الأقاليم تلون الفكر الفلسفي بألوانها!!

?? اسم الكتاب: أقلمة المفاهيم اسم المؤلف : عمر كوش ?? الناشر: المركز الثقافي العربي بيروت- 2002 أحد الكتب المتميزة في الإنتاج العربي للفكر والثقافة العميقة لهذا العام، فهذا الكتاب يقدم الجديد في النظرة الإقليمية أو القومية للعلوم الفلسفية، ويقدم المؤلف رؤية فلسفية، ويدعمها ببراهين من واقع التاريخ الفلسفي العربي والغربي أيضا. البداية ما هي وظيفة الفلسفة؟ هذا السؤال يطرحه المؤلف ليجيب عليه من أفكاره التي يبثها في كتابه على 192 صفحة. يرى الكاتب أن الإنسان مخلوق مفكر ويعقل أيضا، ويعيش مبهورا بالطبيعة والكون، ومعجبا بها ومتفاعلا معها، ويملك الإنسان عقلا مفكرا لا يتوقف عن التفكير ولا يستطيع الإنسان أيضا أن يمنعه من الانطلاق في تصوراته وتحليلاته. ومن هنا انطلق الفكر الإنساني يبحث في نفسه وفي الطبيعة حوله، وارتقى بمحاولات التفكير إلى بذل الجهود لمعرفة المجهول من أمور الطبيعة، وقد يعجز الإنسان عن الحصول على الحقيقة كما هي، لذا يستعيض عن ذلك بالتفكير في صورة لها، وينطلق التفكير إلى ما وراء الطبيعة، ليقدم حلولا وأفكارا لأمور هو لا يدركها، ولكنه يسعى لإرضاء حب المعرفة الموجود في عقل الإنسان منذ إدراكه لأمور حياته وتصرفات الحياة فيه. وهو يرى أن التفكير الفلسفي جزء من طبيعة الإنسان، وأن محاربة التفلسف لا تحقق نتيجة، لأن من طبيعة العقل التفكير. الترجمة المستعصية!! يتعرض الكاتب لموضوع آخر هام، وهو الاختلاف في الفهم بين صاحب الفكرة وناقلها، فالكتابة الفلسفية ليست ككتابة الروايات، فهي فكر يطرحه كاتبه لرؤية عقلية يراها ويعبر عنها بالكتابة، وهي غالبا فكرة نظر ورؤية، قد يجيد التعبير عنها وقد يكون الغموض جزءا من تعبيراته، وهنا يحدث الأشكال، فالفلاسفة العظام السابقون تم ترجمة العديد من كتبهم وأفكارهم حسب فهم الناقل لهذه الكتب، أي حسب رؤية وفهم المترجم. وهذا المترجم يتمتع أيضا بفكر ورؤية فلسفية، قد تتمشى مع أفكار صاحب المبدأ الأول وقد لا تتوافق معه، وهذا الاختلاف لا يمنع من أمانة المترجم في نقل المفاهيم الفلسفية كما فهمها، لا كما وردت أو كما أرادها صاحبها الأول، وليس هنا تعمد مقصود بتغيير المفاهيم، ولكن لأن البيئة والإقليم الذي نشأ فيه المترجم يلون له ترجمته ويصبغها بلون خاص. ويرى المؤلف أن هذه الأخطاء في الترجمة لا ينظر إليها كأخطاء في حالة وجود حريات عامة مطلقة، لأنها تعبر عن رؤية إقليمية لأفكار عالمية، ويرى أن لكل مجتمع الحق في توظيف مفاهيمه الإنسانية وتراثه وتاريخه في مفهومه الفلسفي للحياة. ويرى أن الفلسفة تموت في حالة فقدان الحرية الفكرية، وتخرج الترجمات وهي مؤدلجة وذات صبغة محلية لا ترتقي للفكر الفلسفي. فهذه الترجمات في بيئة القمع والتسلط لا يمكن أن تخلو من التحيز أو النقصان. العقل الفلسفي يتوسع الكاتب في مناقشة موضوع العقل ويقدم أفكار السابقين وماذا كان يعني العقل لهم، ويرى أن هناك اختلافا في المفاهيم بين الشرق والغرب، وفي الشرق أيضا اختلفت المفاهيم عن قوة العقل وأسراره ومفهومه، فهل كلمة العقل هي اشتقاق من كلمة عقل بمعني ربط وقيد، وضبط أم انه وسيله الربط بين الإنسان والحياة. وقدم أفكار رجالات الفلسفة العربية ورؤيتهم للعقل ومنهم الكندي والفارابي والرازي وابن سينا والغزالي وابن رشد. كما تطرق لجيل الفلاسفة العرب في هذا الزمن وتعرض لأفكار كل من الجابري وغليون وطه عبد الرحمن وجورج طرابيشي وغيرهم. ثلاثة فصول يقدم الكاتب فكره وموضوعه في ثلاثة أجزاء، وجعل الجزء الأول بحث في المفاهيم والأقاليم، والجزء الثاني جعله في نقد التمركز ودراسات ما وراء الطبيعة، والجزء الثالث فهو عن المفهوم والاختلاف. وفي الجزء الأول تعرض الكاتب للفلسفة العربية وكيف ظهرت ولماذا توقفت، وهو يربط انطلاقها الأول في العصور الإسلامية الأولى بتوفر الحرية الفكرية وعدم وجود القيود في الفكر الفلسفي العربي. وبانحدار مستوى الحرية توقفت الأفكار الفلسفية الإبداعية وتحولت إلى المشي على خط السياسة والسلطة لا إلى خط العلم والمعرفة. كما تطرق أيضا للفلاسفة المسلمين، وصنفهم بين فلاسفة أو متكلمين كما كانوا يوصفون في الأدبيات العربية والدينية، وهو يرى أن المتكلمين انصرفت اهتماماتهم نحو الفلسفية والرؤية الدينية، ولو أنها شملت بعضا من مظاهر الحياة الدنيوية. ???