الفصل التاسع ( الجزء الخامس ) أسرار الرحلة.. اليومية الليلة

?? اسم الكتاب : النوم.. أسراره وخفاياه ??اسم المؤلف: الدكتور أنور حمدي الناشر: المكتب الإسلامي : بيروت ??بحوث في .. النوم والأحلام والتنويم (المغناطيسي) للدكتور أنور حمدي النوم .. أسراره وخفاياه ولا تنس بعد ذلك ، أن مهمة المجرب الباحث ، تحتم عليه أن يسهر طوال الليل، يحتسي القهوة ،ويقرأ سجلات الليلة السابقة ، ويصنفها ويفسرها ! .. حتى إذا ما انبلج الصبح ، وترك المجرب عليه المختبر ، فإن الباحث المجرب (قد) يكون ملزما بأن يستأنف حياته اليومية العادية وما تحتمه من مطالب ، وما تغص به من مشاكل !! وأخيرا ،، وربما ليس آخرا ، فإن طبيعة المعلومات التي تم الحصول عليها ، خلقت مشاكل أكثر إزعاجا !! فلو نظرت عزيزي القارئ إلى الشكل المرفق (48) ،، وهو شكل يمثل ثلاث ليل نموذجية تم الحصول عليها من إنسان واحد ، وذلك فيما يخص مراحل نومه ، لوجدت أن أنماط النوم ، من حيث صفاتها الزمنية ، تبدو غير منتظمة الطبيعية ، بل هي فوضى من الحوادث التي تجري في الزمان !! .. بالرغم من كل هذه الصعوبات والعوائق ، فإن اندفاع العلماء الذي لا يحد من أجل البحث عن الحقيقة والوصول إليها ، استتلى المثابرة والصبر ! .. ? ادت المثابرة والتفاؤل إلى (بزوغ) حقائق عامة متوافقة ، من وسط الركام الفوضوي الذي تجمع من خلال الدراسات والأبحاث ! .. .. فكان (تقدم ) .. وكان (نصر)!! كانت أول الدراسات أو التجارب ، هي تلك الي أجراها (بليل Blake) و( جراد Gerard) في جامعة شيكاغو عام 1936م ، للتحقق مما إذا كان القياس السلوكي المعياري،، أي شدة الصوت المطلوبة لإيقاظ النائم ، ، (تتفق) كما نتوقع ، مع مرحلة النوم ، كما يحددها الرسام الكهربائي . ثم تكررت ، ومنذ ذلك التاريخ ، تلك التجربة ، في أكثر من صورة ! .. ولقد وجد في بعض الأحيان ، أنه من الصعب إيقاظ الشخص ، وياللغرابة ! في المرحلة الأولى من النوم وهي (أخف) المراحل ! .. ولكن في أحيان أخرى ، وهي الغالبة ، تطابقت المرحلة الأولى مع (أدنى العتبات ) في التيقظ السلوكي ! وكلما انتقل النائم ، إلى المراحل التالية الثانية والثالثة والرابعة ، تطلب الأمر زيادة متتابعة في شدة الأصوات المطلوبة لإيقاظه ! وباختصار نقول ، إن مراحل النوم ، كما يحددها الرسام الكهربائي (تتطابق) مع التقدير السلوكي لعمق النوم ! وهكذا ، فتح الطريق للدراسة التفصيلية ، للتنوعات في (نوع النوم ) في ليلة واحدة ، ودون إقلاق النائم ! ثم جاءت الإشارة الأولى (للطبيعة المزدوجة ) للنوم ، من ملاحظات (أسرنسكي وكليتمان) عام 1953 م .. حيث تبين أن عيني النائم ، تتحركان بسرعة في أوقات ، و.. أوقات!. ولقد أدت دراسات تالية لهذه الظاهرة ، إلى القول ، بأن هذه الفترات التي تتحرك فيها العينان بسرعة ، تختلف اختلافا جذريا ، عن باقي فترات النوم !!.. بحيث أن مفهوم (وحدة النوم ) لم يعد ملائما ، ولا مناسبا !!. وكانت أفضل الدراسات تلك التجربة ، التي قام بها (دمنت Dement وكليتمان Kleitman )في جامعة شيكاغو ! .. حيث حصلا على سجل مستمر ، للرسام الكهربائي للدماغ ، بالإضافة إلى مقاييس لحركة الجسم ، وحركات العينين أثناء النوم . وفي عام 1955، راقب كل من (أسرنسكي وكليتمانAserinsky and Kleitman) عملية النوم الفيزيولوجي الطبيعي عند الأطفال الصغار ، وذلك من خلال الملاحظات السريرية ، وبالاعتماد على الأجهزة التي ترصد نشاط عضلات العين ، وجهاز الرسم الكهربائي للدماغ .. ولقد اتضج لهذين العالمين ، أن نوم الطفل يمر، بمراحل مختلفة من النشاط والعمق ، شأنه في ذلك ، شأن نوم الراشد البالغ ، وذلك بعد أن يتجاوز الطفل العام الثاني من العمر !!،،. وتتالت التجارب ، وتتابعت الأبحاث ، واستمرت المسيرة ! .. ففي مركز لأبحاث النوم ، تابع لجامعة (لفبره Loughborough) في إنكلتره ، قام طبيب يدعى (جيم أورن ) بتجربة لدراسة (مراحل النوم) .. مستعنيا بجهاز الرسام الكهربائي الدماغي ،وبأجهزة أخرى تعكس نشاط الأعضاء والأجهزة الجسمية المختلفة في الإنسان ..مثل التسجيلات الكهربائية لتقوية العضلات ، وتسجيل حركات العينين ! . غوص وطفو .. بدون بلل !! في البدء يكون الشخص ، في حالة اليقظة والإثارة والانتباه ! وتكون الموجات الكهربائية الصادرة ، عن دماغه ، غير منتظمة كثيرا ، وذات ذبذبات عالية سريعة ، تبلغ عدة مئات في الثانية الواحدة ، وذات سعة منخفضة تبلغ 20 200 ميكروفولت ! ..(عادة أقل من 50 ميكروفولت !) ، أما مقويته العضلية فهي عالية ، .. وله حركات خاصة للعينين. حتى إذا ما أخذفي الاستعداد للنوم فرقد وسكن ... وأغمض عينيه .. واسترخى ..