أدور عليه وهو قدامي

مشكلتنا أننا نبحث عن الشيء الماثل أمامنا، نتركه في مكانه ونذهب نبحث عنه في الأمكنة الأخرى.

قرأت تقريراً يتحدث عن مدى تغلغل حزب الله اللبناني في مفاصل الدولة اللبنانية، لا أعلم لماذا كتب هذا التقرير، كل شيء يمكن أن يخفى إلا سيطرة حزب الله على الحياة في لبنان.

حزب يملك المال والسلاح والهدف، إذا اجتمع المال والسلاح والهدف حضرت القوة، لا تحتاج أن تبحث عن دليل على نفوذ من امتلك كل هذا.

المشكلة ليست في حزب الله، المشكلة في الأرض التي تنبت فيها الأحزاب السياسية الدينية، حزب الله لا يجند بالمال ولا يصرف على الدعاية ولا يعمل على إرضاء اللبنانيين والعرب والمسلمين، نشأ ليحقق الأحلام التي زرعها غيره في مكان بعيد عنه. الأرض التي أنبتت حزب الإخوان هي نفسها الأرض التي سمحت لحزب الله بالنمو، علينا ألا ننخدع بالفرق المذهبي، حزب الله يقوى بقوة الإخوان، وحزب الإخوان يقوى بقوة حزب الله، فالأوهام التي تخدع الشعوب الإسلامية واحدة.

الأحزاب الدينية تختلف عن الأحزاب السياسية في أجندتها وفي تطورها، منظرو الحزب الديني لا ينتمون بالضرورة للحزب بل ربما على خلاف معه، عندما يتحدث شيخ أو ملا في قرية نائية في اليمن أو في الصومال أو في باكستان عن الجهاد في سبيل الله ثم يسرد قصص الحكواتية عما جرى في التاريخ يكون وضع اللبنة الأولى والمهمة للمستقبل الذي سوف يسلكه حزب الله، هذا الشيخ البسيط النائي مهد الأرضية التي سيبدأ منها بعد مراحل بسيطة حزب الله أو حزب الإخوان كل في مذهبه. حزب الله يريد أن يحرر فلسطين وحزب الإخوان يريد أن يوحد الأمة الإسلامية من الصين إلى الأطلسي، أحلام إضافية زرعها طرف ثالث في مسجد آخر، الأول تحدث عن الجهاد ليأتي الثاني ويتحدث عن الهدف ثم يأتي ثالث فيتحدث عن العدو ثم يأتي رابع ويؤكد أن الخلافة آتية، وبهذا تصبح الدول الإسلامية القائمة غير شرعية. بهكذا خطاب تجتمع العناصر التي سيقف عليها حزب الله في لبنان وحزب الإخوان في مصر وداعش والحشد الشعبي.. إلخ.

الحزب الديني لا يحتاج أن يصمم دعاية أو يطرح برامج انتخابية، مناديبه المتنوعون في كل مكان يعملون بجدية ودأب، برامج مستحيلة تم تمريرها منذ سنين طويلة ولكنها مبهرة، هؤلاء الذين يقومون بالدعاية لحزب الله لا يعرفون حزب الله ولم يجندهم حزب الله، جندتهم الأوهام.

مشكلة المسلمين ليست في حزب الله وليست في الإخوان ولكن في تلك الآلة التي يرعونها بأيديهم وبأموالهم.

بقلم/ عبد الله البخيت - الرياض