أذكار طرفي النهار

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فمن نعم الله (سبحانه) على هذه الأمة المرحومة، وإفضاله عليها أن منحها من العبادات: الباقيات الصالحات من قراءة القرآن، والأذكار، والدعوات، وجعل ذلك من الفضائل في الأولى والأخرى، مما تزداد به هذه الأمة شرفا، ومنزلة وأجرا؛ وقد أثنى الله على الذاكرين وجعلهم أهل الانتفاع بآياته، وأنهم أولو الألباب: وثبت في السنة أن الذاكر بقلبه ولسانه أفضل من الغازي المجاهد. وجعل ذكره (سبحانه) أكبر من كل شيء، وجعله علامة العبودية، وإظهار الذلة البشرية مع خالق البرية (سبحانه) وقد أشار ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه: (الوابل الصيب) إلى أن فوائد الذكر نحو مائة، ساق جملة منها في نحو مائة صحيفة. ومن هذه الأذكار: (أذكار طرفي النهار) وبابها أوسع أبواب الأذكار، رواية وأثرا، وقد ساق منها النووي رحمه الله تعالى في (الأذكار) ستة وثلاثين حديثا، منها في حيز الصحيح خمسة عشر حديثا، وقد اقتصر عليها شيخنا العلامـة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز أثابه الله في رسالته المحررة المنتقاة في الأذكار: (تحفة الأخيار..) فسقت متون هذه الأحاديث هنا، واكتفيت بالعزو عندهما إلى كتب السنن زادها الله شرفا. وأخذت من زيادات النووي رحمه الله تعالى: 1- لفظ (رسولا) في رواية الترمذي فجمعت بينها وبين رواية أبي داود: (نبيا) فتكون (وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا). 2- وحديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة: ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: (يا حي يا قيوم..) رواه النسائي والحاكم بسند صحيح. 3 - وحديث أبي الدرداء مرفوعا عن ابن السني، وموقوفا عند أبي داود بسند صحيح عنده، ومثله لا يقال من قبل الرأي، ولفظه: (من قال في كل يوم حين يصبح وحين يسمي: حسبي الله.. سبع مرات، كفاه الله تعالى ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة). 4- وحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح قال: (اللهم إني أسألك علما نافعا? ) رواه أحمد، وابن ماجه، وابن السني، والنسائي في (عمل اليوم والليلة) وحسن الحافظ ابن حجر إسناده. وزدت عليهما: 1-حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره: (إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه سبحانه، والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بما شاء) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن صحيح وصححه ابن حجر وذكره النووي في (الأذكار) كما في (الفتوحات الربانية). وساقه ابن القيم - رحمه الله تعالى في مواطن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند الدعاء في (جلاء الأفهام)، وقال: (مفتاح الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما أن مفتاح الصلاة الطهور..). وقال النووي رحمه الله تعالى في محل آخر من (الأذكار): (أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك يختم الدعاء بهما. والآثار في هذا الباب كثيرة معروفة) انتهى. وقد اخترت من صيغ الحمد، والتمجيد، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في فاتحة هذا الورد: خطبة الحسن البصري رحمه الله تعالى كما ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه: (عدة الصابرين) و (مدارج السالكين) وللمسلم أن يختار من صيغ الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء من الصيغ الواردة وما في معناها؛ لأن الحديث في ذلك أطلق ولم يقيد بصيغة معينة. 2 -وحديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة) رواه الطبراني بسند جيد كما في (مجمع الزوائد): (10120). وساقه مسندا ابن القيم في موطن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أول النهار وآخره من (جلاء الأفهام). وجردت متون هذه الأحاديث الشريفة لتسهيل قراءتها وحفظها، مع شكلها وضبطها، ورتبت سياقها حسب أسبقية فضل جنسها، فإن جنس القراءة أفضل من جنس الذكر، وجنس الذكر = بمعنى الثناء على الله وتمجيده وتوحيده أفضل من جنس الدعاء. وهذا الورد الشريف الموظف في الشرع المطهر: مقدارا، وزمانا، وكيفية، مستحب بإجماع المسلمين؛ وهو حصن للمسلم حصين، وحرز وجنة، ولباس، وبذل للأسباب في الوقاية من الشرور والآفات كما يتقي ساكن البيت به من الحر والبرد والعدو. ومد ليد الضراعة والابتهال، ولهج بذكر ذي الجلال والإكرام، وقفو لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومسارعة لدعوة الكريم الرحمن الرحيم: (ادعوني أستجب لكم). ولا يغيب عن بال الداعي أنه يحصل بسبب الدعاء: سكينة في النفس، وانشراحا في الصدر، وصبرا يسهل معه احتمال الواردات عليه. وهذا نوع عظيم من أنواع الاستجابة. فعلى المسلم اغتنام هذه الفضائل بإخلاص ومتابعة وإلحاق للعلم بالعمل، ونعم الوظيفة وظيفة الذكر المبنية على التأسي والاقتداء بخاتم الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ودلهم عليها. وهذه تنبيهات أربعة بين يدي