ظهرت في تخطيط دماغه الموجات (ألفا)! .. ثم تبدأ : 1 مرحلة الإرهاق أو النعاس (A) والنعاس ، كما يعتبره (بافلوف) ، إجراء فسيولوجي حيوي ، ذو طبيعة (صيانية) أو(وقائية)! وذلك لأنه يحول دون استنزاف طاقة الجسم الحيوية ،وبخاصة نشاط الجهاز العصبي المركزي ،ولا سيما المخ ! والنعاس هذا .. يدل على اقتراب حدوث النوم ! .. وهو مثل الجوع ، حاجة بيولوجية حيوية ، الذي يدل على حاجة الجسم إلى الطعام والأكل .. ومثل العطش الذي يدل على حاجة الجسم إلى الماء والشرب ! .. فعندما ينعس الشخص ، لا بد من النوم! .. تماما كما عندما يجوع الشخص ، فلا بد من الطعام والأكل ..وكما عندما يعطش المرء ، فلا بد من الشرب والارتواء !.. وفي هذه المرحلة ، نشاهد أن الفترات بين ظهور الموجات ألفا تطول ، بحيث تصبح هذه الذبذبة أقل سرعة وترددا .هذا مع احتمال ظهور الذبذبة في هيئة سريعة ، خصوصا في الأقطاب الجبهية !.. 2 مرحلة بدء النوم (B) وهنا يخامر الإنسان شعور بأنه (يطفو ) أو (ينجرف ) في تيار ماء ! .. وبعض الناس يصف ذلك بأنه شعور (بخفة) وزن الجسم !.. وتعرف هذه المرحلة بإسم (المرحلة الأولى ) وتسمى أيضا بـ(مرحلة التنويم )! ..ومدتها من (5-15) دقيقة . وتتميز هذه المرحلة بانخفاض ، يصحبه اضطراب في بعض الأحيان ، في شدة (سعة) موجات المخ .. وحيث تختفي الذبذبة (ألفا) نهائيا ! .. ولكنها تظهر إذا نبهنا الفرد في أي وقت !.. وإذا أيقظنا الإنسان في هذه المرحلة فسينفي أنه ( أغفى)! .. ويلاحظ أثناء هذه المرحلة انتظاما في سرعة التنفس وضربات القلب.. كما تكون حركة العين بطيئة ! .. وغالبا ما تكون هذه المرحلة مترافقة مع هلوسة نومية Hypnogqic Hallucinations التي قد تكون بشكل هلاوس سمعية أو بصرية !.. فقد يسمع المرء إنسانا يناديه ، أو غير ذلك ..ولذلك فقد تعرف هذه الحالة ، (بالتهويم Hypnagoque) أو (نوم الغسق Twilight sleep).. وربما تخللتها (شبه أحلام عابرة ) يحس بها الشخص ليقظته الجزئية ، فتكون كأخيلة ، وهلوسة !.. وتكون في هذه المرحلة ، موجات الدماغ الكهربائية ، نشيطة وسريعة وبجهد كهربائي منخفض .. حيث تزيد سرعة الموجات في ترتيب منظم ،، وتعطى أحيانا الموجات المغزلية للنوم ، وتستمر الواحدة من 1 2 ثانية تقريبا ،، وتكون سرعة الموجات من 12-24 موجة (أو ذبذبة ) في الثانية . 3 مرحلة النوم الخفيف (C) وتعرف هذه المرحلة باسم (المرحلة الثانية) وتتميز هذه المرحلة بنقص ملموس في المقوية العضلية ، حتى أن حركات العينين قد تتوقف في هذه المرحلة ، أو تتوقف فعلا، ويوجد (مخاريط النوم Sleep spindle)أو(الموجات المغزلية ) في تخطيط الدماغ الكهربائي ! .. حيث أن شكل الموجه يشبه المغزل .. فالموجات تأخذ طبيعة منتظمة وشكلا مميزا ، يبدأ بموجات مرتفعة (طويلة أو عالية) تأخذ في الانخفاض تدريجيا ، ويتكرر نمط هذه الموجات أو الرسوم ، كل عدة ثوان . ويبلغ تكرر هذه الموجات المغزلية حوالي 14 موجة أو ذبذبة في الثانية ،و هي أكثر في السعة من الذبذبة بيتا .. وتقل ذبذبتها وترددها تدريجيا ، كلما عمق مقدار النوم ..ويحل محلها كلما زاد عمق النوم الذبذبة أو الموجة ثيتا ، ثم الموجة دلتا !.. أي أن الموجات تزداد طولا ، وتخف سرعتها تدريجيا ،و يغلب عليها الموجة ثيتا ودلتا . وتدوم هذه المرحلة من 10 40 دقيقة .. ويمكن إيقاظ النائم بسهولة في هذه المرحلة ! .. ولقد أثبت البروفسور جوفيه من ليون الفرنسية ، إنه إذا منعنا عن شخص ما، مرحلة النوم الخفيف هذه ، فإنه يؤكد عندما يستفيق أنه لم ينم بشكل جيد ! .. ومن جهة أخرى ، فإن هذه المرحلة لوحدها غير كافية للنوم ! .. حيث أن كثيرا من المرضى يشكون للطبيب ، أنهم لم يناموا طوال الليل ! .. وبسؤال الممرضة المشرفة تجزم،، هذا إذا كانت تراقبهم ، فعلا ، وليست نائمة !!،، أنهم كانوا نائمين معظم الليل!.. وهنا (يحتمل ) أن نوم هؤلاء المرضى كان معظمه من هذه المرحلة ذات (النوم الخفيف)!. 4 مرحلة النوم العميق (D) وتعرف هذه المرحلة بإسم (المرحلة الثالثة ). وتتميز هذه المرحلة بوجود الذبذبات ثيتا ودلتا ، وظهور ،أحيانا ، الموجات المغزلية !.. وعادة ما تظهر هذه الموجات المغزلية ، على الأقطاب الجبهية ، وهو ما يميز هذه المرحلة من النوم ! .. حيث تصبح الذبذبات متباطئة بالتدريج في التردد ، وأعلى بالسعة .. فالموجات عالية وبطيئة بنسبة ثابتة ، وهي موجة واحدة في الثانية ! وتدوم هذه المرحلة ، فترة تتراوح ما بين 10 30 دقيقة . وفي هذه المرحلة ، يحدث انتظام في ضربات القلب ، وبمعدل ستين نبضة في الدقيقة، كما يكون التنفس بطيئا ومنتظما .. وينخفض ضغط الدم ! .. وتوصف هذه المرحلة من النوم بأنها (متوسطة العمق )! 