إضاءة شعرية من ديوان نوافذ الغرفة المعتمة

??اسم الكتاب: نوافذ الغرفة المعتمة. ??اسم الشاعر : محمد شمس الدين الصوالحة. اسم الناشر : دار المدى للثقافة والنشر، مطبوعات (2001م) الرياض مها عابد ?? محمد شمس الدين الصوالحة، ، من مواليد1969 شاعر فلسطيني من نابلس، ولد بمدينة الرياض في المملكة العربية السعودية، ونشأ فيها، ودرس في جامعة الملك سعود وتخرج منها من قسم الترجمة. له اهتمامات أدبية متنوعة. ديوان( نوافذ الغرفة المعتمة ) هو أول إصدار للشاعر. ويبدأ ديوانه بقصيدة بعنوان صديقون وتأبط شعرا سأل تأبط شعرا صديقون ( ملك الرؤيا) -من أين تأتي البحار؟ -من عرق الصحراء -ومن أين يأتي المطر؟ -من سحابة أصابها الذهول -ومن أين تأتي الحكايات؟ -من خلف جبل متهدم -وإلى أين أمضي؟ -إلى خارج كوخك ومعك خنجرك إلى الأرض التي خذلتك تلك النائمة في سبات وضجر أمسك بشعرها والخنجر في يدك وقل لها: اعطني قوت يومي قبل أن أسفك دمك على جبين الشمس وأفقدك النهار -ومن أين آتي؟ -من الفراغ اللانهائي الممتلئ بك فهو الغياب وأنت الحضور وأنت اللحظة الفاصلة وأنت كل العصور. ? قصيدة جميلة ترتكز على الحوار الشعري، الذي قدمه الشاعر بصورة فلسفية مشوقة لكي يجعلك تواصل قراءة القصيدة لمعرفة الشطر الثاني لهذه القصيدة النثرية. والشاعر محمد صوالحة شاعر منطلق الاتجاهات في أفكاره الشعرية، ولو أنه أقرب ما يكون إلى طرح الشعر الوجودي، فيمكن أن نصف الكثير من القصائد الشعرية في هذا الديوان بأنها وجودية، يتحدث فيها الشاعر عن وجود الإنسان كإنسان، وعلاقته بما حوله، في جميع مراحل حياته إذا استطعنا القول. ولا تخلو قصائده أيضا من الميتافيزيقية. ورغم أن الشاعر مازال شابا، وتجربته قصيرة في العمر الزمني، ولكن يتضح من قصائده تعرضه لكم هائل من المعاناة، والتي قد تكون معاناة شخصية ووجدانية، أو بحكم الانتماء لفلسطين الجريحة والمأساة الكبيرة التي يعانيها أبناء هذا الشعب. والمعاناة تظهر كثيرا والتي يمكن لأي قارئ أن يستشعرها في قصائده كما في قصيدته بعنوان قتيل : المجداف تحطم حين لامس سطح المياه الهائجة واستوى في الخيال لا تبالي أغلب ما في الأرض لا يدعو للنضال والطيور التي تحوم فوق جسدك الملقى على القارب لا ترى فيه أي جمال وروحك التي تصعد إلى السماء هاربة لا تلبث أن تعلق قبل أن تنجو بآلاف الحبال ? وفي قصيدة أخرى نجد أن هناك لحظات انتظار لشيء مجهول، ويدا قدرية تغير الأحداث عن خارطة الوجود كما في قصيدة ترقب : منذ الفجر. . وحتى الآن وأنا أضع أذني على الأبواب أنتظر الطوفان وأحيانا ينقلك الشاعر الى أجواء الحماس وتفجير الغضب، ويفصح عن المشاعر والأحاسيس المكبوتة التى يختزنها الشاعر في قلبه فيفجرها بقلمه كما في قصيدة بركان والتي نستشعر فيها الثورة أو بداية انطلاق وتمرد إذا شئت؛ أنا بركان خامد لقرون صبرا وجلد آن الأوان لكي أذيب الثلج الذي نبت على معطفي وأصنع النار المقدسة لتشتعل حتى الأبد ?? وتتنوع أحاسيس ومشاعر هذا الشاعر بتقلبات الأيام فهذه القصائد كتبها على مدى سنوات عديدة وجمعها في هذا الديوان، لذا نجد قصائد ذات دلالات مختلفة، في قصيدة انطلاق نلمس العبثية والطفولة، أما في معتوه نرى محاولة لتخليد الذات. أما في قصيدة ولادة والمكتوبة عام 93، فيها تناقضات حيث الإنسان يولد ويكتشف خشونة الحياة وتناقضاتها وأنها كذبة. وتتشارك معها في نفس المعنى قصيدة أخرى وهي جميلة اختارتها دار النشر لتضعها على الغلاف ? وفيها يقول الشاعر : قلبي كان دافئا حين سكن أضلعي خنقته الجدران وبللته أدمعي أخرجته للريح وضعته على حبل غسيل أصبح الآن ناشفا وقويا ولكنه. .. ليس معي ؟ ? يمكنك أن ترى في هذا الديوان متناقضات كثيرة. قلق وهموم، أحزان وآلام، أمل وحتى ضياع، وفي نظر الشاعر لا معنى للوجود والشطارة طالما أن نهايتنا معروفة هي الموت كما في قصيدة القبر : ما جدوى التخطيط والتفكير حين نعرف سلفا بأننا نسير في اتجاه محدد ? في النهاية وفي ديوان ( نوافذ الغرفة المعتمة ) مع مائة وخمسة وعشرين قصيدة، أغلبها لا يزيد على الصفحة الواحدة يمكنك أن تجد نفسك في إحداها. بين المجد والانهيار، بين البركان والنبتة، الخربشات والفوضى، الولادة والقبر، الانطلاق والسكون، الكذب والحوار، الوثبة واللهاث، بين الروح والنفس والقرين. كلها وغيرها أسماء لقصائد في الديوان، سيجد القارئ في هذه القصائد قصيدة تعجبه مهما كان مزاجه أو ثقافته أو عمره!! ???