البعوض أقوى سلاح مقاومة ضد الغزاة !!

??اسم الكتاب : البعوضة MOSQUITO ??اسم المؤلف : اندرو سبيلمان وميشيل دانتونيو ANDREW SPIELMAN & MICHAEL D' ANTONIO ?? الناشر: هايبريون شهر مايو 2001م Hyperion ?? كتاب مخصص لدراسة البعوض ( الحشرة) دراسة علمية مفصلة ودقيقة وبتوسع كبير، ولكنها مقدمة ومكتوبة للقارئ العادي ليتعرف على حياة ونشأة هذه الحشرة المزعجة بأنواعها العديدة. كتب هذا الكتاب بلغة سهلة وشيقة وموثقة علميا، إضافة إلى أنه يبحث في موضوع يعرفه الجميع، فهو يتحدث عن البعوضة التى لا يوجد إنسان لم تلدغه، أو تمتص من دمه بعضا من غذائها (غذاء بيضها). الكتاب مملوء بالحقائق العلمية عن حشرة البعوض، ويوجد منها أكثر 2500 نوع، وتتواجد في كل بقاع الأرض، فأنواع منها توجد على قمم جبال الهمالايا كما توجد في المخفضات الأرضية الواقعة تحت سطح البحر، و يمكن للبعوض أن يعيش في أي بيئة، فكل بيئة لها بعوضها المتكيف بها، فهناك بعوض في المناطق الباردة وفي الغابات، وفي المناطق الصحراوية، وبعض بيض الناموس يبقي سنوات في الصحراء حتى يأتي المطر ويفقس البيض لتبدأ الحياة من جديد. ويتحدث الكتاب بشكل خاص عن أنثى البعوض، لأنها هي التي تبحث عن الإنسان وتمتص دمه، ليس لغذائها بل لتكوين الجيل القادم من أبنائها وبناتها. وهي البعوضة التي تسكن معنا في البيوت والخيام، ونجدها في رحلاتنا وفي أي مكان نكون فيه، وتوجد في كل القارات، بل في كل بيت تقريبا. ويقدم لنا المؤلف هذه المعلومات الغنية، من معمله ومن تجاربه التي قام بها، بنفسه ومن ملاحظاته الموثقة علميا بالصور والأفلام، فهو نذر حياته واهتمامه منذ نشأته بدراسة العلوم، في جامعة هارفارد، بدراسة هذه الحشرة ومعرفة أسرارها. عيونها كبيرة جدا. تضع البعوضة نحو 240 بيضة في المرة الواحدة، متلاصقة مع بعض وتكون شكلا يشبه القارب وتضع بيضها على سطح الماء الراكد، وبعد يومين تخرج عشرات اليرقات دفعة واحدة، مكتملة النمو كيرقة، وتبدأ في ممارسة حياتها بالأكل ورأسها منغمس في الماء وذيلها ملاصق لسطح الماء للتنفس. ويقول المؤلف لو نظرت إلى هذه اليرقة في تكوينها الأولي هذا لظننت أنها كائن خرافي من كائنات الفضاء والخيال العلمي، فعيونها كبيرة جدا بالنسبة لرأسها، وفهما مرعب كبير، ولها قرون استشعار تزيد من رهبة الناظر إليها. خلال اثني عشر يوما، تتحول هذه اليرقة إلى شرنقة مكتملة النمو بكامل أعضائها، فالباحث كان يصورها في مراحل انتقالها من يرقة إلى شرنقة، ويذكرها في كتابه بتفصيل دقيق وعجيب، يجعل القارئ يواصل القراءة والعجب بالمخلوق والتسبيح للخالق. تبقى هذه الشرنقة معلقة بالماء بدون فم، لأنها لا تحتاجه فهي لا تأكل، ولكن لها عيون لترى بها الأخطار التى قد تتعرض لها، وحالما تشعر بالخطر فإنها تقلب نفسها وتغوص في الماء حتى يزول الخطر فتعود لمكانها لتتنفس. وعمرها كشرنقة يمتد لمدة 48 ساعة تخرج من هذه الشرنقة الحشرة كاملة ، وتخرج بشكل ميكانيكي عجيب تستخدم فيه هذه الحشرة الضعيفة قوانين الفيزياء، من الضغط الجوي، لتملأ فراغ الشرنقة بالهواء، لكي ينفجر الغلاف وتخرج الحشرة إلى السطح، وهى لا تزال رقيقة ضعيفة كأي مولود آخر، وتحتاج إلى نصف ساعة تبقى ساكنة فوق الماء لتجف وتتصلب قليلا، وتطير بعد ذلك إلى مكان قريب ولكن آمن بعيدا عن الهواء والأمطار والأخطار. الإناث تطن رغبة في الزواج يشرح الكتاب حالات التكاثر عند البعوض