الإرهاب والعنف الاجتماعي

لا يمكن أن نتصور وصفا للإرهاب دون الإشارة إلى العنف في ممارسته، فهو يتخذ صورة من صور العنف ويستند عليه كممارسة اجتماعية، وإذا أردنا أن نضع مقاربة لوصف الإرهاب وعلاقته بالعنف الاجتماعي فيمكن ذلك بالتركيز على غايته الأيديولوجية حين نشير إليه كعنف مذهبي تتعدد خلفياته ودوافعه وتعبيراته.

الإرهاب مصطلح شامل لأبعاد مختلفة، ولكن بعيدا عن وصفه بالصراع والقتل على ناحية المستويات الإقليمية والدولية أو ما تثيره النزعات الطائفية، فهو على المستوى الاجتماعي في جانب محدد له إشكالية توجد بمستويات متفاوتة في الحدية كمنتج للفساد، ومثاله في مظهر المشادات الكلامية والعبارات النابية في الشوارع، واعتداء سفهاء الطرق على بعضهم أثناء قيادة السيارات أو مشاهد التفحيط القاتلة التي يعدها البعض فنا وموهبة.. كذلك التحرش بين الجنسين والعنف الأسري، واستبعاد الآخر لاختلاف عرقه أو مذهبه، وغيرها من المظاهر التي تجعل الجانب الآخر ضحية لمشاعر سلبية كالخوف والتهديد أو الشعور بالنقص والدونية، حيث إنها ممارسات تتخذ الرعب والإرهاب والعنف من مبدأ القوة كأساس في طريقة تعاملاتها.

الإشكالية تتداخل فيها عوامل نفسية وبيولوجية واجتماعية عدة، وتضم سلسلة من الانفعالات تتراوح بين الضرر المادي والجسدي والإهانة النفسية، فهي تؤثر وتتأثر في المجالات كافة التي يتفاعل الفرد ضمن نطاقها، ومن ناحية فهي تسهم في الضغط على الفرد وتؤثر على قدراته الإيجابية وصلاحه الاجتماعي، وتؤثر أيضا في منظومة المجتمع وبنيته القيمية مما يشكل بيئة خصبة يتنامى فيها العنف.

هناك فرق بين الانضباط الذي يأتي من حرية الفرد ومسؤوليته وإحساسه بالرشد تجاه أفعاله وبين ممارسة الكبت والضغط التي تجعل هذا الانضباط واجبا، ويظهر من ذلك عدم الوعي بالحق الشخصي وقلة الاحترام لحقوق الآخرين بما يفرضه القانون الاجتماعي غير التنظيمي الذي لا يكبح الأفعال ويهذبها من التطاول، ولذلك فإن ممارسات الإخضاع وعدمية استقلال الفرد تولد لدينا نفسيات مهزوزة وعدائية، تبحث بانهزامية وتبعية عمياء لتحقيق ما يقتضيه احتياج تركيبها النفسي الخاطئ.

نصل إلى أن العنف الاجتماعي نتيجة أوجدتها أسباب عدة، فهو يشير إلى وجود خلل في البنى الاجتماعية تجعل من العنف شرطا أساسيا لتجاوزها، فإذا انعدمت أساليب التربية والإقناع سنجد أن هناك تناقضات كامنة وتوترات مختزنة في بنية المجتمع تبحث عن أساليب للتفريج بواسطة العنف، وهذا في المحصلة يؤدي إلى انحراف الأفعال في سلوك الفرد، وبدوره يهدد النظام الاجتماعي ويتسبب في الفوضى والعشوائية وارتفاع معدلات الجريمة، وهذا أحد أشكال الإرهاب الذي يتطلب إيجاد الآليات المساهمة في تهذيب السلوك وتنظيم المجتمع. 

نقلاً عن صحيفة " الوطن"