محمد علي قاهر الأبطال .. يقهره باركنسون !!

لم يحظ ملاكم عالمي بما حظي به أسطورة القرن العشرين في الملاكمة محمد علي كلاي. ولد كاسيوس مارسيليوس كلاي يوم 17121942 في مدينة لويسفيل بولاية كينتاكي لأسرة فقيرة، مثلها مثل معظم الأسر الزنجية في ذلك الوقت، فقد كان أبوه يعمل في كتابة اللافتات، وذلك قبل أن يعتنق الإسلام ويغير اسمه إلى محمد علي ويصبح ابن كاتب اللوحات حديث الناس. بدأ الفتى كلاي في تعلم رياضة الملاكمة بأحد نوادي مدينة لويسفيل وهو في الثانية عشرة من عمره، وتمكن من تحقيق انتصارات مذهلة كملاكم هاو، توجها في عام 1960 بتحقيقه الميدالية الذهبية لأمريكا في الوزن خفيف الثقيل في دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت بالعاصمة الإيطالية روما. لكن سرعان ما تخلى كلاي عن الميدالية ورماها في نهر أوهايو بسبب منعه من دخول المطعم بسبب لون بشرته، وهو البطل الذي حقق ميدالية ذهبية لأمريكا، فقد كانت التفرقة العنصرية لا تزال متفشية في الولايات المتحدة. يرقص كالفراشة ويلدغ كالنحلة وسرعان ما أخذ نجم الملاكم الشاب في الصعود، ففي شهر فبراير شباط من عام 1964 تحدى محمد علي بطل العالم للوزن الثقيل في ذلك الوقت سوني ليستون، الذي وصفه محمد علي قبل المباراة بالدب العجوز القبيح وتمكن من الفوز عليه بالضربة القاضية في الجولة السادسة من المباراة. وقد دافع محمد علي عن لقبه بعد تلك المباراة تسع مرات، وخلال تلك الفترة بدأت تظهر عليه علامات النضوج داخل حلبة الملاكمة وخارجها، فهدأ غروره وتفاخره بنفسه، وأشهر إسلامه، وغير اسمه من كاسيوس كلاي إلى محمد علي. لكن سرعان ما جرد محمد علي من ألقابه وبطولاته عقب رفضه الانضمام إلى صفوف الجيش الأمريكي احتجاجا على حرب فيتنام، لكن وبعد مضي ثلاث سنوات، شهدت فيها الولايات المتحدة تزايدا كبيرا في مشاعر الرفض الشعبي لحرب فيتنام عاد محمد علي للملاكمة، لكنه كان قد فقد بعض سرعته ولياقتة التي تميز بها بسبب ابتعاده كل هذه السنوات، فخسر أمام خصمه الأمريكي جو فريزر. وبعد ذلك بعامين تمكن محمد علي من الفوز على فريزر، لكن أعظم إنجازاته كانت في شهر أكتوبر تشرين الأول من عام 1974 عندما فاز على جورج فورمان بالضربة القاضية في الجولة الثامنة من مباراة تحد على اللقب العالمي أقيمت في زائير. ويواصل محمد علي تألقه رغم تجاوزه سن الثلاثين، وهو السن الذي يبدأ معه عطاء الرياضي بالاضمحلال، ففي فبراير شباط من عام 1978 فقد محمد علي لقبه أمام ليون سبينكس، الذي كان يصغره باثنتي عشرة سنة، لكنه عاد ليثأر منه بعد ثمانية أشهر من خسارته ليستعيد لقب بطولة العالم للوزن الثقيل للمرة الثالثة وهو في سن السادسة والثلاثين!!. وفي ديسمبر كانون الأول من عام 1981 حاول محمد علي العودة إلى حلبة الملاكمة وهو في الأربعين من عمره، لكنه هزم أمام تريفور بربيك بالنقاط، وأعلن اعتزاله الملاكمة نهائيا بعد أن بنى مجدا كبيرا له في عالم الملاكمة وسجلا حافلا من الانتصارات، فقد فاز بستة وخمسين مباراة، من بينها سبعة وثلاثون مباراة بالضربة القاضية. يعاني محمد علي كلاي حاليا من مرض الشلل الرعاشي باركنسون الذي بدأت تظهر أعراضه في جسده عام 1981، ويذكر محبوه كيف أوقد الشعلة الأولمبية في أطلانطا عام 1996 بصعوبة بالغة في لحظة أثارت شجون محبيه وجمهوره الذي آلمه أن تنتهي حياة أهم رياضيي القرن الماضي بهذا الشكل المؤسف.