ماذا تعلمت من تويتر؟
يبدو أن كل شيء قد تغير في هذا العالم المتسارع، كل شيء، فحتى أشكال ووسائل النصح والإرشاد، لم تعد كما كانت، تقليدية وغير مؤثرة، ولكنها الآن أصبحت تتماهى مع طبيعة الحياة وتتشابه مع واقع البشر.
لقد تحوّل تويتر ورفاقه من نجوم السوشيال ميديا، من مجرد وسائل ووسائط وشبكات اجتماعية، تنقل وتنشر وتُموّج الأخبار والأحداث والقصص، إلى منصات/ منابر عالية تُمارس النصح والإرشاد، ولكن بطريقتها المختصرة والذكية.
بالنسبة لي، وبعد أكثر من ثماني سنوات بصحبة تويتر الذي يُعد من أشهر وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي في العالم والذي يُقدم خدمة التدوين المصغّر التي تُتيح لمستخدميه إرسال "تغريدات" بحد أقصى يبلغ 280 حرفاً للرسالة الواحدة، أشعر بالكثير من الامتنان والتقدير لهذه المنصة المذهلة التي تعلمت منها الكثير.
كثيرة وكبيرة، هي الرسائل والدروس والأفكار والثقافات والمظاهر التي تعلمتها من هذه المنصة الرائعة، ولكنني سأكتفي بخمس منها، أكتبها على عجل وباختصار، تماماً كما هو أسلوب وطريقة تويتر:
الدرس الأول: أن "الدقة" في الكتابة، بل وفي كل الأشياء والأمور، ليست مجرد صفة جيدة يجب أن يتحلى بها الإنسان، ولكنها -والفضل هنا لتويتر- تستحق أن تكون أسلوب حياة، وغيابها قد يُعرض لسوء الفهم والالتباس، بل وللخطر والمساءلة.
الدرس الثاني: أن "الواقع" ليس بالضرورة حقيقياً أو ملموساً، ولكن "الواقع الافتراضي" الذي يصنعه تويتر، أصبح أهم بكثير من ذلك "الواقع الحقيقي" الذي لم يعد يُقدم ما يُغري أو يشفي الغليل.
الدرس الثالث: ممارسة البحث الدائم عن "الخلاصة" وسط هذا الطوفان الهائل من شهوة الكلام والكتابة والاستعراض. تعلمت من تويتر، كيف أصل إلى خلاصة/ زبدة القول والفعل.
الدرس الرابع: أن فضاء تويتر الذي لا يحده سقف أو سماء، أصبح عالماً ضخماً يضج بالصداقات والعلاقات، ولا يتطلب الحصول على "صداقة" لشخصية ما، مهما كان حجمها أو مستواها، سوى السماح بـ "الدخول على الخاص". الكثير من أصدقاء تويتر، من كل مكان في العالم، أكثر فائدة ووفاء من الكثير من الأصدقاء الذين تعرفهم منذ سنوات طويلة وتلتقي بهم في كل يوم.
الدرس الخامس: مظاهر "التعدد والتنوع" التي تتموج في فضاءات وسماوات تويتر. لقد استطاع تويتر أن يُثبّت هذه الحقيقة/القيمة التي تستحق أن تستوطن فكرنا ومزاجنا وقناعتنا. في كل لحظة، تظهر تغريدات وتعليقات متباينة ومختلفة، بل ومتصارعة ومتواجهة، ولكنها تُسهم -أو هكذا يجب أن تكون- في صنع حالة من التسامح والحوار وقبول الآخر.
تلك هي الدروس الخمسة التي تضمنتها قائمتي لأهم خمسة دروس تعلمتها من تويتر، والآن دورك أنت عزيزي القارئ لرصد قائمتك.
بقلم/ فاضل العماني -الرياض