بشيء من التفصيل الدقيق والغريب عما هو مألوف أو متوقع من هذه الحشرة. فالأنثى تخرج من الشرنقة مكتملة النمو، بينما الذكر يحتاج إلى يوم كامل ليتعدل لديه وضع أجهزة التناسل الذكورية لأنه يخرج من الشرنقة وهي في غير مكانها. وتعتمد حشرة البعوض على الطنين في التزاوج والبحث عن قرين، وكل عينة من البعوض لها صوت يختلف عن الأنواع الأخرى، كما أن تسجيل الأصوات أظهر أن صوت الذكر يكون أكثر ارتفاعا وخشونة من طنين الأنثى الأكثر نعومة، ويسجل الباحث ملاحظة عجيبة، وهي أن صوت الذكر الذي لم تتعدل لدية أجهزة الذكورة بعد لصغره يكون صوته شبيها بصوت الإناث الناعم. وتعتمد الذكور على طنين الإناث للتعرف عليهن والتزاوج، ويذكر حادثة في إحدى محطات الكهرباء في كندا، التي كانت كثيرا ما تتعطل بسبب أفواج البعوض التي تتكدس جثثها حول مراوح شفط الهواء مما يؤدي إلى انسدادها، وتبين من الدراسة أن هذه المراوح كانت تخرج طنينا يشبه طنين الإناث الراغبات في التزاوج. ومن الحقائق المدهشة التي يذكرها هذا الباحث هي أن ذكر البعوض يمكن له أن يتزاوج مع إناث أخريات، ولكن أنثى البعوض تكتفي بالتزاوج مرة واحدة، ويمكنها بعد ذلك أن تلقح البيض الذي تنتجه من مخزون التلقيح الذكوري الأول، فهي لا تحتاج الذكر للتلقيح إلا مرة واحدة في حياتها، ولكنها تحتاج إلى قليل من الدم لتكوين البيض، وهذا ما يجعلها تبحث عن الإنسان ليساعدها في عملية إكمال نمو البيض لديها. البعوض كالنحل في غذائه البعوض كالفراش والنحل يعتمد على الرحيق والأطعمة الأخرى في غذائه، ولا يعتمد على دم الإنسان في الغذاء، ولا يتعرض الإنسان للقرص أو اللدغ إلا من أنثى البعوض بسبب احتياجها للدم لتكمل عملية تكوين البيض في بطنها، فلدى هذه الحشرة الصغيرة الضعيفة، جهاز ترشيح وتطهير للدم فمن الدم الذي تمتصه من الإنسان تستبعد الأحماض البولية منه وتستبعد الماء، ليبقي الدم النقي وهو الذي تستخدمه ليكون جزءا من مكونات البيض. ويقدم المؤلف شرحا تفصيليا عجيبا لعملية الشفط والأجهزة الدقيقة الرقيقة والقوية التى تملكها، والمواد الكيميائية المساعدة ،التى تفرزها هذه الحشرة الضعيفة، في هذه العملية.. كيف تتقي الناموس؟ الكتاب لا يقدم الحلول ولكنه يقدم لنا طريقة الناموس في الكشف عن الإنسان، وأماكن شفط الدم الجاهزة التي يتعرف عليها الناموس بحواسه التي زودته الطبيعة بها، وهي إمكانات عجيبة، فالناموس يتعرف على الإنسان بالحرارة المشعة منه، لذا فإن أي محاولة لطرده ما هي إلا مساعدة الناموس، للتعرف على وجودك، فالحركة تعطي حرارة أكثر للجسم ما يعني إشعاعا حراريا أكثر، كما أن أي حركة باليد تساعد الناموس على المطاردة والمتابعة فهذا الكائن الصغير العجيب، يستطيع تركيز النظر إلى جهة واحدة ومتابعتها. ما فائدة الناموس؟ وجه هذا السؤال إلى المؤلف في مقابلة معه، فقال إنه لا يعرف فائدة يمكن ذكرها، ولكن هناك جوانب أخرى يمكن أن يشكر البعوض عليها، فهي قتلت من الغزاة أكثر مما تقتل أي مقاومة محلية، ويشير إلى أن المستعمرين الأوربيين لم يقابلوا مقاومة من السكان في أفريقيا، ولكن كانت الوفيات والأمراض والمضايقات التي يسببها الناموس، أكثر الأسباب في ترك أفريقيا لأهلها، الذين اعتادوا على الحياة مع البعوض. أي أنه لا فكاك من الناموس إلا بحجز نفسك عنه بناموسية. إن حياة البعوضة أعجوبة وقراءة هذا الكتاب يزيد من إيمان القارئ بقدرة الخالق عز وجل.