هذه الوظيفة الشريفة: (أذكار طرفي النهار) وهي: التنبيه الأول: هذه الأذكار في الصباح والمساء جميعا، وقد سقتها هنا لورد (الصباح) وهي كذلك لورد (المساء) إلا في ثمانية ألفاظ تحتها خط هكذا ــ يكون موضع (أصبح): أمسى، وموضع (التذكير) التأنيث، ويبدل (النشور) بالمصير. التنبيه الثاني: بين الله سبحانه في القرآن الكريم، طرفي النهار محل أذكار الصباح والمساء في آيات منها: (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب). فمحل ورد الصباح في الإبكار وهو الغدو بعد صلاة الصبح وقبل طلوع الشمس. ومحل ورد المساء في العشي وهو الآصال بعد صلاة العصر قبل الغروب. والأمر فيهما واسع كمن عرض له شغل، والحمد لله. وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا صلى الصبح جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس يذكر الله عز وجل- وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة) رواه الترمذي وغيره وبمعناه أحاديث أخر. التنبيه الثالث: هذه الأذكار بالنسبة للعدد على خمسة أنواع هي: منها ما يقال مرة واحدة وهو أحد عشر نوعا، وواحد منها إلى أربع مرات وهو: اللهم إني أصبحت أشهدك. وواحد منها مرة، أو عشر مرات، أو مائة مرة، وهو التهليل. ومنها ما يقال ثلاث مرات وهو ثمانية أنواع. ومنها ما يقال سبع مرات وهو نوع واحد. ومنها ما يقال عشر مرات وهو نوع واحد: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها ما يقال مائة مرة وهو نوع واحد: سبحان الله وبحمده. ويتعين الاقتصار على هذا الأعداد وإلا لما كان لتخصيصها وجه. التنبيه الرابع: رتب النبي صلى الله عليه وسلم على عدد من هذه الأذكار: مكاسب عظيمة من الفضل، والوعد بالجنة، والرضا عن العبد، وأنه لا يضره شيء، وأن من قرأ سور الإخلاص والمعوذتين حين يمسي وحين يصبح كفته من كل شيء. وعليه: إن صفة الكمال توظيف المسلم لجميع هذه الأذكار على نفسه طرفي النهار، وتحصل وظيفة الورد ببعضها، فإذا ضاق وقت المسلم فليغتنم منها ما تيسر له، وأما الإهمال لجميعها فهو تفريط فليتنبه، والله أعلم. (الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد بما خلقتنا، ورزقتنا، وهديتنا، وأنقذتنا، وفرجت عنا، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة، كبت عدونا، وبسطت رزقنا، وأظهرت أمننا، وجمعت فرقتنا، وأحسنت معافاتنا، ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا، فلك الحمد على ذلك حمدا كثيرا، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، أو سر أو علانية، أو خاصة أو عامة، أو حي أو ميت، أو شاهد أو غائب، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.) أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد (ثلاث مرات) بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد (ثلاث مرات) بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس (ثلاث مرات) لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. (تقال مرة واحدة، أو عشر مرات، أو مائة مرة) سبحان الله وبحمده. (مائة مرة) بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم. (ثلاث مرات) أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق (ثلاث مرات) رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا. (ثلاث مرات) حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. (سبع مرات) أصبحنا على فطرة الإسلام، وعلى كلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما، وما كان من المشركين. (مرة واحدة) أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر ما في هذا اليوم وشر ما بعده، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر. (مرة واحدة) اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور. (مرة واحدة) اللهم إني أصبحت، أشهدك، وأشهد حملة عرشك، وملائكتك، وجميع خلقك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك. (مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أربع مرات) اللهم ما أصبح بي من نعمة، أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر . (مرة واحدة) يا حي يا قيوم بك أستغيث، فأصلح لي شأني، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين. (مرة واحدة) اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت. (ثلاث مرات) اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، وأعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت. (ثلاث مرات) اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم أستر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. (مرة واحدة) اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءا، أو أجره إلى مسلم. (مرة واحدة) اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا طيبا وعملا متقبلا. (مرة واحدة) اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت (مرة واحدة) ثم صل على النبي صلى الله عليه وسلم (عشرة مرات) والحمد لله رب العالمين