5 مرحلة النوم الشديد العمق (E) وتعرف هذه المرحلة باسم (المرحلة الرابعة ) وهنا يظهر تخطيط الدماغ الكهربائي ، في هيئة الموجة دلتا البطيئة وغير المنتظمة!.. حيث يصل ترددها أحيانا إلى ذبذبة أو نصف ذبذبة في الثانية ! .. مع سعة تصل إلى 300-600 ميكروفولت ، ولا يظهر ذلك إطلاقا في الرسم السوي الصحي !.. كذلك تظهر أحيانا هذه المرحلة بعض الموجات المغزلية ، كما يظهر رسم مشابه لهذه المرحلة في حالات : الغيبوبة ، وتحت التخدير ، وبعد تناول كميات كبيرة من الأقراص المنومة بغرض الانتحار !! وتكون حالة الحركات السريعة للعين (مسطحة ) في الماء الكهربائي للعضلة (E.M.G)Electro Myo Graph وذلك دلالة على تثبيط العضلة الواضح !.. ..فكما بطئت سرعة القلب والتنفس من المرحلة الثانية حتى المرحلة الرابعة ، كذلك تبطؤ حركة العين ! .. وقد تكون حركة العين هذه متوفقة منذ المرحلة الثانية ، كما ذكرت . وهذه المرحلة من النوم ، هي مرحلة (النوم الحقيقي )! حيث أنها تتميز بالعمق ، بحيث لا ينتبه النائم إلى معظم المؤثرات الخارجية ، على الرغم من أن المخ يستقبل جميع المنبهات الخارجية بـ(يقظة )!! هذا ومن الصعب إيقاظ النائم في هذه المرحلة ! .. فإذا ما أجبر على الاستيقاظ،فإنه يشعر أن جسمه ثقيل ، وقد يصاب بصداع وغثيان ! .. على أن قدرة الجسم على التكيف ، سرعان ما تعيد الأمور إلى نصابها ، فيمر كل شيء (بسلام )! .. وهذه المرحلة قد تستمر قد عشرين دقيقة . كما أن هذه المرحلة ، بكاملها ، قد تختفي وتحذف تماما عند المسنين ،ولذلك يصبح نومهم (أقل عمقا ) ومضطربا ! .. .. وبينما (يغوص) النائم إلى (المرحلة الرابعة) فإنه (يطفوه )! مرة أخرى إلى مرحلة قريبة من (المرحلة الأولى ) ، تعرف بإسم (مرحلة حركة العين السريعة ) أو (المرحلة الخامسة)!!د 6 مرحلة حركة العين السريعة (F) ولنطلق عليها (المرحلة الخامسة)! ،، وإن كان بعض الباحثين يدمجها في (المرحلة الرابعة)!،، في هذه المرحلة تقع .. الأحلام ! .. وتسمى أيضا هذه المرحلة (النوم المفارق) ! وتستمر من 15 20 دقيقة ، وأحيانا من 5 10 دقائق فقط ! في هذه المرحلة يتكثف النشاط الدماغي ، وتتكهرب الخلايا العصبية ، بشكل عنيف، كأنما هناك إعصار هائل يغلي في الرأس !! فتتنبه الأعضاء ، وتدور العينان تحت الجفنين في كل الاتجاهات بسرعة غريبة ! .. أما عضلات الجسم فتكون في منتهى الارتخاء .. وكأنها مشلولة تماما ! .. هذه المراحل الخمسة المذكورة ، تكون ما يسمى بـ(دورة النوم ) ! أو (دورة الفاعلية الراحة لكلايتمان )! ودورة النوم هذه ، تستغرق فترة زمنية ، تتراوح ما بين 80 120 دقيقة ، أو من ساعة ونصف إلى ساعتين تقريبا . وهي تبتدئ من بداية (مرحلة التنويم ) وتنتهي بنهاية (مرحلة حركة العين السريعة)!.. فعندما يستغرق الإنسان في النوم ، فإنه (يغوص ) بسرعة خلال مراحل (تعميق النوم). حتي يصل إلى (المرحلة الرابعة ) ومنها (يطفو ) مرة أخرى ، إلى (المرحلة الخامسة)!..وبنهاية (المرحلة الخامسة ) تكون (دورة النوم ) قد انتهت ! .. وبعد حوالي 5 دقائق أو نحو ذلك ، تبدأ (دورة نوم ) جديدة ! . بجميع المراحل السابقة ...من (غوص) إلى (مرحلة النوم شديد العمق ) ثم (طفو ) إلى (مرحلة حركة العين السريعة).وهكذا !! .. وهكذا ، تكرر (دورة النوم ) هذه عددا من المرات ، يتوقف على عدد الساعات التي ينامها الإنسان ! .. فقد تحدث ثلاث دورات أو أربع دورات أو خمس دورات أو ست دورات في الليلة الواحدة ! .. وتكون هذه (الدورات النومية ) متشابهة فيما بينها بصورة عامة ، فيما عدا ، أن الدورات اللاحقة تستغرق زمنا أقل في مراحل (النوم العميق ) ، وزمنا أكبر في مراحل (النوم الخفيف) ! .. ويعكس هذا ضحالة تدريجية في عمق النوم ، بعد الساعة الأولى ! . وهذا ما أكدته المقاييس السلوكية التي تحدثنا عنها ! .. وطبعا .. إن ما وصفناه هو (النمط العام للنوم ) .. ولا شك أن من حوله تتذبذب تذبذبا واسعا السجلات الخاصة بكل ليلة على حدة . .. وإذن ! ... فإن عمق النوم ،وكما يحدده جهاز تخطيط الدماغ الكهربائي ، يتزايد ويتناقص طوال الليل في سلسلة من الدورات ، مدة كل واحدة منها ، من ساعة ونصف حتى الساعتين ! .. فالنوم عملية ، مرتبطة بنظام الدورات ، وليس هو حالة واحدة ، كما كان يفترض، من أن الكائنات التي تمتلك جهازا عصبيا معقدا ، وتقع على نوع من المدى الذي يتفاوت من حالة اليقظة ، حتى النوم ! ،، حيث كان يفترض بأن الكائن ، وفقا لدرجة نشاط الجهاز العصبي ، يتفاوت على هذا المدى الواسع ، الذي يمتد بدرجات متفاوتة ، من النوم العميق حتى حالة اليقظة الكاملة ! ،، فالنوم كان ينظر إليه ، باعتباره (حالة واحدة ) تتفاوت فقط من حيث الشدة أو العمق!.. فيبدأ (عميقا ) ثم يتناقص عمقه و(يطفو) ! رويدا ، رويدا .. حتى يصل إلى (شاطئ اليقظة وسطحها )! .. ولكن ، وكما يتبين ، فالنوم يمر (بمراحل متعددة )! .. ويتبع (نظام الدورات ) ... فالنائم (يغوص ) رويدا رويدا ، حتى يصل إلى (القرار)!! ، ثم (يطفو) فجأة إلى (السطح )! .. ثم يعود