الدين عن المؤمنين من مسؤولية ولي الأمر، حيث قاس أبو عبيد قضاء الدين قبل الممات على قضاء الدين بعد الممات، وقال إن الحياة أولى من الممات. ونجد أن الكتاب التاسع من هذه المجموعة، يتحدث عن الاحتكار، على الرغم من أن عنوان الكتاب هو أحكام السوق وهو كما يشير المؤلف إلى أنها تدوين لمحاضرات ودروس كان يلقيها الفقيه المالكي الأندلسي أبو بكر يحيى بن عمر الكناني المتوفى عام 289هـ. وفي هذه الدروس كان يناقش المواضيع الاقتصادية والمالية مناقشة دينية وواقعية، ويتعرض مؤلف هذا الكتاب لمناقشاته حول الاحتكار في السوق ويقول إنه يقدم ثلاث حالات وهو اجتماع أهل السوق على بيع مرهق للناس فلولي الأمر التدخل لصالح الناس، والحالة الثانية، لو أن أحد التجار امتنع عن البيع أسوة بغيره، صح لولي الأمر إخراجه من السوق، والحالة الثالثة، لو تمكن تاجر من الاستحواذ على تجارة أو سلعة بموافقة بقية التجار فإن للوالي أن يمنعهم من ذلك، ليمنع الاحتكار. اقتصاديات السماسرة! والكتاب الثاني عشر في هذه القائمة الفريدة هو كتاب مسائل السماسرة ومؤلفه أبو العباس عبد الله الأبياني المتوفى عام 352هـ، ومن عنوان الكتاب ندرك موضوعه، فهي كما يقول المؤلف تدور حول السماسرة وجعل السماسرة، والدلالة والحسبة على الدلالين وعلاقة السماسرة بالوكلاء والمأمورين. وتتوالى هذه الكتب كل كتاب له موضوع اقتصادي أو مالي أو إداري يتحدث عنه بتوسع فقهي وتجاري مثل العناوين التالية: كتاب الأموال المشتركة لمؤلفه أحمد ابن تيمية المتوفى عام 728هـ كتاب المناقلة والاستبدال بالأوقاف لمؤلفه ابن قاضي الجبل المتوفى عام 771هـ كتاب الدوحة المشتبكة في ضوابط دار السكة لمؤلفه أبو الحسن الحكيم المتوفى عام 787هـ كتاب إيضاح الأحكام لما يأخذه العمال والحكام لمؤلفه أحمد بن حجر المتوفى عام 974هـ كتاب التيسير في أحكام التسعير لمؤلفه أبو العباس بن سعيد المجيلدي المتوفى عام 1094هـ ويختم هذه المجموعة من الكتب الأربعين بكتاب تحقيق القضية في الفرق بين الرشوة والهدية لمؤلفه عبد الغني إسماعيل النابلسي المتوفى عام 1143هـ. كتاب ثمين وتحقيق وتوثيق هام لكتب الاقتصاد التي سبق أن ظهرت في عصور إسلامية ماضية، بما يظهر السبق الفكري الإسلامي عن غيره، ولم يشر المؤلف عن كيفية اختياره لهذه الكتب، وهل هناك كتب أخرى لم يذكرها؟ ولكن ما قدمه دليل كاف على أن الفكر الاقتصادي والمالي نال الاهتمام الكبير وأعطي حقه من النقاش والدراسة، والتنظير والاجتهاد بحسب ظروف الزمان والمكان والطوارئ، عند مفكري الإسلام الأوائل والمتأخرين منهم. ???