هل ينفع القشع الإلكتروني؟

يقال قشع الرجل القوم أي فرقهم وأذهبهم، وقشع النور الظلام أي أزاله، وفي عاميتنا نستخدم المعنى الأولى فنقول: (قشعوا الوزير) أي أعفوه من منصبه، وفي العامية اللبنانية يستخدمون الثانية فيقولون: (ما عم تقشع معي) أي لا أرى بوضوح، وقد ساهم تويتر وبقية وسائل التواصل الاجتماعي في قشع أكثر من مسؤول رفيع المستوى بعد اتضاح تقصيره أو تجاهله للمواطنين.

والأمر ليس حكرا على السعودية، ففي مصر استقال وزير العدل بعد أن ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بتصريح تلفزيوني قال فيه إن ابن عامل النظافة لا يصلح أن يكون قاضيا!.. مؤكدا أن القاضي يجب أن يأتي من بيئة ثقافية واقتصادية جيدة، وهو مفهوم يتنافى مع أبسط مواصفات اختيار وزير العدل ولا يجوز أن يصدر عن وزير العدل، ولكن ما أثار انتباهي في هذه القصة تغريدة من مصر تحتوي على سؤال مهم: هل يعني ذلك أن الوزير الجديد سوف يقبل بتعيين ابن عامل النظافة قاضيا أم أنه فقط لن يقول ذلك علنا كي لا يغضب المجتمع.

وهذا السؤال يمكن طرحه هنا كي لا ننساق دائما خلف هاشتقات تويتر أو حملات الصحافة دون أن تكون لدينا خطة حقيقية لمعالجة المشكلة من جذورها، فلا شك أن التخلص من مسؤول مقصر هو أول الطريق إلى الحل، ولكنه ليس الحل، والتماهي مع رغبات المواطنين سلوك يستحق الاحترام، ولكنه لا يغير شيئا في حقيقة الأداء على أرض الواقع.

لذلك لا أرى جدوى في المبالغة بالاحتفال بالتخلص من عنجهية مسؤول ما لأنه ترك المنصب وانتهي أمره، فالمهم هو أداء المسؤول الجديد وإنجازاته الفعلية لا الافتراضية، ففي مثل هذه الأجواء قد ينجح بعض الوزراء والمسؤولين عبر مهارتهم الخاصة أو عبر شركات متخصصة في إرضاء وسائل الإعلام الجديد والتقليدي وتحاشي غضبتهم بقدر الإمكان دون أدنى أهتمام بتحقيق إنجازات حقيقة على أرض الواقع.

وأظن أن منكم من لاحظ أن بعض المسؤولين يحرص على تسويق صور له عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو يتحرك ببساطة (قد تكون مفتعلة)، ويحاول إظهار تفاعله مع المواطنين أو الموظفين الصغار بهدف التأثير على الرأي العام، ولكن كل ذلك غير مهم.. المهم أن ينجز عمله وأن يكون فعلا لا قولا أفضل من المسؤول السابق الذي تم قشعه!.

* نقلاً عن صحيفة "عكاظ"