ويكرر ( الغوص) و(الطفو) مرة ، تلو المرة !... ودورة إثر دورة !!. النوم... نومان !! .. ولقد كانت ( أول إشارة ) إلى أن النوم (ليس شيئا واحدا فقط) هي عندما تعرف (أسرنسكي وكليتمان) عام 1953 ، كما ذكرت ، من جامعة شيكاغو ، على حدوث حركات سريعة للعين لدى النائم ! . بحيث أصبح من المعروف أن حركات العين السريعة هذه ، تحدث خلال (حالة خاصة من النوم ) أطلقت عليها تسمية (النوم ذو حركات العين السريعة Rapid Eye Movement sleep -RE. MS))! وطبعا يتمشى مع هذا الاتجاه ، إن أطلق على بقية النوم الآخر اسم (النوم من غير حركات العين السريعة (Non rapid eye movement sleep N.R.E.M.S)!. والآن .. ولو قسمنا النوم ، حسب هذا الوصف ، وحسب هذه التسمية ، فإنه يكون لدينا نوعان من النوم ، أو مرحلتان هما : 1 النوع الأول ،ويرمز له بالحرف (S) Orthodox sleep) وهذا النوع من النوم ، له أسماء متعددة مثل : النوم الكلاسيكي ، أو التقليدي ، أو البطيء ، أو السوي ، أو نوم قشرة لحاء المخ الحديثNeo cortical sleep أو النوم المتزامن ، أو نوم من غير حركات العين السريعة، أو النوم العميق (نسبة إلى آخر مرحلة منه ) ، أو النوم الارثوذوكسي Orthodox sleep ، أو النوم المألوف ! .. ومهما كان الاسم المستعمل ، فإنه يشير إلى أن هذا النوع من النوم ، يتصف بأنه ذو موجات دماغية متباطئة !.. وهذا النوع من النوم يضم (المراحل الأربعة الأولى ) من (دورة النوم )! وفيه ، تبطئ الموجات الدماغية تدريجيا ، ويزداد اتساعها ، حيث تقل سرعة الموجات وترددها من 13 موجة في الثانية في حالة اليقظة إلى 3 موجات أو أقل عند النوم الشديد العمق .. وتقل ، خلال هذا النوع من النوم ، سرعة النبض ، وسرعة التنفس ، كما يقل ضغط الدم! .. وينقص استهلاك الأوكسجين .. كما تنقص (الإبالة ) وتقعل فعالية (حادثة الحلول) ! .. ويستغرق هذا النوع ، فترة من الزمن تصل إلى ساعة ونصف الساعة ! .. ولقد تبين وجود صلة بين مستوى الذكاء ، ومقدار النوم في هذا النوع ! . وذلك عند الأشخاص الأسوياء وأيضا عند المصابين بالعته الشيخي (الخرف ) ، وكذلك الأطفال (المنغوليين الفدمين ) والأطفال المصابين (ببيلة الفنيل كيتون ) ، والمصابين بعطب الدماغ !. وينتقل الإنسان من حالة اليقظة ، إلى هذا النوع من النوم ، بعد أن يستعد استعدادات معينة كالرقود والسكون وإطفاء الأنوار ، وغير ذلك ! . وإن ما يحدث من انخفاض في سرعة التنفس ، وسرعة دقات القلب وضرباته ، وانخفاض الضغط الشرياني ، وهبوط درجة الحرارة ، وتناقص سرعة الاحتراق والاستقلاب، .. إن ما يحدث من هذه التغيرات في هذا النوع من النوم ، يمكن إحداثه بمجرد الاسترخاء الجسمي والعقلي ، في حجرة هادئة ! .. فالإنسان يستطيع أن يقلد هذا النوع من النوم، إلى حد بعيد ، وذلك بإغلاق عينيه ، وإجراء تنفس بطيء منظم .. بحيث يصعب الحكم على الحالة ، إلا باستعمال بعض الأجهزة مثل جهاز التخطيط الكهربائي الدماغي، الذي يبين لنا ، التغيرات التي تحدث في الموجات الكهربائية الدماغية ، بدءا من اليقظة ، وانتهاء بمرحلة النوم شديد العمق ! .. وإن (المراحل الأربعة ) التي يضمها هذا النوع من النوم ، والتي تختلف عمقا ونوعا، تحدث بنفس الكمية كل يوم ، وبنفس التعاقب ! .. كما أن الفروق بين حالة اليقظة ، وبين النوم من غير حركات العين السريعة ، متمثلة في مستوى الانتباه والاستجابة للبيئة الخارجية !.. فمستوى النشاط في حالة اليقظة ، هو أعلى منه في حالة النوم من غير حركات العين السريعة ! .. لأن حالة اليقظة تتسم بالتفاعل مع البيئة .. وعندما نوقف هذا التفاعل(إراديا)، فإننا قد نحقق مستوى منخفضا من النشاط ، إلا أننا مع هذا نكون في حالة من اليقظة ! .. ولكن عندما يكون هذه التوقف (لا إراديا)، فإننا نكون في حالة نوم!! 2 النوع الثاني ، ويرمز له بالحرف (D)(Paradoxical sleep) وهذا النوع من النوم له أيضا أسماء متعددة مثل : النوم النقيضي أو المتناقض ، أو المفارق ، أو السريع أو المنشط ، أو النشيط، أو الخفيف أو المرهف ، أو الحالم ، أو غير المتزامن ، أو نوم جذع المخ ، أو نوم مؤخر الدماغ Rhomebencephalic sleep ، وذلك لاعتماده على أجزاء في المخ المؤخر ،، أو نوم حركة العين السريعة ، وذلك لأن حركة العينين هي من خصائصه الرئيسية، التي تميزه. وإن حركات العينين فيه ، ليس لها نمط معين .. ولكن هناك مجموعة عديدة من الحركات من حيث الحجم والاتجاه .. حيث تأتي على شكل نوبات متقطعة ، من حركات مهتزة وسريعة للعين . وهناك تماثل شبه تام ، بين حركات عيني النائم في هذا النوع ، وبين حركات العينين الهادفة لدى الإنسان في حالة اليقظة ! .. ويمكن مشاهدة هذه الحركات ، من خلال الجفن المغلق .. كما يمكن تسجيلها بواسطة، أجهزة خاصة . ويستغرق هذا النوع من النوم من 5 20 دقيقة ، ويختلف الزمن باختلاف (الأشخاص) و(الحالات ) و(العمر ) .. فالمصاب بالعته الشيخي (الخرف ) يبدي نقصا في مدة هذا النوع من النوم ، وكذلك الطفل المنغولي الفدم ، والطفل المصاب ببيلة الفنيل كيتون ، والمصاب بعطب الدماغ !.. ..