عندما يغيب العقل تغيب الحقيقة في رواية

?? اسم الكتاب : دم البراءة ?? اسم المؤلف : إبراهيم الناصر الحميدان ?? الناشر : النادي الأدبي في جازان طبعة أولى 2001م ?? رواية تختلط فيها الأساطير بالوقائع اليومية، رواية التناقضات التي تواجهنا يوميا، حياة بشرية قلقة بوجود عالمين متناقضين يصارع الإنسان فيهما الحياة، هناك التقاليد والأعراف القاسية والمقدسة، يقابلها القلوب البريئة المنطلقة، التي تجد في التقاليد والأعراف عائقا أمام انطلاقها أو سببا في نكث وجرح القلوب فمن تتبع؟ هناك القرية الصغيرة ببراءتها وعفوية الحياة فيها وبدائيتها التي تتناقض مع سنة الحياة في التطور، تقابلها المدينة الكبيرة المتغيرة دائما، بشرورها الكثيرة وخيرها الكثير ملجأ الغرباء المملوءة بلذات الحياة، فأين نسكن؟ وهناك الجن والإنس، وقد اختلطت الأمور بين هذين الجنسين فكثير من الإنس يقوم بدور الجن، وبعض الجن يقوم بدور الإنس فمن نتبع؟ هناك الأغراب الذين يعرفون الكثير ونتعلم منهم أسرار الحياة الخفية عنا، وهناك العرب المتقوقعون في ديارهم الذين يعيشون حياة البداية بفطرتها وبراءتها، فإلى أيهما نتجه؟ رواية تناقش قضية القلوب البشرية وارتياحها وميولها، وتناقش الحب وتفحصه وهل هو فطرة لا فكاك منه أم أنه عارض من العوارض، إن للكاتب فلسفة ورؤية لهذا الحب وسطوته، فهو يؤمن بالحب ولكننا أسأنا استخدامه : الله غرس في قلوبنا الحب ولكننا استعضنا عنه بالشراهة الفردية .. نكرس كل ما يصل إلينا نحو النساء .. المال.. تخير الرجال .. السلطة .. السطوة.. والجشع حتى قتل الآخرين الذين يقفون في طريقنا، وكأنما نعيش في غابة لا يملكها أحد .. تلك شريعتنا في هذا الجزء المتخلف من عالم الحياة . وللكاتب رأي خاص في الحب بين الرجل والمرأة لا تحكمه العادات والتقاليد، وتوجيهات الوالدين والأصحاب، بل تحكمه أسرار خفية فيقول : وفكرت (في حبيبها) سلطان ليس بذي مركز ولا يمتاز بقوة أو جاه، فلماذا هي انحازت اليه .. هل هذا يعني انهيار حكاية القوي والضعيف في الحب أم ان المسألة انجذاب فحسب.. أجابت بإصرار : نعم .. اختيار القلب .. الروح .. إنه السر الإلهي الذي يجعلنا نميل أو نبتعد. تلك إرادة الله الذي خلقنا على فيما بيننا. خلاف في الذوق والاختيار.. لا نتفق على الكراهية وكذلك الميل والحب. إنها حكمة لا نستطيع لها تفسيرا . من عنوان الرواية الذي اختاره المؤلف دم البراءة يدرك القارئ أنه أمام فصل جديد من فصول الشك والريبة التي تطارد المرأة في البيت العربي وفي حياتها كلها. محور الرواية فتاه تجرح يدها، ويبقى الدم على لباسها، وتكفي هذه القطرة من الدم وموقعها على الملبس، لتزرع الشك في قلب زوجة أخيها، التي لا تتوانى عن تبليغه بما حدث، من فجور من هذه البنت وخروجها عن الصراط المستقيم، وكيف أصبح اسم الأسرة في مهب الريح بعد الذي صار وكان!!. وكما اعتدنا في الحياة العادية في ظرف مثل هذا فان المتلقي للخبر لا يستمع للعقل ولا يستعين به هنا في هذه المواقف، بل تقوده ثورة الغضب والكرامة التي اهتزت ودفعت صاحبها لكي يخرس السنة الناس قبل أن يتكلموا، لكيلا يجرحوا هذه الكرامة التي هي عنده أغلى من أخته، و يقتل أخته البريئة، ولا بأس في أن يرتكب جريمة أكبر عند الله مما فعلته أخته وهى لم تفعله، أي أن عقاب الأعراف أكبر من عقاب الله .. وهذه هي جريمة العرف عند غياب العقل.. الكاتب يرى أن مثل هذا الأخ القاتل هو نتاج مجتمع .. كم فيه من عقول يحرص أصحابها على تعطيلها حتى ينالوا الراحة من التفكير تفكيرهم يتمحور حول وجبات الطعام والنوم إلى جانب النساء، وغيره من الأمور التافهة في محيط منغلق .. يتصورون أنهم يعيشون زخم الحياة بينما يقتاتون من الهامش الذي تجاوزته الأمم منذ آلاف السنين . المؤلف اتخذ الطريق السهل وأرضى القارئ واستعجل العقاب على هذا الأخ القاسي، وجعل عقابه عقابا أسطوريا خارقا للعادة، ولعل الكاتب يرى في فعلة هذا الأخ جريمة تستحق العقاب العاجل والعقاب الأسطوري. رواية رمزية غنية بالإشارات الواضحة كتبها أديب صاحب رسالة، ملأ روايته بالأقوال والعلامات المضيئة فيقول .. عن القلب لا أحد يعلم ماذا يدور في أعماقه من خيالات .. إنما من المؤكد رغبته في الانطلاق إلى ذلك العالم السرمدي الذي لا تحده حدود، تلك نزعة إنسانية متأصلة ترفض القيود التي توضع بدون اقتناع حرية أعماق الإنسان لا يطالها أحد .. مغارة خاصة به يدلف إليها متى يشاء.. إذ أن قلبه وحده هو المتحكم فيها. تعريف بالمؤلف: من رواد الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية، بدأ بكتابة القصة القصيرة ثم الرواية ونشر له أول مجموعة قصصية بعنوان أمهاتنا والنضال في عام 1960م وصدر للمؤلف خمس مجموعات من القصص القصيرة. وأصدر 6 روايات من أشهرها رواية بعنوان سفينة الموتى سفينة الضياع طبعت مرتان ستصدر له رواية باسم الغجرية والثعبان من دار الهلال بالقاهرة . ???