الأديب حسين الفيلالي يقدم مأساة الجزائر بكوميديا سوداء!!

?? اسم الكتاب: ما يشبه الوحم ( قصص) اسم المؤلف: حسين فيلالي الناشر: دار منشورات الاختلاف الجزائر 2001م ?? أربع عشرة قصة قصيرة، تحمل لونا واحدا من الفكر الذي فرضه الوضع الجزائري سياسيا واجتماعيا، فالقصص مستوحاة من المآسي التي يعانيها الشعب الجزائري. هذا الكاتب يقدم أفكاره ورسائله عبر قصص ثرية بالفكرة ومتأثرة بالتوجه الديني لديه، فهو يستفيد من القرآن الكريم ومن آياته التي نجد جملا منها في مقاطع من قصصه. هذه القصص، مع أنها تناقش مآسي وألم الوضع العام في الجزائر، إلا أنها لا تخلو من السخرية والتهكم والرمزية الساخرة المستهترة، بل إن بعض أفكارها المأساوية تنتزع الابتسامة من القارئ وخاصة قصته البحث عما يشبه الصورة، وقصة الجنازة، والقصة الأخيرة في هذه المجموعة وعنوانها الصورة. الاستفادة من الأساطير: الكثير من قصصه تأخذ صفة الأسطورة أو صفة قصص التراث، مثل قصته التي كتبها بعنوان: ما لم تذكره الحكاية يموت رئيس البلد، ولكن القريبين منه لا يرغبون في الإعلان عن موته، يرغبون في وجوده، فهو الحامي وهو المنقذ وهو سيد الشعب، لذا يعلنون أنه لم يمت، ولكنه طلب بناء قصر له بالرخام والزجاج وإبقاء جثمانه حتى يعود من رحلته التي لن تطول، فروحه خرجت ولكنها لم ترحل للسماء بل بقيت في الأرض، لأنها لم تنه مهام الشعب بعد، وستحل وستبقى على الأرض بصورة قرد أو كلب أو حمار. وتظهر سخرية الكاتب في تكملة القصة حيث يقول: يحكى أن القرد والكلب والحمار صاروا من الحيوانات المقدسة لدى المدينة، يحلون بالذهب ويزينون بأفخر الثياب في مواسم الأفراح والأعياد. ويحكى أن الأمهات والآباء صاروا يتباهون بتسمية أبنائهم بالكلب والقرد والحمار تبركا بالوصية. ويحكى أن بعض المسؤولين الصادقين لم يجدوا حرجا في أنفسهم من الإعلان أمام الملأ من أنهم كانوا في صغرهم يكنون بالكلب أو الحمار والقرد صورة سياسية: في قصته التي تحمل عنوان الكتاب (ما يشبه الوحم) يتحدث برمزية شفافة عن رؤيته للتاريخ الجزائري، وكيف تطورت ونشأت العلاقة بين الجزائر والأغراب المستعمرين، وتحول إلى ما هو عليه الآن، ويقول في مقاطع من هذه القصة الجميلة: رست سفنهم على شاطئ البلدة. أحاطوا ببيتنا العتيق، نظر بعضهم الى بعض في شماتة وبصوت ساخر قالوا افعلها إن استطعت. نظرت من النافذة، كانوا جماعة نساء ورجال صفر الوجوه، وكنت وحدي ومع ذلك سولت لي نفسي التمرد عليهم وصحت: لن أفتح لكم بيتنا. تقدم الرجل الذي كان منا، يدخل بيوتنا في المناسبات بدون استئذان، يتحدث عن همومنا بدلا منا، ويرتب أحلامنا كيفما يشاء، ثم يختفي دون وداع .. فتح الباب لهم، اندفعوا إلى الداخل، قفزت مذعورا، أخرجت سيف جدي عبد القادر، شهرته في وجوههم، وطلبت مبارزتهم.. قهقهوا.. وقالوا: لم نأت للحرب! تقدم الرجل الذي كان يرتب أحلامنا وبصوت ماكر قال: هؤلاء مستثمرون أجانب .. وتتواصل هذه القصة المشوقة عن كيفية دخول الاستعمار، وكيف كانت المقاومة، فبعد أن يرغم على تأجير بيته لهم، كما فعل البقية، وكما طلب منه الرجل الذي منهم، أصبح يسكن معهم، لأنه لا سكن له غير بيته الذي أجرهم إياه، وأصبح يأكل أكلهم، ويعمل معهم .. النتيجة: تقدم الرجل القادم من البحر وقال: أنت الآن مبرمج، أكلت طعامنا، وشربت شرابنا، ولبست لباسنا، وصرت تتكلم كلامنا، وعليك تنفيذ أمرنا .. الصورة هي الأصل: يتحدث عن الوضع المعكوس الذي يعيشه الناس في الجزائر، أرض الكاتب، ويذكر في قصته الساخرة (البحث عما يشبه الصورة) وهي قصة تحكي عن شخص متهم، وله أوصاف محددة من الصورة التي لديهم، ولكنهم استبدلوا بذلك الفاعل بديلا له على مزاجهم، وبدؤوا يحققون معه على أنه هو المجرم الحقيقي الذي يبحثون عنه، فلا الاسم ينطبق عليه ولا العمر ولا الوزن الذي كان يختلف كثيرا ولا الطول الذي كان الفارق فيه كبيرا. كان الحل هو تعديل خلقة هذا الرجل لتتوافق أوصافه مع المجرم الحقيقي: أدخلوه إلى غرفة بها فراشان ووضعوه على الفراش الطويل وقال أحدهم: سيدي يقول: نمططه، وننفخه ونأخذ له صورة تشبه بيانات الاتهام . قالوا أحلام السيد أوامر!! أحضروا كلاليب كبيرة، وآلة كالكماشة، مسكوه من رجليه ويديه، وراحوا ينفخونه ويمططونه. أحس برأسه تبتعد عن جسده، وأطرافه تنفصل وشعره وكأنه يذوب ويتفتت في محلول حمضي. تعريف بالكاتب: حسين فيلالي أستاذ الأدب الجزائري بالمركز الجامعي _ بشار_ له عدة إصدارات منها السكاكين الصدئة ، والرقص على الماء كما أنه قدم بعض الدراسات الأدبية منها مقاربات سيمائية في الأدب الجزائري وشاعرية المكان في الشعر الجاهلي. ???