كما أنه عند الرضيع في الشهر الثالث من العمر ، تكون نسبة هذا النوع من النوم عنده من 45 50 ? من زمن كامل النوم ، وتتناقص هذه النسبة تدريجيا ، حتى تأخذ شكلها عند الكهل ، في سن المراهقة . ويسجل جهاز التخطيط الكهربائي الدماغي ، تغيرا ملحوظا ، وزيادة في النشاط الكهربائي للمخ ! .. حيث تتحول تلك الموجات البطيئة ، التي شاهدناها في المرحلة الرابعة من النوع الأول ، تتحول إلى موجات سريعة على شكل موجات مغزلية ، تبلغ سرعتها 15 موجة في الثانية ، وتكون ذات سعة منخفضة .. وعادة ما تكون الموجات ذات ذبذبة، تتراوح بين 4 6 هرتز في الثانية مع بعض الإيقاع ، وأحيانا (انبثاقات) لموجات (كأسنان المنشار Saw Tooth Waves) بمعدل 2 3 ذبذبة في الثانية ، وإن رسم المخ هذا لا يختلف كثيرا عنه ، في بدء النوم (أي المرحلة الأولى ) ، ولذلك فإن بعض الباحثين يطلقون عليه إسم (النوم النشط ) مشيرين بذلك ، إلى حدوث ارتفاع كبير في درجة الوعي ، خلال هذا النوع من النوم . هذا ،ويصاحب هذا النوع من النوم ، نشاط في كل الأجهز تقريبا!. حيث تحدث زيادة بسيطة في معدل سرعة ضربات القلب ، بمقارنة ذلك بالنوع الأول من النوم ،،وفي المصابين بعصيدة الشريان الأكليلي ، تحدث تغيرات في مخطط القلب الكهربائي ، كما سجلت نوب خناقية ليلية ، مواقتة لهذا النوع ! ،، كما يرتفع ضغط الدم ويزداد !.. ويتغير التنفس ، بشكل ملحوظ ، باتجاه نحو الإسراع الكلي في معدلاته (أي تزداد حركته) مع تفاوتات ملحوظة فيه (أي يصبح غير منتظم ) ، كما يزيد استخدام الأوكسجين بوضوح ! وتحدث أيضا زيادة في إفرازات المعدة ،،ولا سيما في مرضى قرحة العفج ،،. كما يصاحب هذا النوع من النوم ، انتصاب في القضيب عند الذكور وزيادة في تدفق الدم للمهبل عند الإناث !! .. إلا إذا كان محتوى القلق في (الحلم ) مرتفعا، فيضعف الانتصاب !! . كما تزداد (الإبالة ) وتنشط (حادثة الحلول)!.. كما أن مستويات الستروئيدات القشرية في المصورة ، ترتفع بشكل أكبر خلال هذا النوع من النوم ! .. وأما العضلات فإنها خلال هذا النوع من النوم ، تكون في حالة ارتخاء شديد، وكأنها مشلولة تماما !! . فهناك انخفاض شديد في درجة التوتر العضلي ! .. وحيث أن هذا الارتخاء العضلي Muscle relaxati ، يلاحظ في وقت تدل فيه المقاييس الأخرى، على (النشاط ) و(اليقظة) ! .. فإن ذلك دفع بعضهم إلى إطلاق تسمية (النوم المتناقض) أو (النقيضي ) على هذا النوع من النوم !.. وإن فقد التوتر العضلي هذا ، ينعكس على (الكابوس )! وذلك عندما يشعر الشخص في حلمه بشيء مخيف ، ولكنه يجد نفسه عاجزا عن الحركة تماما ، وكأنه مشلول !! وعلى الرغم من وجود الارتخاء العضلي الشديد ، فإن أحد المصاحبات البارزة لهذا النوع من النوم ، هو حدوث اختلاجات في الأطراف ، وعضلات الوجه ، خلال فترة منه!!. فقبل حدوث الارتخاء الكامل ، تحدث بضع حركات رعشية أو رجفانية أو(رمعية)!!.. وبينما ترتخي عضلات الأطراف تماما ، فإن التوتر العضلي في الفك ، يزداد !.. .. وكما ذكرت سابقا ، فإنه خلال (مرحلة حركة العين السريعة) أي خلال هذا النوع من النوم ، تحدث (الأحلام )! . ،، ولذلك يسمى هذا النوع (بالنوم الحالم ) ،، فلقد وجد أنه إذا ما تم إيقاظ النائم ، خلال هذا النوع من النوم فإنه يذكر لنا على الفور ، أنه كان (مستغرقا في الأحلام )! .. وليس معنى هذا أن الأحلام لا تحدث إلا في هذا النوع من النوم فقط!.. فقد لوحظ أنها تحدث أيضا في النوع الأول ، وخاصة في أول الليل ! ... ولكن أحلام النوع الثاني ، تكون الصور المرئية فيها واضحة ، وتكون في مفهومها أكثر تعقيدا وإبهاما ، أو تحوي موضوعات وجدانية ! .. وذلك عكس أحلام النوع الأول ،و التي تكون صورها باهتة، وتكون أصعب في التذكر ! .. فلقد وجد من خلال التجارب التي كان يتم فيها إيقاظ الأشخاص في مراحل مختلفة من (دورة النوم) وجد ، أن حوالي 80? يذكرون أحلاما إذا ما أوقظوا أثناء النوع الثاني من النوم ، بينما وجد أن 10 ? فقط يذكرون أحلاما، إذا ما أوقظوا أثناء النوع الأول من النوم !. ولعل حركات العينين السريعة ، المميزة لهذا النوع من النوم ، دليل آخر علىأنه (نوم الأحلام )!! فهذه الحركات ، تشبه في حركتها ، العين التي تتابع الصور المتحركة !.. فكأن (الحالم النائم ) يتابع (الصور ) التي يراها في حلمه و(منامه ). ... وقد كشفت الدراسات في الحيوانات ، عن وجود نشاط عصبي مصاحب لهذا النمط من النوم .. وأن هذا النشاط العصبي ، يحدث في مناطق معينة من المخ ، مثل التكوين الشبكي للمخ المتوسط ، والتكوين الشبكي للقنطرة Pontine ، واللحاء البصري Visual cortex ، والمسار الهرمي Pyrami cal tract. كما ظهر نتيجة للتجارب ، أن التكوين الشبكي في القنطرة (قنطرة فارول ) هو الذي يختص بالذات في هذا النوع من النوم ... فلقد تبين أن تعطيل هذا الجزء من الدماغ، يؤدي إلى ظهور (الهلاوس) و(الخداعات ) و(صعوبة التركيز ) ! .. وهنا .. وأمام هذا النشاط الكبير الذي يحدث في هذا النوع من النوم ، نواجه تساؤلا مؤاداه : كيف يمكن أن نطلق على تلك المرحلة من حركات العين السريعة .. حالة من النوم ؟! فهذه المرحلة ، تختلف كثيرا عن المفهوم العادي للنوم ، باعتباره (مرحلة من الراحة)!!