نكتة دولية وسط المجازر!

هل خطر لك أن تتفرج على مسرحية كوميدية يعرضها أصحابها وسط المجازر ويتحرك الممثلون الهزليون فيها فوق جثث الأطفال الممزقة؟!، هذا ما يحدث اليوم في سباق الدول الغربية للتراجع عن مواقفها السابقة ضد جزار دمشق بشار الأسد – إذا افترضنا أن لها مواقف حقيقية في السابق – حيث بدأ زعماء عدد من دول العالم في التصريح بأن بشار الأسد يمكن أن يكون جزءا من الحل في سوريا!.

تخيلوا.. بشار الذي قتل الأطفال والنساء بالأسلحة الكيماوية وأمطر قرى سوريا بالبراميل المتفجرة وشرد شعب سوريا في مشارق الأرض ومغاربها وبقي في قصره محاطا بالجنود الروس والإيرانيين واللبنانيين يصلح جزءا من الحل.. فأين هي المشكلة؟.

على أية حال يمكننا أن نقول بكل ثقة إن خيانة المجتمع الدولي لثورة سوريا السلمية طوال السنوات الخمس الماضية كانت سببا أساسيا في تعزيز موقف الجماعات الإرهابية المسلحة وتقوية شوكة تنظيمات دموية مثل داعش، وإن هذه الخيانة الجديدة التي يستعد لها العالم اليوم سوف تكون بمثابة الجائزة الكبرى للتنظيمات الإرهابية المسلحة ليس في سوريا فقط بل في العالم أجمع لأن مبادئ السلام والعدالة الدولية سوف تتحول إلى أضحوكة كبرى في كل مكان في العالم وسوف يصبح منطق الإرهابيين هو الأعلى وهو الأكثر قربا من عقول وقلوب الكثيرين بل أنه - للأسف الشديد – سوف يكون أكثر رحمة من منطق الدول الكبرى التي تركت الشعب السوري يواجه الموت والتشريد ثم ذهبت لمكافأة الجزار الذي أعاد سوريا مائة سنة إلى الوراء.

وبعيدا عن العدالة التي قد لا يكون لها قيمة في سياسات الدول الكبرى، فإن بشار لن يكسب المعركة مهما طال الزمن لأنه يحارب شعبه بالأجانب، والذي سوف يحدث حتما في قادم الأيام هو تحول المجموعات المعتدلة في المعارضة السورية إلى صف الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها داعش، وهنا سوف يتحول الحل الكوميدي الذي طرحته الدول الغربية إلى مأساة كونية لن تتوقف أخطارها عند حدود سوريا بل ستشمل العالم أجمع، وهكذا بدلا من أن تستميت الدول الكبرى في الدفاع عن كرسي بشار الأسد الملطخ بدماء الأبرياء سوف تستميت في البحث عن حل لمواجهة الإرهاب الأسود على حدودها.

وهكذا من يحول مأساة شعب كامل إلى مسرحية هزلية سوف يجد نفسه ذات يوم جزءا من هذه المسرحية.. والأيام حبلى بمزيد من الأهوال!.

نقلاً عن صحيفة "عكاظ"