هكذا ينفصل #الأطباء النفسيون عن مرضاهم

صورة تعبيرية

نيويورك: في مطلع الشهر الجاري، أصدر الطبيب النفسي الأمريكي جوتليب، كتابًا بعنوان «ربما يجب عليك التحدث إلى شخص ما»، تناول فيه كيف يذهب معظم الناس للتحدث مع الطبيب النفسي عن أنفسهم وعلاقاتهم مع شركائهم وأسرهم وأطفالهم، ومدى أهمية علاقاتهم مع الطبيب في نجاح العلاج.

وحسب المؤلف، تُظهر الدراسات أن العامل الأكثر أهمية في نجاح العلاج، هو ارتباطك بمعالجك ومشاركته مشاعرك الحقيقية، وهو ما تعتبره الدراسة مهمًا أكثر من تدريب المعالج نفسه، أو نوع العلاج الذي يجري، أو حتى نوع المشكلة التي يعاني منها المريض؛ ولكن في بعض الأحيان، قد ينفصل المعالجون عن مرضاهم؛ نتيجة لغياب الثقة، وكذلك للشعور بالملل!

ووفق المؤلف، قد لا تفكر في ذلك عندما تقوم بالخطوة الأولى لزيارة الطبيب النفسي؛ لكن هدف الطبيب النفسي دائمًا يجب أن يكون هو التوقف عن رؤيتك، أو بمعنى أدق، ألا تحتاج إليه وتُشفى تمامًا؛ حيث يعمل المعالجون على فقدان المرضى وليس الاحتفاظ بهم، لأن النتيجة الناجحة تتمثل في أن تشعر بتحسن، فتتخلى عن الذهاب إليه طواعية، ولكن في بعض الأحيان يتعين على المعالج أن يقول وداعًا للمرضى في تأكيده لتعافيهم، أو حتى في تأكيده لعدم تمكنه من تحقيق تقدم علاجي معًا.

ويسرد الكتاب كيف قد يشعر الطبيب، وكذلك المريض بالملل في بعض الأحيان، إما بسبب رفض العلاج أو مخالفة توصيات الطبيب، وأحيانًا يتم ذلك من خلال التهرّب من أي نقاش بحيل دفاعية كالبكاء مثلًا، أو حتى اتهام الطبيب بسوء فهمه للمريض، ومن ثم فقد يصل الطبيب أيضًا إلى الشعور بالإحباط؛ ليتساءل: هل هذا الشعور بسببي أم بسبب الحالة؟

ونظرًا لأن المعالجين يعملون بمفردهم، فقد يسعى بعضهم للحصول على تعليقات خارجية، حول الحالات الصعبة من الزملاء الموثوق بهم، خاصة إذا شعروا بأن المريض لا يستجيب لهم، أو أنه يشعر بقلة التعاطف منهم، وحسب المؤلف، فإن العلاج هو عمل شاق ليس فقط بالنسبة للمعالج، ولكن للمريض أيضًا؛ لأنه يتطلب من المرضى رؤية أنفسهم بطرق يختارون عادة عدم القيام بها، فيما يقوم المعالج بإمساك المرآة بأفضل طريقة ممكنة، ولكن الأمر متروك للمريض لإلقاء نظرة جيدة على هذا الانعكاس ليرى حقيقته.

وبالطبع، يهدف المعالجون إلى أن يكونوا داعمين، لكن هذا الدعم يجب أن يكون من أجل نمو المريض، وليس من أجل نمو رأيه المخالف؛ حيث يفهم المعالج وجهة نظر المريض، ولكن ليس بالضرورة تأييده في هذه الوجهة، فما يحتاجه المرضى هو التعاطف والموضوعية، بينما يحتاج المعالج إلى الثقة من المريض؛ لتحقيق النجاح ومساعدته.