كما أنها تختلف كثيرا ، أيضا ، عن النوم من غير حركات العين السريعة ، و الذي يمثل حالة منتظمة من مستوى منخفض من النشاط ! ؟ . على أن السؤال الحقيقي الذي ينبغي أن يطرح هنا ، يتعلق بالكيفية التي يظل النائم بها، محتفظا بنومه ، في مواجهة كل هذا النشاط للجهاز العصبي ؟! .. فعلى الرغم من كل هذا النشاط الذي يطرأ على الجهاز العصبي ، فإن النائم يبقى محتفظا بنومه ! .. بل أعجب من ذلك وأغرب ! .. وهو أن النائم أو الشخص لا يشعر بأنه قد أخذ حاجته من النوم ، إلا إذا دخل في هذا النوع من النوم !!.. فلو أنه حرم من هذا النوع ومن هذه المرحلة ، فإنه يصبح متعبا ولا يشعر بأنه قد قد أخذ نصيبه من النوم !.. فلقد لوحظ في تجارب معملية ، وأبحاث مخبرية ، أن الأشخاص الذين كانوا خلال فترة طويلة ، يوقظون من نومهم، كلما دخلوا في هذا النوع من النوم ، لوحظ أنه ظهر عليهم القلق والتوتر والضيق ، أكثر مما ظهر على هؤلاء الذين كانوا يوقظون من نوم النوع الأول!! وعلى الرغم من أن هذا النوع يتكرر في الليلة الواحدة ، حوالي الخمس مرات وبعدد دورات النوم ، فإن الشخص الذي يتم إيقاظه ، في هذا النوع ، وهذه المرحلة ، فإنه قد يكرر هذا النوع من النوم ، إلى عشرين مرة في الليلة الواحدة حتى يحصل على حاجته ، وكفايته منه ! .. وإن كان هذا يدل على شيء .. فإنما يدل على أن النوم الذي نحتاجه (فعلا) هو أساسا نوم حركة العين السريعة . أي (نوم الأحلام )!! لأن (الأحلام ) تمنح ( صمام أمان نفسي )! .. ونحن بحاجة إليها ، من أجل الشعور بالأمن .. واستمر الاستقرار ! .. هذا ، وإن هذين النوعين من النوم .. .. النوم من غير حركات العين السريعة .. ونوم حركات العين السريعة ! .. النوم العميق ... ونوم الأحلام ! .. إن هذين النوعين من النوم ، يتعاقبان ،كما علمنا في دروات ثابتة تقريبا، لكل شخص، وعند كل فرد! .. هي (دورات النوم sleep cycle ) ولما كان النوع الأول من النوم ، يستمر حوالي 90 دقيقة ، فإن النوع الثاني من النوم يحدث مرة كل 90 دقيقة ، ولما كان النوع الثاني من النوم ، قد يستمر حوالي 20 دقيقة من كل (دورة نومية ) .. فإن النائم يقضي حوالي 20 25 ? من فترة النوم ، في هذا النوع من (النوم الحالم )!.. وبينما يتشابه الناس في (دورات النوم ) من حيث المراحل الأربع في (النوم المتزامن)،يعقبه فترة من (النوم غير المتزامن ) ، بينما يتشابهون في ذلك ، فإنهم يختلفون في .. مدة ، وأنماط النوم !! .. فلو نظرنا إلى الشكل (68) وهو يظهر ، ويبين لنا ، النسبة المئوية لكل مرحلة، من مراحل النوم الخمسة ، بالنسبة لكامل مدة النوم ، وذلك في ثلاث ليال متتالية ،و عند شخصين ، مفحوصين ، متطوعين ، مختلفين . لو نظرنا إلى هذا الشكل ، لوجدنا بأن هناك مظهرين ) لنوم هذين الشخصين! .. المظهر الأول : هو ذلك (التوافق ) الملحوظ ، عند كل شخص مجرب عليه ، فيما يخص كل مرحلة من مراحل نومه الخمسة ! .. فالشخص الأول ..نلاحظ أن نسبة نوم المرحلة الرابعة ، مثلا ، من مراحل النوم الخمسة، قد بلغت 22 ? من الوقت الكلي الذي قضاه هذا الشخص وهو نائم ، وذلك في الليلة الأولى ،، وكانت هي (الليلة الثانية) من التجربة ،، وبلغت هذه النسبة 23 ? في الليلة الثانية ،، أي الثالثة من التجربة ، كما هو مكتوب على الشكل ،، وأما في الليلة الثالثة،، أي الرابعة من التجربة ، فبلغت هذه النسبة 22 ?. كما بلغت نسبة المراحل ! .. فإننا نجد أن (مدة ) كل مرحلة ، أو بالأحرى (نسبة) كل مرحلة بالنسبة للمراحل الأخرى ، تبقى ثابتة تقريبا عند الشخص نفسه ، على اختلاف الليالي ، وتتاليها ! .. وكذلك لو أخذنا الشخص الثاني ، فإننا نجد أن نسبة المرحلة الثانية ، مثلا ، بلغت وعلى التوالي 53 ? ، 56 ? ، 53 ? . كما بلغت نسبة المرحلة الرابعة ، مثلا ، 14 ? ، 11 ? ، 11 ? وعلى التتابع !.. وأما المرحلة الخامسة ، مثلا ، فقد بلغت نسبتها ، بشكل متتال 24 ? ، 22 ? ، 21? . وهكذا ، أيضا لو أخذنا بقية المراحل ! .. حيث نلاحظ من ذلك ، أن هناك (تطابقا ) أو (تقاربا) شديدا ، في نسبة الفترة الزمنية ، التي تستغرقها كل مرحلة من مراحل النوم الخمس ، بالنسبة لبقية المراحل، عند الشخص نفسه ، وفي الليالي المتعددة المختلفة ! .. وبمعنى آخر ، فإن الشخص لو نام ، مثلا ، مدة سبع ساعات كاملة كل ليلة ، ولمدة عشر ليال مثلا ، فإن (مدة نوم) كل فترة من فترات النوم الخمس ، أي كل (مرحلة) من مراحل النوم الخمس ، ستكون متساوية ، أو متقاربة بشكل شديد ، على مدار الليالي العشر المذكورة !!.. فلو كانت ، مثلا ، المدة التي قضاها في المرحلة الرابعة ، مثلا ، في الليلة الأولى هي ساعة وعشر دقائق فإن مدة المرحلة الرابعة ، في بقية الليالي ستكون هي نفس المدة والفترة (أي ساعة وعشر دقائق) أو قريبة منها بشكل شديد !.. وأما المظهر الثاني الملاحظ : فهو ذلك الفرق الكبير الموجود والملحوظ بين الشخصين المجرب عليهما بالنسبة لمدة كل مرحلة من مراحل النوم الخمس ! .. فمتوسط المرحلة الرابعة ، مثلا ، هو عند الشخص الأول ، وعلى فترة الليالي الثلاث، يبلغ قرابة 22 ? من فترة النوم الكلية (أرجع إلى الشكل نفسه ) ، بينما نشاهد أن متوسط هذه المرحلة ، نفسها ، بلغ قرابة 12 ? عند الشخص الثاني ! .. وأيضا نجد أن متوسط المرحلة الخامسة ، مثلا ، كان عند الشخص الأول هو 26? بينما هو عند الشخص الثاني 22 ? ..و هكذا لاحظ الاختلاف بين هذه النسب ! ثم إنه لوحظ من التجارب ، وكما ذكرت سابقا ، أن النوم عند الشخص الواحد ، ينتقل من مرحلة إلى مرحلة ، حتى يمر بالمراحل الخمس ، ثم يعاود ذلك ، في دورات متكررة من 3 6 دورات في الليلة ! .. وإن الفترة الزمنية التي تقضى في (مرحلة) ، تختلف عن الفترة التي تقضى في (مرحلة أخرى ).. حيث أن المدة لا تقسم بالتساوي بين المراحل الخمس !.. فكما هو واضح من الشكل (السابق نفسه الشكل 68) عند الشخص الثاني مثلا، يتبين أن المرحلة الثانية ، تأخذ حوالي 53 ? أو 56 ? من كامل الفترة الزمنية للنوم ، في حين أن المرحلة الثالثة ، عند الشخص نفسه ، لا تزيد في مدتها على 5 أو 6? من كامل (الفترة النومية )! كما أن التجارب أوضحت ، أن هناك (حدودا من الزمن ) لا يمكن تجاوزها، بالنسبة لكل مرحلة !! فالأشخاص الذين جرب عليهم ، لم يشاهد أي واحد منهم ينام أقل من 10 ? من الفترة الكلية للنوم ، في المرحلة الخامسة ، ولا ينام أكثر من 33 ? ..فنسبة المرحلة الخامسة ، تتراوح بين (10 33 ? ) من كامل الفترة الزمنية للنوم ، عند مختلف الأشخاص !.. وأيضا وجد أنه ، ما من أحد ، نام أقل من 4 ? بالنسبة للمرحلة الرابعة ، أو أكثر من 29? .. فنسبة المرحلة الرابعة ، تتراوح بين (4 28 ?) من كامل الفترة الزمنية للنوم ، عند مختلف الأشخاص الذين ( أجريت عليهم التجارب )!!.. ...،، فهذه النتائج التي ذكرناها : هي نتيجة بحوث قام بها العالم (وب W.B Webb )، من جامعة فلوريدا ، وألقاها أمام جمعية علم النفس البريطانية عام 1964.. حيث أجرى تجاربة وبحوثه على ما يزيد على 45 شخصا ودامت التجارب على كل واحد منهم ، ثلاث ليال أو أكثر !!.. ولكن تحديد نسبة المرحلة الرابعة بـ( 28.4 ? ) من كامل مدة النوم ، هو أمر قد ينطبق فقط على الأشخاص المجرب عليهم ، ومن هم في أعمارهم !.. حيث أن هذه النسبة للمرحلة الرابعة ، وهي مرحلة النوم الشديد العمق ، والمفيد ، تتبدل، بتدل الأعمار والأسنان !! وبالتالي تتبدل نسب المراحل الأخرى ،.. .. فمن المعلوم أن النوم العميق ، يحتاج إليه الجسم ، والكائن في بعض مراحل نموه وأطواره ، أكثر مما يحتاج إليه في مراحل أخرى !. كما أنه يحتاج إليه في فترات من العمر ، أكثر مما يحتاج إلى (بقاء صلته بالعالم الخارجي) أي يقظته أو النوم الخفيف ! .. ولذلك فإن (القوة) التي تشد الكائن ، إلى مرحلة النوم العميق ، تزداد وتشتد ، بازدياد الحاجة إليه ، فيمضي الكائن فيه (مدة أطول، وفترة أكبر)! فالطفل الصغير مثلا ، يحتاج نوما أعمق ليوفر له طاقة أكثر ..طاقة دافعة .. لينمو ويشتد، و(يقف على رجليه ) و(يقوى ساعده )!.. ولذلك نشاهد أن حوالي 50 ? من فترة نومه الكلية ، يقيضيها في النوم العميق ! وهذا ما قد نشاهده في عالم الحيوان أيضا ، وبصورة أوضح ، فالقط الوليد ، لا يعرف إلا حالة واحدة من النوم ، هي النوم العميق ! .. فإذا ما استيقظ ، وعاد للنوم بدأه عميقا، لا سطحيا !..حتى إذا ما أصبح (قطيطة )!! وكبر قليلا ، صار حوالي 80 ? من نومه الكلي، مقضيا في مرحلة النوم العميق !.. حتى إذا ما صار (قطا) ،،بحق وحقيق !،، انخفضت نسبة النوم العميق إلى حوالي 30 ? . وأما (الفؤير )! ، أي الفأر الصغير ، فينام 55 ? من نومه ، في مرحلة النوم العميق، حتى إذا ما صار (فأرا ) (بشوارب)!! انخفضت نسبة النوم العميق عنده، إلى أقل من 20?. وكذلك الحال في (الحمل الصغير ) فنسبة النوم العميق عنده قد تزيد عن (مثلين ونصف) مما ينام أبوه (الخروف) من نوم عميق !. ونعود مرة أخرى، إلى تجارب وب Webb ... وتجارب (غير ) وب! . فلقد لوحظ من التجارب ، أنه لما كانت كل (دورة نوم) تحوي خمس مراحل..