الكتاب الإلكتروني.. ما زال في مرحلة السبات!!

بين عامي 1990 2000 كان الحديث عن الكتاب الإلكتروني يؤكد أنه سيحل محل الكتاب المطبوع، وأن المنافسة بينهما غير متكافئة، لأنها جميعها لصالح الكتاب الإلكتروني، فهو ليس ورقا يجب الحفاظ عليه من الماء والتمزق، وسيكون محمولا في الجيب مهما كان كبر الكتاب وتعددت صفحاته، كما أنه يمكن للإنسان أن يحمل مكتبة وليس كتابا في جيب ثوبه أو قميصه. وكانت البشائر تتوالى بأن شركات النشر تتسابق على وضع كتبها في خدمة النشر الإلكتروني، وتظهر استعدادها لتقدم الكتب الجيدة بأسعار تقل كثيرا عن قيمة الكتب الورقية، وظهرت شركات جديدة عملها وهدفها تحويل الكتب الورقية القديمة إلى كتب مطبوعة على صفحات زجاجية مضيئة، ويتم تقليب هذه الصفحات حسب رغبة القارئ يمينا وشمالا، أو من أعلى إلى أسفل بحروف مضاءة وبالحجم الذي يعجب القارئ. إنها أعمال سحرية تشجع على القراءة حتى داخل الغرف المظلمة، فالكتاب مضيء بنفسه، ويمكن لعاشق القراءة أن يقرأ ما يريد وهو داخل بركة السباحة فالكتاب لا يبتل ولا يغرق. ولا يكفي هذه الميزات، بل إنه أصبح الكتاب الذي لا يمر على الرقابة ولا على الجمارك، وأصبحت الكلمة في ظل هذه التقنية حرة طليقة تتنقل من شمال الأرض إلى جنوبها بدون عوائق سياسية أو فكرية. ميزات عديدة ونجاح محدود!! وعلى الرغم من كل الميزات السابقة فإن نجاح الكتاب الإلكتروني توقف تماما، بتوقف موجة ما تسمى فقاعة الإنترنت، وعلى الرغم من أن الإنترنت بقيت متماسكة وقوية إلا أن كثيرا من التقنيات التي صاحبت ظهورها لم تنم بنفس معدل نموها، وكان منها الكتاب الإلكتروني، الذي تعثر بأسباب تلخصها جريدة نيويورك تايمز بما يلي: 1-اختلاف وتباين وسائل تخزين الكتاب، فالأجهزة المقدمة تفتقد توحيد المقاييس الفنية، مما شتت الجهد، وزاد في تكلفة إعداد الكتب ليمكن أن تستقبلها الأجهزة الكثيرة المتنوعة. 2-اختلاف الأنظمة التي تستخدم تخزين الكتاب، لذا وجب على الناشر لكي يبيع كتابه أن يطبعه على عدة أنظمة، لكي يمكن استقباله وقراءته على كل الأجهزة المتنوعة، والتي يستخدم كل منها نظاما يختلف عن الآخر، للإرسال والاستقبال. 3-انشغال دور النشر والمؤلفين بالحقوق وحقوق النشر للجديد ولما سبق أن نشر، وتشعبت القضايا القانونية وتعددت، مما جعل الكثير من المستثمرين يصرف النظر عن هذه المشاريع لعدم وضوح الرؤية فيها. 4-إن القراءة كانت وما زالت هواية ونشاطا يقوم به الجيل الأول، وهم الفئة التي تنحصر أعمارها بين 30- 60 وهم الغالبية العظمى من القراء الذين لا يزالون يحتفظون بمحبة وصداقة حميمة مع الكتاب الورقي، وقد لا يجد الكتاب الإلكتروني أصدقاء له من هذه الأجيال، وعليه الانتظار حتى يبدأ شغف القراءة من قبل الأجيال القادمة التي عاصرت عصر التقنية الحديثة وتعلمته من نعومة أظفارها. الأمل لا يزال موجودا بالرغم من الاهتمام بالكتاب الإلكتروني قد قل كثيرا، ولم تعد صفحات التقنيات وصفحات أخبار النشر تهتم بأخباره وتطوراته، إلا أن خبر وفاته لم يعلن ولن يعلن، فهو في فترة بياته الشتوي، وسينهض بعد فترة من الزمن، وسيكون هو الوسيلة المنافسة للكتاب الورقي في الزمن القادم الذي كان ينتظر انه سيكون قريبا جدا، ولكن تبين أن هذا التنبؤ لم يكن صائبا في هذا الزمن. ومن الدلائل على وجود نبض في قلب هذا الكائن النائم أمور عديدة، نذكر منها التالي: 1-إدخال تحسينات كبيرة على أجهزة استقبال وتخزين الكتب، حتى أصبحت مرغوبة في الشراء لخدمات أخرى تقدمها بجانب حفظ الكتب، فهي الآن يمكن أن تكون كمبيوترا صغيرا محمولا يؤدي الكثير من الخدمات مثل استقبال رسائل الإنترنت، ورسائل الجوال مع المفكرات، وصنع ملف مالي للحسابات المالية للشخص، ويمكن شبكه بجهاز الكمبيوتر وتحميل ما يريد الإنسان من مواضيع صحفية، وهذه التحسينات زادت في إقبال الناس عليها وشراء هذه الأجهزة، وبالتالي فقد زاد الإقبال على طلب الكتب الإلكترونية. 2-لا تزال العديد من دور النشر تواصل مهمتها في إعداد بعض الروايات الجيدة ليمكن قراءتها من خلال الكتاب الإلكتروني، وهذا النشاط المحدود يلاقي القبول المتزايد من المستخدمين، فقد جهزت شركة (بالم Palm) لتصنيع أجهزة الكتاب الإلكتروني ما مجموعه 5500 كتاب ليمكن قراءتها على جهازها المسمى( بالم) وتم بيع ما يزيد عن 180.000 من الكتب الإلكترونية زيادة عن العام الماضي، وتتوقع الإدارة أن تتضاعف المبيعات للعام القادم. 3-الآن وبعد أن وضحت المعالم القانونية من حيث صدور الأحكام بالحفاظ على حقوق المؤلفين الجدد، ومع السماح للناشرين الجدد بالحصول على حق النشر الإلكتروني لما سبق أن نشر من روايات، فإن المستثمرين يرون أن الفرصة مواتية للعودة إلى استكشاف الفرص في هذا الفرع التعليمي والترفيهي الهام. وسيكون للكتاب الإلكتروني دور هام في السنوات القادمة بعد أن يكون الكمبيوتر جزءا من أثاث كل منزل، ويستخدمه جميع أفراد الأسرة بمن فيهم الجد والجدة الذين هم الآن في مقتبل العمر، وستبقى هذه الصداقة والرابطة بينهم وبين الكمبيوتر لسنوات كبرهم. ???