شعر العرب وشعراؤهم في مشروع عملاق!!

?? اسم الكتاب : مختارات من الشعر العربي في القرن العشرين (الجزء الأول). ??إعداد الأمانة العامة لمؤسسة جائزة سعود البابطين للإبداع الشعري (الكويت 2001م). ?? بمناسبة اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية للعام 2001م ، قدمت مؤسسة سعود عبد العزيز البابطين للإبداع الشعري مشاركة ثقافية عملاقة، خاصة بالشعر على مستوى العالم العربي، وعهدت المؤسسة الى باحثين في كل بلد عربي لكي يقوموا بهذه المهمة الشاقة، كما أو ضحت ذلك في التصدير الذي قدمت به الجزء الأول، وخصصته لدراسة الشعر والشعراء في خمس دول عربية هي الأردن وفلسطين والإمارات العربية والبحرين وتونس، أي أنها ابتدأت بالدول حسب الحروف الهجائية. وتقدم هذه الدراسة الموسعة الشعر في الأردن وفلسطين معا، لارتباط الاثنين في التاريخ وبحكم الجوار وبحكم المعاناة الشعبية الواحدة ، لذا فان أغلب الشعر الحديث يتمحور حول القضية الفلسطينية، وظهر الشعراء الكبار أمثال ابراهيم طوقان والمقاتل الشهيد عبد الرحيم محمود ، الذي استشهد في حرب فلسطين عام 48م، وهناك من شعراء الأردن من أولى القضية الفلسطينية اهتماماته الأدبية مثل الشاعر عبد المنعم الرفاعي ومصطفى التل. ونشرت المؤسسة في كتابها هذا دراستين قيمتين عن الشعراء في فلسطين والأردن، وعن خصائص الشعر في هذين البلدين، ونشرت قصائد منوعة من الشعر المقفى والشعر المنثور لستة وسبعين شاعرا من الأردن وفلسطين. ونقدم للمتصفح هذه القصيدة المنثورة للشاعر سميح القاسم وهو شاعر من مواليد الزرقاء في الأردن ، أنهى دراسته في الناصرة وله عدة دواوين منها مواكب الشمس ، وهذه مقطع واحد من مقاطع قصيدته الطويلة بعنوان (خطاب في سوق البطالة) وهي من ديوانه المسمى باسمه ديوان سميح القاسم : ربما تسلبني آخر شبر من ترابي ربما تطعم للسجن شبابي ربما تسطو على ميراث جدي من أثاث .. وأوان.. وخواب .. ربما تحرق أشعاري وكتبي ربما تطعم لحمي للكلاب ربما تبقي على قريتنا كابوس رعب يا عدو الشمس ..لكن .. لن أساوم وإلى آخر نبض في عروقي .. سأقاوم ?? ويشمل الجزء الأول أيضا على دراسة قيمة قدمها الأستاذ أحمد محمد عبيد عن تطور الشعر وخصائص الشعر في منطقة الخليج، وفي الإمارات العربية بالذات، وقد تم اختيار منظومات شعرية لعشرين شاعرا من دولة الإمارات العربية، وهذا العدد القليل ليس لعدم وجود شعراء في الإمارات، ولكن لعدم وجود دواوين شعر للكثير من الشعراء، فاغلبهم من شعراء المناسبة، ومن شعراء الإلقاء اللحظي الذي لا يتم تسجيله، فهم أصحاب المواهب الشعرية الفطرية التي تقول الشعر انفعالا أو تفاعلا . ومن أشهر شعراء الإمارات العربية سالم وسلطان أبناء علي العويس وكذلك الشاعر الملهم صقر بن سلطان القاسمي ، والشاعر الكبير الدكتور مانع سعيد العتيبة المشهور سياسيا ( كان وزيرا للبترول في دولة الإمارات العربية) وأدبيا له مؤلفات عديدة في الشعر والرواية، ونشر له عدة دواوين شعرية ، من أشهرها ديوانه، أغاني وأماني الذي نشر فيه قصيدة وطني : وطني عنك ما استطعت اغتراباوعلى البعد زدت منك اقترابا فيك عشت الصبا وكحلت عينيبرمال زرعت فيها الشــبابا كنت للحب في ضلوعـي كتاباوبقلبي قـرأت هـذا الكـتابا وتعلمت أن أحـبك حتــى شب قلبي على هـواك وشابا وهناك أيضا الشاعر الإماراتي المشهور بجائزته المسماة باسمه ( سلطان العويس ) وهي جائزة ثقافية وأخرى للابتكار العلمي، وتوفي الشاعر العويس في عام 1999م ، ولا تزال الجائزة تقدم في الثقافة والعلوم. ?? شعراء البحرين : وتقدم لنا هذه الدراسة الموثقة، عن الشعر العربي، 27 شاعرا من شعراء البحرين، ومن أشهرهم قاسم محمد الشيراوي ورضى الموسوي والشاعر على عبد الله خليفة، الذين تميزوا بأشعارهم المنظومة، ومختارات هذا الديوان الكبير يشمل الشعر المنظوم والشعر المنثور، يمتاز البحرين بشاعرات مجيدات فهناك الشاعرة حمدة خميس والشاعرة فتحية عجلان وفوزية السندي وفاطمة التيتون، وكل منهن نشرت لها دواوين شعرية، ومن أشعار الشاعرة فوزية السندي عن مشاعرها نحو قضية فلسطين تقول بقصيدتها (وثبة الدم) من ديوانها حنجرة الغائب : رضعا يحرسون الخنادق ويضرجون المداخل حين يرفعون أيديهم الطرية التي بلا أصابع في وجه من يؤجل رضعة النصر هكذا كل شتاء كل نهار كل ليلة نحن ننتظر وهو لا ينتظرون نقول ويقاتلون نسأل ويرسلون نكبو ويكبرون في طعنة الغدر هكذا كل عيد ينفجر البريد في وجه جثث تتفرج على وثبة الجسد البعيد. ? شعراء من تونس: ويختم الجزء الأول بشعراء من تونس، ويعرف بشعراء تونس الكاتب الدكتور محمد صالح الجابري، الذي يقدم للقارئ دراسة شيقة عن شعراء بلغوا شهرة كبيرة، ويقول إن أشهر الشعراء في تونس هم من اهتموا بالقضايا الوطنية، لذا فقد كان الشاعر محمود باقادو أحد أعلام الشعر في القرنين الماضيين ( توفي عام 1871م) الذي كان شعر الفخار والحماس والحب للوطن أهم مواضيع شعره، وهو الذي حذر من الاستعمار الفرنسي قبل وقوعه ، ولم يعد للشعر من ملهم حتى ظهر الشاعر الكبير أبو القاسم الشابي، الذي أعاد للشعر قيمته ومكانته بل أحياه عربيا، وأصبحت قصائد هذا الشاعر على كل لسان عربي، وعلى الرغم من وجود شعراء يجيدون الشعر في زمن ظهور أبي القاسم الشابي إلا أنه امتاز عليهم بسلاسة شعره وغزارته، وبالمواضيع الوطنية التي استهوت محبي الشعر. ويقول الأستاذ الدكتور الجابري إن الشعر التونسي ظل أسير تجربة الشاعر المحور والشاعر الأوحد لفترة طويلة امتدت من القرن التاسع عشر حتى الخمسينات من القرن العشرين، ثم استقل كل شاعر بتجربته، ولكن في إطار جماعي طوال فترة الخمسينات والستينات، حيث عرف الشعر التحاما جماعيا لم يسبق له مثيل، مما كون جيلا ثبت على العطاء والإنتاج طوال نصف قرن، ومازال يواصل. وفي هذا السفر الكبير عن الشعراء العرب يقدم لنا اثنين وخمسين شاعرا من تونس يذكر من بينهم أربع شاعرات تونسيات قدمن الشعر المنثور بإجادة كبيرة ، ونجد في هذا الديوان الكبير عينات من شعر شعراء تونس? ونذكر منها قصيدة للشاعر التونسي حسين الجزيري بعنوان أسعار البنات. أبدا ..تحن إليكــم الأرواح ووصالكم ريحـانها والـراح يا بنت من ملك المسـالك بيننا كيف السبيل وهل هناك نجاح أني خطبتك من أبيك فقـال لي أرني قفاك ففي الحزام سلاح ماذا التجاسر كيف تخطب مثلها أم هل يجوز مع العظام مزاح هل أنت يا رأس الحمار موظف بإدارة الأمـوال أم فــلاح أم ذو عقارات تعيش بخلــهاوتقول كم في حوزتي مفتـاح هذا جنون كيف تؤخذ بنتــي ما لم تجر لـ( كاستي) أرباح كم قد فرضت من الألوف لمهرها ولكل ما تستلـزم الأفـراح أني أراك عن اللوازم عاجـزافانبح فما ضر النجـوم نباح ? ان هذا المشروع، مشروع تقديم مختارات من الشعر العربي من كل قطر، مشروع كبير وعملاق، ويحتاج إلى جهد وهمة عالية، وهو عمل سيبقى من أكبر الأعمال الشعرية التي تقوم بها جهة واحدة تحفظه للأجيال القادمة، كما حفظ الأولون أشعار من سبقهم، وبقي تراثا نفخر به ونتعلم منه. ???