الإعلانات: صرعة جديدة في تأليف الروايات !!

كتاب اسمه( عقدة بلغاري) :The Bulgari Connection هذا الكتاب غير عادي، لأن له قصة خلفية أدت إلى كتابته وظهوره. قد تكون الأولى من سلسلة لا نهاية لها من القصص المماثلة، والقصة كما نشرتها الصحف، وتداولتها دور النشر تقول: متجر مجوهرات كبير في إيطاليا، وله فرع كبير في بريطانيا، و فروع عديدة في عواصم العالم الغني، تعاقد مع كاتبة روايات بريطانية مشهورة هي الكاتبة ( في ولدون Fay Weldon) التي سبق أن ألفت أكثر من عشرين رواية ناجحة، واتفقت إدارة المتجر مع هذه الكاتبة لتكتب رواية شيقة يرد فيها اسم المحل التجاري عشر مرات على الأقل. في أول الأمر لم تنل هذه الفكرة أي اهتمام من الكاتبة، فكتاباتها تتميز بالجدية، والخيال المحبب للقراء، ولا ترغب في الإساءة إلى سمعتها ككاتبة، أو أن تخدع القراء بأن تقدم لهم رواية دعائية، وليست رواية إمتاع وتشويق. وزاد في ترددها اشتراط المتجر الكبير على أن يتكرر ذكر اسم المتجر مرات كثيرة، مما تراه مفسدا للرواية، وضعفا كبيرا فيها. ولكن مدير أعمالها أقنعها بالفكرة وناقش معها إمكانية إرضاء القراء والمتجر والناشر بفكرة من أفكارها العظيمة التي تطرحها في الروايات. واقتنعت الكاتبة بالفكرة من منطلق آخر، وهو أن تترك لها الحرية في طرح الرواية كما تريد، وتم الاتفاق على أن تكتب المؤلفة روايتها بالصورة والفكرة التي تراها الكاتبة، وليس كما يريدها صاحب العرض، وعلى أن لا يكون محور القصة هو المحل التجاري. والسيدة (في) كاتبة مبدعة لم تجد صعوبة في خلق محور للقصة يعجب القارئ، ومسرح للرواية يعجب التاجر، وحوارات وغموض تعجب الناشر، وخرجت الكاتبة للقراء بقصة إبداعية جميلة، تحكي عن تاجر كبير من تجار العقارات، يطلق زوجته، بعد أن تعرف على الآنسة (دوبي) المذيعة الجميلة والتي تقدم برنامجا في التلفزيون، ويتزوجها وتعيش معه في رفاهية، وفي إحدى زياراتها لأعمال زوجها الخيرية تشاهد صورة مرسومة لصديقتهم الغنية أيضا وهي تلبس عقدا جميلا، وتسأل عنه وتعرف أنه من مصنوعات (المتجر) المشهور، وتسعى للحصول على نفس العقد، وتزور المحل هي وزوجها بسيارتها الفارهة، وعند دخولها رأت هذا المحل الفريد الجميل، الذي يرد وصف دقيق وتفصيلي عنه كالتالي: وفي هذا المعرض الجميل في أثاثه وديكورا ته ذات اللون الخوخي والممزوج بلون الكريم، تعمل به سيدات جميلات فاتنات وشباب مبتهج، دخلت السيدة (دوبي) زوجة رجل الأملاك العقارية الكبير لتشتري عقدا حديثا من مصنوعات (المتجر) من الذهب الأبيض والأصفر محيطة بثلاث قطع معدنية تاريخية ثمينة.. .. وتستمر في وصف المحل والضيافة والترحيب الذي استقبلوا بها، والبضاعة الثمينة والنادرة والفريدة والتي لا توجد عند آخرين، على أساس أنها جزء من متطلبات الرواية، والتشويق فيها. وتصيب الغيرة الزوجة السابقة، وتسعى جاهدة إلى حرمانها من هذا العقد، بطرق ملتوية، ولكنها مشوقة، حيث أصبحت الرواية هي صراع بين هاتين السيدتين إحداهن تسعى للحصول على العقد لأنه أثمن شيء تراه، والأخرى تسعى لحرمانها منه، لكي تنتقم منها لأنها تعتقد أنها خطفت زوجها منها.. أعجبت إدارة المتجر