العدل يعشق الحرية ويسبقها!!

?? اسم الكتاب : العدل والحرية اسم المؤلف : سالم القمودي الناشر : مركز الحضارة العربية طبعة أولى 2001م ?? كتاب قيم في الفكر والفلسفة تفتقد لمثله المكتبة العربية، فهو دراسة تنظيرية مبسطة وفي الوقت نفسه دراسة عميقة، عن المفاهيم الدارجة التى تنطلق بها الألسن وتكتب عنها الصحف. يقدمها الكاتب بشرح وتنوير وتوضيح، يجعل القارئ يوالي تقليب الصفحات ليعرف أسرار هذه الكلمات المعروفة المجهولة التي يصعب تفسيرها أو تحديد معانيها. يبتعد الكاتب عن التعريفات الدارجة وينظر لهذه الكلمات بمنظار أوسع وأشمل ليعفي القارئ من التفسيرات اللفظية الضبابية. هل العدل يناقض الحرية ؟ يقول في مقدمة كتابه العدل والحرية مفهومان متداخلان، متشابكان لا غنى لأحدهما عن الآخر، وإن كان يبدو للوهلة الأولى أنهما قد يفترقان أحيانا، بل يتعارضان، لأن العدل حد من الحرية، وحد للحرية ولأن الحرية هي دائما محاولة لهذا التخطي والتجاوز للعدل، محاولة للانفلات من حده وحدوده. ويقول المفكر العربي إن العلاقة وثيقة بين هذين المصطلحين، وكل منهما يعادل الآخر ويحفظه ويحميه، وإذا كان هناك افتراق وتعارض بينهما فإن هذا دليل على وجود خلل في المجتمع والتنظيمات التي يمارسها ويطبقها. الحرية أولا أم العدل؟ يرى المؤلف بأنه قد يحدث أن يتم التغاضي أحيانا عن العدل، لزيادة مساحة الحرية في المجتمع، بحجة أن الناس تحتاج إلى الحرية للتعبير عن آرائها، أو للقيام بأعمال وممارسات تمتص شيئا مما بنفوسهم من مشاكل اقتصادية أو سياسية. ويقول الكاتب إن التضحية بالعدل من أجل إحساس بقدر أكبر من الحرية هو في الحقيقة تضحية بالحرية ذاتها، لأن مفهوم العدل يستغرق مفهوم الحرية، ويحتويه، بل إن العدل هو الذي يمنح الحرية قيمتها وصدقها وفاعليتها في الواقع الإنساني، وهي بدون العدل يختل توازنها، فتفقد حيادها بين الناس، وتنحاز إلى جهة دون أخرى أو مجموعة دون أخرى. فالعدل هو المقدمة الأولى الأساسية للحرية، والحرية هي النتيجة التي تلازم تحقق العدل، فإذا ما تحقق العدل تحققت الحرية تلقائيا (بنفي الظلم) وإذا ما فقد العدل فقدت الحرية تلقائيا أيضا. الحرية انعزال! يرى المؤلف أن الحرية على إطلاقها كلمة لا مصداق لها، لعدم وجود إنسان متحرر بالكامل يفعل ما يريد، لأنه لا يستطيع ذلك أبدا في وسط مجتمع من البشر، فهو لا بد أن يتقيد بقيود المجتمع التي يعترف بها الجميع. وإذا أراد إنسان أن يفعل ما يحلو له فإنه لا يستطيع ذلك، إلا إذا انعزل عن المجتمع وعاش في منطقة له وحده منعزلا عن المجتمعات. وهذا أيضا غير ممكن لأن الإنسان بطبيعته مخلوق اجتماعي. الحرية والمساواة والعدل!! يشرح المؤلف هذه المفردات اللغوية بقوله، أي أن كل إنسان يقيد حرية الإنسان الآخر، إذا فالجميع شركاء في صنع هذا القيد المفروض على الحرية، وبمعنى آخر فإن لكل واحد منا الحق في أن يطالب بأن تكون حصته في تقييد الآخرين مثل حصة أي منهم في تقييده هو، وهنا تكون المساواة. وبهذا تدخل الحرية دائرة العدل ليرسم لها العدل حدود القول والفعل والتصرف والسلوك. ويخلص المؤلف إلى هذه النظرية ويقول إذا كان العدل هو الذي يقيد الحرية كان ذلك دليلا على موضوعية الحرية، وبعدها عن التحيز إلى جهة دون أخرى.. وإذا كان الظلم هو الذي يقيد الحرية كان العدل (رفع الظلم) أيضا هو العامل على تحقيقها، وحيادها في الواقع. وبذلك تكون حرية نسبية خاضعة للمسؤولية، مسئولية القول والفعل، وما يترتب عليه وعنه. حرية الرأي والعدل!! يرى المؤلف أن هذه الحرية شانها شأن حرية الفعل، فتخضع لما يخضع له الفعل من قيود وأحكام، يفرضها العدل بين الناس. فعندما نطالب بحرية الكلام، يجب أن نستدعي العدل فيها، ونقيد هذه الحرية بعدم القذف والسب والكذب، واحترام الآداب العامة والمحافظة على الشخصية الثقافية الاجتماعية في المجتمع. فالعدل هنا هو الغاية، وليست الحرية هي الغاية بل هو غاية الحرية ذاتها. فطغيان الحرية على العدل، هو أبشع أنواع الظلم. حرية الغرب ناقصة! يقول المؤلف ان الديمقراطيات في الغرب تلهث خلف الحرية .. حرية الفرد بل هي قامت على أساسها، تستمد منها العون والنظام والقانون لتأكيد إنسانيتها أو عالميتها، ترى هذه الأنظمة أن الحرية غاية في ذاتها لتحقيق سعادة الإنسان، ويرى المؤلف إنها تتناقض هنا مع نفس مبدأ الحرية الإنسانية، فهي تتجاهل في الوقت نفسه مآسي الظلم الاجتماعي، الناشئة عن إهدار كرامة الإنسان بسبب التطرف في ممارسة الحرية الفردية، واتخاذها غاية بذاتها، وإهدار الكرامة هو إهدار للعدل لأن الكرامة تقوم أساسا على العدل .. تقوم على الحق المجرد وعلى تحقيقه إلى وقائع ونظم ومؤسسات سياسية وثقافية، واقتصادية واجتماعية، وليس على الحرية فقط. التي ستكون نتيجة منطقية لتحقيق العدل في المجتمع. تعريف بالمؤلف والكتاب يقسم الكاتب كتابه إلى فصول خمسة تحمل العناوين التالية، العدل والحرية، مفهوم المساواة بين العدل والحرية، المواطن والسلطة، الحرية بين الصلاحيات والآلية، وأخيرا الإدارة والسلطة. وهذا الكتاب هو الكتاب السادس الذي يقدمه هذا الكاتب الليبي، حول مواضيع الإنسان والآخرين. ومن أفضل كتبه التي لاقت نجاحا كتاب العودة إلى الأصل، وكتاب التغيير وكتابه الإنسان ليس عقلا. ???