السائح ذلك اللص المحترم!!

تشكو الفنادق والمطاعم من ظاهرة قديمة لم يستطع أحد القضاء عليها، وفي الوقت نفسه لا يمكن تجاهلها، وهي سرقة بعض الأمتعة البسيطة وأحيانا الثمينة من الفنادق والمطاعم، أهمها كما تظهر الإحصائيات هي المناشف ومناديل القماش والملاعق والشوك والأكواب. وهذه الشكوى عامة في كل أرجاء الأرض، فهي ليست من صفات أمة واحدة أو قارة واحدة، فإن معدل اختفاء الملاعق والأكواب والمناشف هو دائما لا يقل عن 12? من إجمالي المخزون السنوي في المطاعم والفنادق بين مكسور ومفقود ومستهلك. وهي نسبة قد تبدو صغيرة، ولكنها تمثل ثروة كبيرة، وتكلفة عالية، لأن هذه الملاعق والأكواب عادة تصنع خصيصا للمحلات الشهيرة ويكتب عليها الاسم، مما يجعل لها قيمة وتكلفة أعلى من غيرها، وهذه القطع هي أكثر المسروقات وأكثر القطع التي تفقد، حيث يحتفظ بها السائح كذكرى للزيارة والسياحة، وبعض المطاعم الشهيرة والفنادق الشهيرة تقدم أدوات المائدة من المعادن الثمينة، فبعضها من الفضة ومن ماركات عالمية، لذا فإن بعض الملاعق تكلف بما يساوي 20 دولارا للقطعة والواحدة. حيرة الإدارة!! إن إدارة الفنادق والمطاعم لم تجد الحل المناسب بعد، فهي تسعى لكسب الزبون والسائح، ولا تريد أن تجعل من الفندق مصيدة اللصوص أو تحقيق العدالة، خاصة وأنه أمر تافه لا يعادل تكاليف إقامة دعوى قضائية على الفاعل، وأن بعض الزبائن يقوم بالسرقة من باب الإعجاب والمحبة والذكرى، وليس من فكرة الامتلاك. كما أن الفنادق والمطاعم تبحث عن السمعة الطيبة، وعن الرغبة في تمضية أمسية أو إقامة مريحة للضيف بدون مشاكل له، ذلك أن الإشاعات والأخبار السيئة تنال من سمعة الفندق أكثر مما تنال من سمعة الفاعل. لذا فإن الفنادق لا تفتش الحقائب، ولا تضع الشك في الزبون، ولا تسعى لنشر الحرس لحماية ممتلكاتها، لأن كل هذه الأمور تسيء إلى سمعة الفندق وإلى الابتعاد عنه من قبل الزوار والسائحين. اللص صاحب الذوق الرفيع وفي الأزمنة الأخيرة ظهرت فنون هندسية حديثة، وتسعى الكثير من المطاعم والفنادق الحديثة إلى الحصول عليها أو توفيرها لجلب السائح صاحب الذوق الرفيع، فبجانب السكن والطعام يجد السائح ديكورات حديثة وجميلة وثمينة، ونادرة أيضا، وأغلبها مصنع للمحل، مثل لمبات إنارة ذات أشكال خاصة، أو حنفيات زجاجية، أو لوحات فنية رسمت خصيصا للفندق أو المطعم، وتعلق على جدران الغرف أو في ردهات الفندق وممراته ليكون الفندق أو المطعم متحفا فنيا أيضا. إلا ان من الملاحظ ان هذه الجهود الفنية والتكاليف الباهظة تنتهي إلى أن تنتقل من جدران الفنادق إلى جدران منازل الزوار والسياح، مما يعرض الفندق إلى خسارة مضاعفة، فالفندق أو المطعم فقد القطعة الأولى وعليه استبدالها، لأنها غالبا قطعة من مجموعة من القطع ولا يكتمل الجمال بدون اكتمال جميع القطع. عجائب وطرائف السرقات !! لكل فندق ومطعم قصة طريفة