بالفكرة، والرواية والحوارات حول هذا المتجر، وبضائعه الثمينة، والصراع حول شراء قطعة من قطعه النادرة، ولم تحاول الإدارة معرفة عدد المرات التي ورد فيها اسم المحل، فإن القصة ومكانها، ومسرح أحداثها كانت كافية لترضي أصحاب المتجر، بل وسميت الرواية باسم (عقدة بلغاري) واسم المحل الحقيقي للتاجر هو بلغاري للمجوهرات، ووافقت على دفع المبلغ المطلوب الذي لم يعرف حجمه. الأثر المنتظر!! هذا الحدث أثار الكثير من الجدل حول الفكرة ذاتها، وليس حول القصة، فالقصة جميلة ومثيرة ومشوقة، ولكن المشكلة هي الخوف من أن يمتلك التجار، وأصحاب الأعمال، والشركات الكبيرة قيادة الأدب والفكر، وتوجيهه نحو أفكار تجارية، بقصد الإعلان عن بضائعهم، أو لتحقيق الأرباح، أو لمحاربة المنافسين لهم، ويصبح الأدب صنيعة للتجارة وخادما لرجال الأعمال، وسيفقد الحرية الفكرية، والمبادرات الفردية، وسيكون أدبا ممسوخا، يقتل الأدب ويموت فيه الإبداع. والرواية ستظهر قريبا في بريطانيا، وستطبع في الولايات المتحدة وتنشر في أواخر عام 2001م وهو أكبر سوق للكتب، ويقول الناشرون: إن نجاح هذا الكتاب سينشر الفكرة، وسينشر هذا الأسلوب من القصص المدعومة، من التجار أو بيوت الصناعات المعينة، مثل مصانع السجائر أو مصانع الخمور، والألعاب. ترحيب من شركات الإعلان!! والفكرة نالت اهتماما كبيرا من بيوت الإعلانات والدعايات، فإن مهمة رسالة الإعلان حاليا رسالة قصيرة وموجزة، وكثيرا ما يتمنى المعلن أن يقدم معلومات أكثر عن نفسه، ولكن الزمن المحدد في الإعلانات، والمساحة المحددة في الصحف، لا تسمح بأن يطرح كل ما يراد تقديمه للمعلن إليه. إضافة إلى أن الكتاب هو شيء محبب للقارئ يحمله معه حيثما كان، وأن أمنية أي شركة دعاية وإعلان أن يحمل الناس إعلاناتهم معهم في كل مكان، حتى في غرفة النوم. إنه منتهى ما يطلبون، وهذا العمل وهذا الاتجاه يحقق هذا، وستكون عناوين الكتب رائحة ايف سانت لوران وحديد مرسيدس و نجمة نوكيا. وقد اعترض الناشر على عنوان الكتاب، ولكن المؤلفة أصرت عليه، حيث إنه يتناسب تماما مع نسق الرواية، وليس لأنه يتوافق مع رغبة التاجر، هكذا تدعي، وقد وافقها الناشر على هذا الاعتراض، متذكرا أن هناك أسماء يمكن أن تؤدي نفس الغرض، فلماذا لا يكون باسم المتجر المعروف للناس. المؤلفة بعد أن قدمت كتابها، ونال الاستحسان والقبول من الناشر ومن المتجر الممول، تقول إنها غير آسفة وليست نادمة، بل ستعيد المحاولة مع اسم تجاري آخر لو نجح هذا العمل، وسنحت ظروف مماثلة، لتبني رواية أو قصة مثيرة يتبناها أحد بيوت الأعمال الكبيرة، والمشهورة والمحترمة. ولكنها ترجع وتقول إن هذا الأمر قد يحرمها من الجوائز الخاصة بالروايات والأدب، وقد لا يدخل اسمها الكثير من المسابقات، ذات السمعة الحسنة التي يتمناها أي كاتب، ولكنها تقول إنها قدمت ما يزيد على عشرين قصة، ولم تحصل على جائزتها المفضلة التي تتمناها وهي جائزة (بوكر booker) والتي يتمناها كل كاتب في بريطانيا، فهي وسام لمن يحصل عليها، وشهادة بأن الكاتب وصل إلى المرتبة العليا في فن القصة والرواية. والكاتبة ترى أن في هذا العقد تعويضا ماليا وتكريما خاصا بها تستحقه. ???