في عالم الراوية: دعاية كبيرة لمحاربة الدعاية!!

?? لا تزال رواية (عقدة بلغاري The Bulgari Connection) للكاتبة البريطانية في ويلدونFay Weldon موضع حوار ساخن في عالم النشر، فقد تم إرسال خطاب موقع من عشرين كاتبا وناقدا، ممن يتمتعون بسمعة كبيرة وواسعة في النقد والأدب والفكر، تم إرسال هذا الخطاب إلى الصحف الكبيرة في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، يطلبون منهم عدم تقديم عروض لهذه الرواية، لأنها بزعمهم، ليست رواية قابلة للعرض والنقد، فهي رواية دعائية، ومعارضة للمبادئ العامة للكتابة الأدبية والفكرية. وكانت الكاتبة البريطانية قد وافقت على طلب من محلات بلغاري للمجوهرات في إيطاليا بأن تكتب رواية يتردد فيها اسم بلغاري أكثر من عشر مرات مقابل مبلغ مغر من المال. محور الرواية: وتمت الصفقة، وكتبت الكاتبة المشهورة، رواية إثارة وغموض شيقة، حول رجل ثري يتاجر في العقارات الكبيرة، يطلق زوجته، ليتزوج مقدمة برنامج تلفزيوني جميلة ومشهورة، مما يشعل النار بين الزوجة السابقة والتي ترى أنها فقدت زوجها بسبب احتيال هذه المذيعة بأسلوب شيطاني. وتسعي الزوجة الجديدة للحصول على عقد ثمين تراه مرسوما في لوحة، وتجد أن هذا العقد هو من مصنوعات بلغاري، فتسعى أن تمتلك عقدا مثله، وتزور معارض بلغاري، وتتفق معهم، ولكن الزوجة السابقة لا تترك الأمور تسير بحسب رغبة هذه الدخيلة على عالم الثراء والمجوهرات، فتسعى هي أيضا لإفساد الصفقة مع المتجر. وهكذا تدور القصة المفعمة بالتشويق، والدراما اليومية، وصراع سيدتين كل منهما يمتلك قدرا كبيرا من المكر والقوة والمال، واحدة منهما تعمل جاهدة لتمتلك ما تريد والأخرى لتمنع عنها ما تريد. الرسالة! تقول الرسالة التي أرسلت إلى 85 من محرري الصحف الشهيرة والمجلات التي تهتم بنشر ونقد الكتب والكتاب إن هناك قضايا شائكة ومعقدة تواجهنا جميعا، ولكن هذه القضية ليست منها أبدا، فإن شركة تجارية تطلب من أحد الكتاب أن يكتب عن أحد منتجاتها، فإن هذا يسمى أعلانا ودعاية، والكاتبة بنفسها تعترف بذلك وتصف روايتها بأنها دعاية في قصة محبوكة. الفكرة التي تقلق أصحاب الاعتراض أن الأدب والفكر والخيال يجب أن يكون حرا من أية قيود، وهذا الإعلان هو قيد، لذا فلا يمكن تصنيف هذه الرواية كأمثالها من الروايات التي لم يقبض أصحابها عن إبداعاتهم قبل أن يفكروا فيها. جبهات معارضة أخرى لا تتوقف الحملة على هذا الكتاب في هذه الرسالة فقط، بل هناك منظمتان خيريتان هما معهد (توميل بي Tomale Bay Institute ) ومنظمة التحذير التجاري، وهما منظمتان تسعيان إلى منع المتاجرة في الحياة الأمريكية وجني الأرباح من التضليل التجاري، جعلتا من مهماتهما الحالية حماية المستهلك وتحذيره، بأن هذه الرواية هي دعاية وليست عملا أدبيا. وتقولان في خطابيهما الموزعين على دور النشر والصحف، إنه يجب تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية بدون تدليس، وهذا الكتاب لا يسمى رواية أدبية بل منشور إعلاني. رأي الناشر: يقول الناشر للكتاب في الولايات المتحدة الأمريكية وهي دار (جروف اتلانتك GroveAtlantic )، إن عملية تقديم الكتاب أو نقده أمر يخص نوادي الكتب، ومحرري أقسام الكتب في الصحف، وهذا قرار يتم بعد أن يقرؤوا الكتاب، وبعد ذلك هم يقدرون ما مقدار الدعاية فيه وما مقدار الأدب والحبكة الروائية، ومن ذلك سيكون الحكم على الكتاب والرواية، والقضية بكاملها. ويرون أن محاربة هذا الكتاب لورود اسم بلغاري فيه، هي مغالطة، لأن ورود أسماء تجارية في الكثير من الروايات والقصص أمر مقبول، ويتردد كثيرا. فهناك في الروايات ترد أسماء تجارية، مثل ذكر سيارة باسم كدلك، أو ذكر آلة التصوير كوداك، وهذه لم يتم الاعتراض عليها، وما فعلته الكاتبة، يندرج تحت هذا الغطاء لوصف الحياة العادية. ويقول الناشر في دفاعه أيضا، إن الكاتبة حرصت على أن تكون الرواية ذات استقلالية تامة، بل ويمكن أن يستبدل اسم بلغاري بأي اسم تجاري أو غير تجاري، ولن يؤثر ذلك على الرواية. أي ان محور الرواية ليس بلغاري بل صراع السيدتين. التناقض!! كسبت هذه الرواية سمعة ودعاية كبيرة، بسبب المعارضات التي قامت ضد الكاتبة، ولم تكن لتحصل على مثل هذه الدعاية الكبيرة، لو كانت من رواياتها العادية، أو رواية مماثلة، فعلى الرغم من أن هذه الكاتبة سبق وأن قدمت عشرين رواية جيدة، وظهرت رواياتها وكتبها ضمن قائمة أحسن الكتب مبيعا عدة مرات، إلا أن هذه الرواية، قد تكون الأفضل مبيعا، بسبب الضجة الإعلامية التي صاحبتها. فالكتابات الكثيرة، والمناقشات الساخنة ضد هذه الرواية، شهرتها كثيرا، وجعلتها هدفا للقراءة، لمعرفة كيف نجحت هذه الكاتبة في دمج الدعاية والأدب معا، وأخرجتهما في قالب مقبول ومعقول، ولمعرفة حقيقة ما تقوله الكاتبة إن من يقرأ هذه الرواية لن يشعر بأنه أمام عمل رخيص أو ثانوي أو دعائي. ???