أو محزنة مع اللصوص الظرفاء، وقد نشرت جريدة أمريكية تقريرا عن حوادث السرقة الغريبة والتي حدثت في مطاعم في مدينة نيويورك، ويذكر التقرير عن مطعم شهير في مدينة نيويورك أنه حصل بالمزاد على 3 من الهواتف القديمة والتي تدار باليد، وجعلها متاحة للزبائن ليستعيدوا ذكريات الآباء وكيف كانت الهواتف في ذلك الزمن، وبعد أن تم تركيبها في أماكن الهواتف العادية والتي عادة ما تكون على طرف بعيد وفي مكان منزو، لتوفير الخصوصية في الحديث، تم سرقة اثنين منها واستبدلت بهاتف عادي، وكان اللصوص من الزائرين ومن ضيوف المطعم. كما أن مطعما آخر يذكر أنه استبدل بجميع حنفيات الحمامات والمغاسل نوعا رخيصا، لأن النوع الأول والذي كان يفاخر به تم سرقته ثلاث مرات، وفي كل مرة يستبدل بها مثلها، ولكن أمر السرقة كثر عليه، فاستبدل بالنوع الفاخر نوعا أقل جمالا وجودة منه، ليوقف السرقات التي كلفته كثيرا من المال والجهد. وشاهد أحد العاملين ضيفة وهي تضع الملعقة والشوكة في حقيبة يدها، فلم يتركها وشأنها، ولكنه أضاف سعرها الخيالي إلى الفاتورة، مما جعلها تقبل التكلفة الغالية مقابل الستر. الحلول!! إن الحلول عديدة، إلا إنها تتنافر مع فكرة العلاقات العامة والهامة لمثل هذه الخدمات، فيجب تقديم أجمل خدمة، مع الترحيب الكبير بالضيف العزيز بدون إشعاره أنه محل شك وعدم ارتياح. فبعض المطاعم يطلب من النادل إعادة جميع أدوات المائدة إلى المشرف على المطعم بعد الانتهاء من كل وجبة، إلا أن هذا الحل يولد الكثير من المشاكل في حالة السرقة. وهناك حلول عديدة توفق بين الرغبة في الحصول على القطعة وبين عدم سرقتها ويتبعها الكثير من الفنادق، ويستحسن أن يسأل عنها الضيف، أثناء تواجده ورغبته في الحصول على ذكرى من هذا الفندق أو ذلك المطعم، لأنها تغنيه عن عمل يعتبر في نظر القانون جريمة سرقة. 1-توفير القطع الثمينة أو نسخ منها وعرضها للبيع، لأن البعض يتمنى الحصول على هذه التحف الفنية، مثل الأكواب والصحون، أو الملاحات أو مطحنة الملح والفلفل الأسود والتي عادة تكون بشكل جميل ومغر للسرقة. ويجب أن تباع بسعر معقول لكيلا تحلو أكثر في عين من يرغب في الحصول عليها ويفضلها مجانا. 2-عدم كتابة اسم الفندق أو المطعم على الأغراض الصغيرة أو التي يمكن سرقتها، مثل الصحون ومنافض السجائر أو الأكواب والملاعق والشوك فهذه أكثر الأغراض سرقة، وإغراء للسرقة. 3- إن ذكرى زيارة الأماكن الشهيرة أمر يهم الزائر، فيجب تأمين شيء عادي أو قليل الثمن ويقدم كهدية للزائر، مثل أن يقدم له علبة كبريت فخمة مكتوب عليها اسم المحل أو أن تكون العلبة بشكل مغاير لما هو مألوف. 4- يتم الاحتفاظ بالتحف الفنية والثمينة في وسط الفندق، وان تكون أمام نظر العاملين في الفندق، ولا ينبغي أن توضع التحف الثمينة في أماكن جانبية أو في الزوايا أو في الحمامات حيث تكون التحفة واللص بعيدين عن الأنظار.