الحركات الإسلامية سلبا وإيجابا في نظر المفكر المغربي بلقزيز

??اسم الكتاب: الإسلام والسياسة اسم المؤلف: عبد الإله بلقزيز اسم الناشر: المركز الثقافي العربي الرباط طبعة أولى 2001م ?? في هذا الكتاب يقدم المفكر الإسلامي الكبير عبد الإله بلقزيز وجهة نظره عن الحركات الإسلامية، وما وصلت اليه وتأثيراتها السلبية والإيجابية، في دراسة موسعة ودقيقة في التوثيق والمرجعية. نظرة محايدة: يسعى المؤلف في كتابه هذا إلى أن يكون محايدا في دفاعه أو انتقاده للحركات الإسلامية، والتي نشطت كثيرا في النصف الثاني من القرن الماضي، حيث إنها أصبحت المنافس والواجهة السياسية القوية لمراكز الحكم في كثير من الدول الإسلامية، وكان يمكنها النجاح، ولكنها تلاقي معارضات، وتصل هذه المعارضات إلى حد الصدام المسلح مع القوى الحاكمة. وهو هنا يسعى لدراسة أسباب ظهور هذه الجماعات لمعرفة حقيقة اتجاهاتها والمصير الذي تنتظره لأفكارها. الإسلام قوة محركة: يرى المؤلف أن في العمل الإسلامي قوة محركة كبيرة جدا في العالم العربي، فمنذ ظهور الإسلام، كان هناك ارتباط بين الدين والسياسة، قراءة التاريخ الإسلامي لا تنكر ذلك بل تؤيده وتقطع به. كما أن واقع التكوين الثقافي للمجتمع العربي يجعل من الدين إحدى قواعده الأساسية المحركة له، حيث تحتل الفكرة الدينية موقعا متميزا في منظومة الأفكار العامة والمتداولة بين العامة والخاصة، ومن المعروف أن الثقافة الدينية هي ثقافة الأغلبية في قائمة النخبة وثقافة الجمهور العريض أيضا. ويرى المؤلف أن الدين استخدم وسيلة للوصول إلى الأهداف، حيث إن للدين وقعا خاصا في العقل العربي، فمرة يستخدم الدين للقضاء على الخصوم، ومرة يستخدم كغطاء للحصول على الحقوق، بل إنه الوسيلة التي يحتج بها البعض في المطالبة بالديمقراطية والحرية، بأنها مطلب إسلامي، وهي من القواعد الأساسية في الإسلام. عيوب هذه الحركات السياسية: أولا: أنها غير موحدة الاتجاه أو الفكرة، فالاسم إسلامي والنواة إسلامية، ولكن كلا منها له اتجاه مخالف، وأحيانا معاد للآخرين، ويقول المؤلف: لم يفلح التيار الإسلامي في بناء رأي واحد يدين به سائر الإسلاميين ونحن نعرف أن الإسلاميين فرق ومذاهب وشيع متعددة، ولا نحسب ذينك التنوع والاختلاف دليل ضعف وتفكك، إلا أننا نحتج بهما على غياب الوحدة الفكرية التي لا يستقيم أمر التماهي بين الإسلاميين والإسلام بدونها. 99 والعيب الثاني الذي يطرحه على التيار الإسلامي ليس معاداته للفرق الأخرى فحسب، بل ترى هذه الحركات أن كل منتقد لها صاحب موقف عدائي أو سلبي من الإسلام ذاته وليس منها، وكأنها الناطقة الوحيدة عن الإسلام وبالإسلام . ويقول المؤلف ان هذا العداء لمن ينتقدهم يخلق لهم عداء وبسببهم لا مبرر له ويقول في مجتمعاتنا العربية أغلبية مسلمة ومؤمنة، تصدق بالرسالة وتعتنق تعاليمها، ولا تشاطر التيارات الإسلامية آراءها ومواقفها. والعيب الثالث أن هذه الحركات حملت الإسلام كعقيدة أوزار أفعال غير راشدة، قد تأتيها الحركات الإسلامية في غمرة انغماسها في معارك السلطة والسياسة، ويقول المؤلف ولا نخال أحدا يجهل أن ثمة كثيرون جاهزون لتصيد أخطاء هذه الحركات للنيل من الإسلام وتأليب الرأي العام ضده، وليس تقديمه من قبل بعض الأوساط الغربية بوصفه عقيدة معادية للتسامح والحرية، وداعية للعنف والشمولية، إلا واحدة من علامات ما يبيت له باستغلال هفوات الإسلاميين. المساهمات الإيجابية: هذه الحركات والتيارات الإسلامية ليست كل أعمالها ونتائجها شرور أو سلبيات فقط، فالمؤلف يرى أنها قدمت نقطا مضيئة للمجتمع الإسلامي والعربي، ومن هذه النقاط: أولا: المساهمة الفعلية في تجديد الوعي الذاتي أو الوعي بالذات العربية والإسلامية، وإن كانت فكرة القومية العربية ليست جديدة على الساحة الفكرية العربية إلا ان هذه الحركات ألبستها لباسا جديدا أعاد النظر إليها من خلال اللباس الديني. وكما يقول المؤلف كان ذلك سببا لتزويد الشعور الجمعي بهذه المسألة بطاقة حية جديدة أنتجت تعبئة أكبر وفاعلية أقوى في مواجهة ما تهدد هوية المجتمع والأمة من أخطار ثانيا : يرى ان هذه التيارات كانت ولا تزال واجهة دفاع قوية ضد الاستعمار وضد محاولاته الإغارة من جهات الضعف في الجبهة العربية. فالجماعات الإسلامية في فلسطين ولبنان كانت هي خط الدفاع الأول عن محاولات التوسعات الاستعمارية المتكررة في توسيع رقعة الاحتلال الصهيوني لمزيد من الأرض العربية. ثالثا : لاقت التيارات الإسلامية مقاومة شرسة وقدمت تضحيات كبيرة، ولو أنها لم تكن في سبيل تحقيق الديمقراطية، إلا إنها جعلت الدعوة إلى الديمقراطية والحرية جزءا من الثقافة الجماهيرية، أي أنها كانت السبب وستكون السبب الرئيسي في نشر الديمقراطية فيما لو انتشرت في البلدان العربية. رابعا: إن هذه الحركات وإن كانت لها صبغة سياسية إلا أنها جعلت الدين جزءا من المكون السياسي في كل العالم العربي، وإعادة صوغ العلاقة السياسية بالدين في مجتمعاتنا، وهي علاقة لم تنقطع تاريخيا ولكن ظهرت بصورة أكثر لمعانا، أو كما يقول المؤلف عن الاهتمام الديني المعاصر: حيث احتيج إلى الدين أكثر، وتزايد الطلب عليه في معركة السياسة والسلطة بما لا نظير له في سوابق الماضي. ???