هذه صورتنا.. وحقيقتها!!

 ليس مهماً أن تتفق دول الخليج على المصالحة وإنما ديمومتها، وإلا فالطريق الآخر اتجاه للتصعيد، والنتائج في النهاية، كارثة على الجميع، وحتى نرى صورتنا الحقيقية في المشهد العربي والإسلامي، وأنا هنا لا أريد إهانة مبادئ أُدين بها شخصياً في العروبة والإسلام، دعونا نقف على أكثر من صورة خرجت فقط بعد نزول ثروة النفط على هذه الدول وصفت من بعض المفكرين والساسة بأنها صدفة جغرافية ولعنة عليهم لدرجة أن العمالة العربية تحديداً التي استقدمت لهذه الدول عادت لبلادها بتقاليد عقلية المستهلك و«التنبل» الذي لا يريد أن يكون عضواً فعالاً بسبب ترف «البترو - دولار»، وآخرون يرونكم بدواً لا يفرقون بين الدابة المركوبة وسيارة «الروزرويس» حين تتزوجون الأربع وتحشدون الجواري وتغرقون في ترف الرفاهية المحرمة في نوادي الليل في العالم..

بنظرهم العروبة لا تشمل كل الدول فهي استعمار جديد هدم حضارات سابقة، وهي تقترن فقط بأبناء الجزيرة العربية البدو والذين ليس لهم تاريخ إلا الهجرة في أبعاد صحاريهم يهتدون بالنجوم و«يأكلون الضب وأطراف الجراد» كما يقول فيصل العيسى في قصيدة شهيرة له، وأزمة النفط أو لعنته لا تشمل دولاً عربية أخرى شهدت نفس الطفرة، ولكنها نجت من الألقاب والحملات إلا دول الخليج العربي لأنها من فتحت الأبواب وقامت بواجباتها من مبدأ عروبة أصيلة وكريمة حملت أرومة بدوها وصحاريها وأنفة إنسانها وبطولاته ومعلقات شعره..

من احتضنتهم هذه الدول من إخوان مسلمين وغيرهم طاردتهم دولهم، أو آخرين من العالم الإسلامي، كنا نراهم ضحايا مواقفهم، ولسبب تسامحنا لا غبائنا، كما يعتقد البعض، آويناهم ووضعناهم في مراكز مرموقة لم يحلموا بها، لكنهم غلبت عليهم حقيقة أفكارهم على مبادئ الإسلام، بحيث عملوا على تلغيم بلادنا بالفكر المتطرف واعتبروا النفط الخليجي فقط، مال المسلمين تماماً كما نادى بنفس الفكر والتصور يساريون طالبوا بتأميمه والصرف على «البروليتاريا» طبقة العمال العرب لضرب الإمبريالية، ولم يختلف الإسلامي عن رافع شعار العروبة واليساري عن تجسيد الصورة السلبية عنا، ثم تعالوا إلى شكل المعاملة في معظم الدول العربية معنا التي يؤمها السياح والتجار والدارسون أو المرضى، كيف يتم التعامل داخل الحدود البرية والجوية، وكيف يرتهن جواز سفرك بشكل علني وبدون أي كرامة لك حتى تدفع اتاوة النفط كحق طبيعي لإدارات الجوازات والجمارك، وسائق الأجرة، والسكن والمطعم لدرجة ترى أنك في عالم آخر لا ينطق لغتك أو يجتمع بك على مبدأ وعقيدة؟!

جوارك الإقليمي لا تختلف نظرته عن محيطك العربي، إلا أن منطلقاتهم المختلفة تحددها نسبة المطامع ورؤية التاريخ بصورته الماضية أي خضوع المنطقة في سالف الأيام للإمبراطورية الفارسية التي لا تخفي ضرورة عودتها، وهذه المرة برداء ديني وقومية «شوفينية»، وتركيا لا تختلف عنها فهي لا تزال دولة (الباب العالي) التي تأمر ولا تُؤمر، وقد تشكل صورة تاريخية دخلت الشعور العام بأن «العرب خيانات» أي هم من خانوا الخلافة، غير أن الحاضر يريد ترجمة الفعل الجديد بسلوك دولة الإسلام لتركيا المعتدلة التي يجب أن تعطى صكاً على تولي الوصاية على العرب أولاً ثم المسلمين..

إسرائيل نعرف قرارنا حولها، ولا تحتاج إلى قراءة جديدة كعدو ثابت في المعادلات العسكرية والسياسية وطرف في أزماتنا مع الدول الأخرى، لكن أن ننخدع بمظاهر ما حولنا من أفكار أو آراء تصنفنا بالدونية خطأ عقلي وفكري.

لا ننادي بالقطيعة والعداوات أو إظهار السلبي في علاقاتنا العربية والإسلامية، وإنما هذا الرسم البياني الذي يصعد بنا أو يهبط تبعاً للصور النمطية الجاهزة، علينا أن نكون عروبيين بكل مبادئنا وأخلاقنا وبدون حساسيات وأحكام مسبقة..

نقلاً عن صحيفة " الرياض"