الخيل والإنسان.. شراكة حب ووفاء فرضتها الطبيعة والحياة

انى الإنسان كثيرا، وهو يشق طريقة وسط عناصر الطبيعة القاسية التي اجتمعت لتعصف به وتدمره.. ولم يكن بمقدوره أن يصبح حرا على الأرض لولا الجواد، الذي بسط له ظهره ليكون سيدا. ففي ضباب فجر التاريخ، وجماعات الخيول البرية تجوب الأرض حرة، والإنسان يصارع بحثا عن لقمة العيش، بذرت نبتة شراكه أزلية وألفة بين الاثنين، نمت وترعرعت عبر الزمان، واستمرت حتى يومنا هذا، وستستمر بعده قوية متينة. كانت الخيول الأولى تمد أجدادنا القدماء بالطعام، والكساء، والمأوى، واليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين، ما زالت الخيول توفر هذه الاحتياجات في المناطق البعيدة النامية في العالم، ربما لتذكرنا باعتمادنا المستمر على الجواد. شراكة حتمية: وفرت الخيول للإنسان الحركة والتجوال لأماكن بعيدة، وكانت وسيلته في خوض الحروب ضد أبناء جلدته، لكن وفي المقابل ساهمت الخيول أيضا في إرساء السلام والاستقرار، حيث استخدمت كوسيلة للانتقال والتبادل التجاري بين المجتمعات الريفية والمناطق الصناعية. لم يتردد الإنسان في سبيل تحقيق أهدافه أن يقذف بصاحبه وشريكه الجواد إلى أتون الحرب المستعرة ليواجه الألم والمعاناة والموت بالآلاف في ساحات القتال. وقبل ترويض الخيول، كانت العلاقة بين الإنسان والجواد هي علاقة الصياد مع الفريسة، وعبر دلائل كثيرة تشير إلى أنه أثناء الحقب الأخيرة للعصر الجليدي، كان الإنسان البدائي يستخدم الخيول كغذاء له، وكانت الطريقة الأمثل له هي قتل الخيول جماعة من خلال دفع مجموعات من فوق صخرة، وهي طريقة سهلة خاصة في حالة المطاردة الفردية. ولم ينس الإنسان هذا الدين والجميل، حيث منح الجواد تقديرا وتكريما لم يحظ به أي حيوان آخر .. وتجلى هذا التقدير والتكريم في معتقدات العالم القديم التي توارثتها الشعوب، ويمثل فيها الجواد رمزا من رموز القوة والسؤدد، وارتباط الإنسان القديم بالجواد، وتقديره الشديد لهذا الكائن. ومهما تقدمت التقنية، فما زال الإنسان بحاجة إلى الجواد في كثير من مواقع عملة، والاستئناس به حبا ووفاء لإخلاصه وتضحياته.