هل الفراغ الفكري مهرب من الأزمات؟!

يعاني الشباب هذه الأيام من الفراغ الفكري، بمعنى أنه لا هدف للشباب ولا رسالة ولا مسؤولية، وذلك بسبب تراكم متطلبات الحياة كالعمل والزواج وغيرها، والتي تدفع الشاب إلى الإحباط عند الفشل في تحقيقها. وقضية المستقبل هي من أهم المشاكل التي تشغل بال الإنسان منذ صغره، فمن اليوم الأول في حياته الدراسية وهو يضع في ذهنه سؤالا أساسيا ماذا سأعمل عندما أتخرج؟ ثم يأتي المطلب الثاني، كيف سأتمكن من الزواج وأفتح بيت الزوجية، وفي بعض الدول العربية هناك موضوع آخر يشغل بال الشباب، وهو التجنيد الإجباري والخدمة الإلزامية التي تستهلك من حياة الشاب حوالي ثلاثة أعوام، لا يكون قادرا خلالها على إنجاز أي شيء. مستوى تعليمي أقل هذه المشاكل تواجه عادة من يكمل تعليمه، لكنها تبدو أكبر عند أصحاب المستويات التعليمية المتدنية، لأن مسألة المستقبل تصبح بالنسبة لهم ضربة حظ وظروفا تضعهم هنا أو هناك، ذلك لأن المستقبل بالنسبة لمن يحمل شهادات عالية يكون أكثر وضوحا، هذا إذا ما وضعنا مسألة الظروف جانبا، حيث من البديهي أن من حصل على شهادة بالطب سيصبح طبيبا، أو مهندسا إذا كان درس الهندسة وهكذا، لكن تبقى أيضا مسألة الظروف التي تؤثر في حياة الإنسان والتي قد تعتبر حالات استثنائية بالنسبة لأصحاب الشهادات. لا شك في أن الشباب، وفي أول مواجهة لهم مع الواقع، يشعرون بوطأة الأزمة.. ويعرفون ما هي؟؟.. وما تحدثه في نفس الإنسان من حسرة وتعاسة، وتزداد حسرة الإنسان وتعاسته، إذا واجه الأزمات وحده، من دون أبوين يساعدانه أو مسؤول يمد إليه يد العون. والشباب في عصرنا يعانون من كل أنواع الأزمات، ومن جملتها الأزمات الاجتماعية التي أهمها وأخطرها، العمل، والسكن، والزواج، فمما لا شك فيه: أن الشاب في غالب الحال، لا يعرف ماذا يعمل، وإن كان له اختصاص.. فلا يجد عملا، إلا بعد جهد ووساطات، أما الأجر فهو أيضا هم آخر، وأزمة أخرى، فغالبا ما يكون الأجر دون حد الكفاية، بحيث لا يشعر هذا العامل أو الموظف، بالكفاية والسعادة في حياته أبدا، بل يظل أسير الحاجة، ليظل أسير صاحب العمل، أو: أسير الوظيفة، فهو يختار أهون الشرين وأخف الضررين، لأنه إن ترك هذا العمل، أو استقال من تلك الوظيفة، فلن يجد عملا آخر، وإن وجده بعد عناء.. فلن يكون أجره وراتبه أعلى وأكبر. أما أزمة الزواج، فهي مرتبطة بأزمة أخرى وهي السكن، هذا إضافة للعمل ، إذ لا زواج من دون عمل أو مسكن. إن الشباب في زماننا، واقعون تحت تأثير توجيه متعارض، متضارب، متناقض، ينتهي بهم إلى الضياع والفراغ، فهم يقرأون في الكتب والمنشورات، ويسمعون عن العدل ولكن واقع الحياة يصدمهم،لأن الأفكار غالبا ما تتعارض مع الواقع، وهو ما يسبب حالة إحباط تسبب للشاب الفراغ الفكري، أو يهرب هو إلى هذا الفراغ بنفسه!!.