مصر تكسر أعداءها

 تتعرض مصر لعمليات إرهابية منذ إسقاط نظام محمد مرسي، ثم فض اعتصامي رابعة والنهضة، هذه العمليات ازدادت عنفاً خلال الأسابيع الماضية، واستهدفت رجال الأمن عبر زرع عبوات متفجرة في أشجار بالقرب من تجمعات شرطية، وبالقرب من الجامعات، مع محاولة تعطيل الدراسة في الجامعات عبر المظاهرات الطلابية لشباب الإخوان، والتي تلبس رداء السلمية حتى ينتهي التصوير الذي يرسل إلى قناة الجزيرة، ثم تبدأ بالعنف الموجه إلى رجال الأمن وتدمير المنشئات.

الهدف من تلك الاعتصامات التي تلت عزل مرسي حتى اليوم لم يختلف، وهو محاولة تعطيل الحياة في مصر، على مبدأ «أنا ومن بعدي الطوفان»، ولم تكن الجدية الأمنية والتلاحم الشعبي خلف الجيش والشرطة هي المزعج الوحيد لأصحاب هذا المخطط من الداخل والخارج، بل كان المزعج الحقيقي هو الشرعية التراكمية التي حصل عليها نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي.

هذه الشرعية كان ذروة سنامها الترحيب به في الأمم المتحدة، ولقاؤه مع الرئيس أوباما على هامش اللقاء الأممي، وهو ما شوهد أثرة في أحد ألد أعداء مصر وهو الرئيس رجب طيب أردوغان، وعلى النقيض تواترت التصريحات الغربية الإيجابية تجاه مصر من شخصيات عدة، كانت متحفظة على عزل مرسي، وعلى رأسها كاثرين أشتون وجون كيري، الذي أعلن خلال لقائه وزير الخارجية المصري سامح شكري، تسليم طائرات الأباتشي خلال شهر، إضافة إلى قرار سابق للكونغرس لرفع جزئي للحظر المقام على المعونة المقدمة لمصر.

لم يكن مزعجا لأعداء مصر الشرعية المتراكمة غربياً فقط ومن شخصيات كانت الداعم الأكبر لهم، بل كانت الشرعية الشعبية التي أتت عبر الاكتتاب في قناة السويس الجديدة، وهو ما مثل استفتاء لشرعية النظام الجديد، عبر دفع المصريين ما يربو على الستين مليار جنيه، بل والتقيت أناساً رغبوا في الاكتتاب ولم يتمكنوا من شدة الزحام الذي وجدوه في المصارف.

ثالث الأمور التي أزعجت مريدي تعطيل مصر، هو عودة السياحة في شكل كبير إلى مناطق عدة، وعلى رأسها القاهرة وشرم الشيخ، اللتان شهدتا ازدحاماً كبيراً من السياح خلال العيدين السابقين، حتى إنك لا تجد غرفة فندق شاغرة في عدد من الفنادق، وبالطبع لم تعد إلى سابق عهدها قبل 2011، ولكنها حققت دفعه اقتصادية لقطاع عريض من المصريين العاملين في السياحة.

ولأن الصراخ يكون على قدر الألم، تلت ذلك هجمة كبيرة على الجنود المصريين في سيناء، التي أصبحت بفضل نظام مرسي بؤرة للإرهاب، عبر عناصر متطرفة بايع بعضها البغدادي أخيراً، ولكن الرد المصري كان حازماً، عبر قرار النظام بتر منفذ الإرهاب القادم من غزة، والتي يسيطر عليها جماعة الإخوان فرع غزة «حماس»، ونذكر أيضاً، أن الإرهاب أتى إلى مصر من ليبيا عبر الهجوم على مبنى لحرس الحدود، وتفجير مخزن للأسلحة، قبل أن يستطيع الجيش الحر تطهير بنغازي من الإرهابيين، ومن هنا ندرك أيضاً رمزية تفجير سفارتي الإمارات ومصر الخاليتين في ليبيا.

ثم أتت حادثة دمياط، إذ تعرض طاقم زورق بحري مصري لحصار رباعي من أربعة قوارب صيد كبيرة، من جميع الجهات. وبدأت تلك القوارب بإطلاق النار المكثف على الزورق، ما تسبب بنشوب النيران فيه. وكان على متن هذه القوارب 65 مسلحاً، في حادثة مثلت تغيراً نوعياً في تدريبات وجنسيات المهاجمين، وإشارة إلى مدى نجاحة عمليات الجيش المصري في سيناء، تزامناً مع عملية الكرامة في ليبيا بقيادة اللواء حفتر. من نافلة القول، إن الحديث عن أن مصر ضعيفة وبعيدة عن أشقائها الخليجيين، أحد ركائز مخطط التقسيم، أما أوباما فلا يريد أن يدرك أن من يقاتلهم الجيش في مصر وفي ليبيا هم إرهابيون لا يختلفون عن «داعش» في سورية والعراق، ولا نستثني بالطبع الحوثيين وزواجهم العرفي من عبدالله صالح، وربما لن يدرك أوباما خطر تجاهل الإرهاب في هذه الدول الثلاث إلا بعد أن ينحر الإرهابيون صحافيين أميركان.

نقلاً عن صحيفة " الحياة"