وأنه تحدث (عدة ) دورات نوم ، في الليلة الواحدة ، فقد لوحظ أن أطوال (أي الفترة الزمنية) المراحل، في كل دورة تختلف عنها في الدورة التي تليها !! .. أي أن المراحل المختلفة من النوم ، تنزع إلى (البزوغ ) و(الأشراق) ! بشكل أعم في بعض الأقسام من فترة النوم ، أي بعض الدورات ، أكثر من بعض !! وكمثال على ذلك ، فإن أكثر من 70 ? من (كامل ) فترة المرحلة الرابعة ( مرحلة النوم شديد العمق ) ، تحدث عادة في الثلث الأول من الليل ، أي بشكل آخر، في الدورة الأولى لوحدها أو معها الدورة الثانية للنوم ، على أكثر تقدير !!. كما يلاحظ أن المرحلة الثالثة ، وهي مرحلة النوم العميق ، يكون حوالي 60 ? من مجموع فترتها في الدورة الأولى من النوم .. ولما كانت المرحلة الثالثة والمرحلة الرابعة ، وهي التي (ننام فيها حقا ) ! .. أدركنا أن (معظم النوم المريح ) المفيد ، يكون في أول الليل ! ، أي تقريبا في الثلث الأول من الليل ، أو النصف الأول منه ، وذلك حسب عدد الدورات النومية التي يمر بها الإنسان ، والتي تختلف من 3 6 دورات نومية في الليلة الواحدة !.. ،، ولنا عودة لهذه النقطة ، ففيها معجزة تتبدىئ ! ،، كما يلاحظ من جهة أخرى ، بأن المرحلة الخامسة ، وهي مرحلة الأحلام، يحدث أكثر من 50 ? من كامل قوتها ومدتها ، في الثلث الأخير من النوم ، أي كون معظمها في الدورات الأخيرة من ليلة النوم !.. ونفصل ذلك ونوضحه ، فنقول : لو كان الإنسان النائم يمر بثلاث دورات نومية ، خلال فترة نومه التي تستمر ست ساعات ، مدة كل دورة نومية ساعتان تقريبا ، فإنه في كل دورة نومية سيمر بمرحلة من (النوم الشديد العمق ) أي المرحلة الرابعة ، على سبيل المثال .. هذه المرحلة لا تكون متساوية في مدتها بالنسبة للدورات الثلاث ! .. فلو كان مجموع فترات هذه المرحلة في الدورات الثلاث هو 100 دقيقة مثلا ، فإننا نشاهد أن الإنسان يمضي حوالي 73 دقيقة من هذه المدة في الدورة الأولى ، وحوالي 22 دقيقة من هذه المدة في الدورة الثانية، وحوالي 5 دقائق فقط ، في الدورة الثالثة والأخيرة !! وهكذا الاختلاف ،بالنسبة لبقية المراحل . قوتان تتجاذبانك ... أيها الإنسان ! .. نلاحظ من كل ما ذكر .. أن الإنسان ، ينتقل من مرحلة تنويم إلى مرحلة نوم خفيف ، إلى مرحلة نوم عميق، إلى مرحلة نوم شديد العمق ، متدرجا في (الغوص) ، ثم يعود و(يرتفع) إلى مرحلة نوم الأحلام ، ثم يرتفع و(يطفو) مرة ثانية إلى مرحلة التنويم ، ليعاود (الغوص) من جديد.وهكذا .. فالإنسان أثناء نومه .. ينخفض ويرتفع ! .. يغوض ويطفو ! ..ينحدر ويتسلق ! .. ينزل ويصعد ! .. ..بشكل دائم مستمر ! . وكأن هناك (قوتان) حيويتان تتجاذبانه !! واحدة (تغوص) به و(تشده) إلى (قرار) النوم العميق .. ومكان (اللؤلؤ)!! والثانية تعمل على (إبقاء صلته بالعالم الخارجي) المحيط به ، وتريد أن توقظه، فتدفع به إلى (الطفو) حيث (الهواء والحياة )!! وهكذا ..فالنائم ، لا يلبث أن يحتفظ بالنوم العميق ، إلا وقتا قصيرا ، حتى (تدفعه) قوة خفية ، لأن (يرفع رأسه ) ، ويتبين ما في محيطه من مؤثرات أو (مخاطر)! .. ولكن (الرغبة) بالنوم العميق و(الحاجة إليه ) لا تلبث أن (تجره ) إليه مرة ثانية!. وهكذا ، يستمر (الصراع ) دائرا طوال الليل ، بين النوم العميق و(قاعه) ،وبين اليقظة و(سطحها.. للفوز ) بهذا الكائن الغالي! .. و(لحمايته )! .. كل على طريقته ! وهناك بعض الدلائل ، التي تؤيد ما نقول ! . فمن الدراسات التي أجراها (وب) على المرضى العصابين ، مثلا ، تبين أن اضطرابات النوم، التي تحدث عند هؤلاء المرضى ، تتخذ شكل (التنقل ) المتزايد ، بين مراحل النوم المختلفة ، وزيادة عدة مرات الاستيقاظ ، خلال الليل (أكثر) مما تتخذ شكل عدم النوم العميق إطلاقا ! وكأني بهؤلاء المرضى (تجرهم ) الحاجة إلى النوم العميق ، إلى (قراره )..و لكن (تهديد المحيط) الذي يشعرون به ، ويخافون منه ، يمنعهم من الحفاظ على النوم العميق ، مددا طويلة من الزمن ! .. فيعودون إلى (السطح ) بسرعة ، قاطعين المراحل المختلفة في (الذهاب والإياب ) ، وفي (الغوص والطفو) ومكررين (دورات النوم )، بصورة أكبر وأكثر !! . فالكائن تتجاذبه قوتان : قوة (تشده ) إلى النوم العميق و(قاعه ) و(قراره ). وقوة (تدفعه ) و(تطفو) به إلى اليقظة و(سطحها) و(شاطئها )!.. ... وكل منهما ، أي القوتان ، تعمل (لخيره) و(لمصلحته)!.. فالقوة التي (تشده) إلى النوم العميق ، تعمل على إراحته ، ونيله قسطا أكبر، من الاستقرار، والراحة ، والأمان ، والبعد عن (المشاكل) و(المحيط الخارجي) وتزويده بالطاقة، بشكل أكثر !!. والقوة التي (تدفعه )