لن تسوقي لن تسوقي وأخــــيراً سـتــســوقي

بعد عدة أسابيع سنرى نساءً خلف مقود السيارة في شوارع المملكة. ولأننا شعب يحب تقديم النصائح فلتسمح لي سيدتي أقول لها؛ لو يحصل لي أن أستأجر سائقاً يعفيني من قيادة السيارة في شوارع المملكة لما ترددت. تأييدي لحق المرأة في السياقة طوال السنوات الماضية كان تأييداً للحق فقط. أؤيد تمام التأييد حق المرء في السفر إلى سورية ولكني لا أنصح به. هذا هو رأيي في حق المرأة في قيادة السيارة في شوارع المملكة.

فتحت مدارس تعليم السياقة أبوابها للنساء. ما الذي سوف تتعلمه المرأة من هذه المدارس أكثر من نظام المرور ورموزه وعلاماته والتحكم في الدركسون وأدوات السيارة الأخرى. نظام المرور مجموعة من القوانين صاغها رجال ونساء في بلاد الغرب الواسعة. تم استيرادها مع كل الأشياء التي استوردناها. ليعرف المرء الفرق بين المستعار والأصيل عليه أن يعيش النظام في البلاد المصدرة والبلاد المستوردة.

بعد ثلاث سنوات متواصلة من قيادة السيارة في كندا لم أعد أعرف كيف أقود السيارة في شوارع الرياض. أسوأ قرار اتخذته أن سمحت لنفسي بقيادة السيارة في كندا. جابهت صعوبات جمة في البداية وأخيراً تكيفت ولكني صرت أدفع ثمن هذا التكيف في كل مرة أزور فيها المملكة وأضطر إلى قيادة السيارة. عرفت هناك ما لم أعرفه في المملكة أبداً. صرت أعرف معنى خط أصفر وخط أبيض وخط متقطع إلخ. اكتشفت أن قيادة السيارة هي تناغم بين السيارات والرموز المختلفة التي تراها على جنبات الشوارع. ثمة خطاب وتبادل معلومات مستمر بيني وبين كل قائد سيارة في الشارع الذي أسير فيه. اكتشفت أن الطريق حق لراكب السيارة والسائر على قدميه مع أفضلية كبيرة للسائر على قدميه. انغمست في احترام وتطبيق الأنظمة التي جرى اختباري للتأكد من استيعابها.

أقول للمرأة المضطرة أن تقود سيارتها في شوارع المملكة لا تتعاملي مع الأنظمة والقوانين المرورية التي تلقيتها في المدرسة بجدية. شوارع المملكة ليست المكان المناسب لتطبيقها. الأنظمة تحتاج إلى بنية تحتية. خطوط ولوحات وإشارات وغيرها ورجل مرور حازم يعرف شغله. شيء من هذا متوفر في بعض الشوارع الرئيسة (جزئياً) ولكنها غير متوفرة في ثلثي شوارع المدينة. قيادتك للسيارة في الشوارع الداخلية (الأحياء) مثلاً سيعتمد على الله ثم على تقديرك وحسك وحدسك وشجاعتك وتهورك وحذرك وحبك للحياة أو استهتارك.

نصيحتي في هذا الشهر الفضيل لا تقودي سيارة إلا إذا كنتِ مضطرة. وكل عام وأنتِ بخير..

بقلم: عبدالله بن بخيت - الرياض