حول أدب الطفل

لست هنا بصدد إضافات تنظيرية لأدب الأطفال، وإنما سأحاول تلمس بعض المواطن المتعلقة بهذه القضية، ومحاولة تقريب مفاهيمها، والخروج من ذلك ببعض الأفكار القريبة؛ لتفعيل هذا النوع المهم من الأدب، وليكون له وجوده في واقع الأسرة المسلمة. قضية أدب الطفل لها مكانتها غير القابلة للجدل، وأهميتها نابعة من: أ- وجوب الاهتمام بشأن الطفل. ب- أهمية إيجاد البديل الإسلامي له في ظل تسرب الغزو الفكري بشتى صوره. جـ- للطفل خصوصيته التي تقتضيها مرحلته العمرية، مما يستدعي أن يكون له أدبه الخاص، فالأدب الموجه للكبار لايصلح بطبيعة الحال ليخاطب به الصغار. د- معظم ملامح شخصية الإنسان تتكون في طفولته الأولى، حيث يتحدد- بناء على هذه الشخصية المكتسبة في الطفولة- كثير من ملامح الشخصية العامة في الكبر. لهذه الأمور وغيرها؛ يجب أن نختار بعناية مايقرأ أطفالنا، وفي الوقت نفسه نبتعد قدر الاستطاعة عن أدب الأطفال المستورد، الذي يؤثر عليهم سلبا. وقد قالوا: الطفل كالصفحة البيضاء؛ ولذلك يجب أن نختار بعناية مانود أن يرسخ في وجدانه وعقله. 2- ماالذي يمكن أن يحققه أدب الطفل الهادف؟: إن هذا الأدب يمكن أن يحقق مايلي: أ- غرس القيم الخيرة والأخلاق الفاضلة لدى الطفل؛ ليتمثل ذلك سلوكا فيما بعد. ب- تنمية الإدراك والمعرفة وحب التعلم، ويركز على القصص العلمية في هذه النواحي. جـ- تطوير ملكة القراءة وحب الاطلاع لدى الطفل، وكذلك القدرة على الكتابة الصحيحة؛ حيث تمر على ناظريه- حين القراءة- الصور الصحيحة لكتابة الكلمات. د- استغلال جزء من نشاط الطفل واستثماره وتوجيهه نحو شيء مفيد هادف. 3- صياغة هذا الأدب: أ- من حيث المضمون: ينبغي استلهام المواقف والأحداث والقصص التي وردت في القرآن الكريم- ومنها قصص الأنبياء-، وكذلك ماجاء في السنة النبوية والسيرة العطرة والتاريخ الإسلامي العريق، حيث يستمد من كل ذلك مادة لايستهان بها، ينهض عليها أدب الطفل، إن لم يكن كله فجله. كما يمثل ماسبق ربطا قويا مبكرا للطفل بدينه وتاريخه وثقافته الإسلامية. ب- من حيث الشكل: تصاغ المضامين صياغة معينة، قائمة على البساطة والوضوح والجذب، متناسبة مع عقلية الطفل وتفكيره في هذه المرحلة من عمره. ومما يشار إليه أن أدب الطفل أدب مكتوب بالدرجة الأولى، لكن ليس معنى هذا أنه لايقدم للطفل إلا أشياء مكتوبة، فالطفل يمكن أن تحكى له القصص الهادفة المتضمنة للقيم والأخلاق الإسلامية كالصدق والأمانة والتعاون وحب الخير ومساعدة المحتاجين، وغير ذلك. يحكى له كل ذلك بأسلوب قريب من فهمه وإدراكه وتصوره. ومرحلة ماقبل المدرسة يناسبها ماذكرت آنفا، أما مابعد هذه المرحلة فالمناسب لها القصص المكتوبة. 4- مقترحات: هناك أمور تسهم في إيجاد تفاعل بين الأطفال والأدب الموجه لهم، وهي كثيرة أذكر منها: أ- اصطحاب الأطفال إلى المكتبات العامة والتجارية، ويختارون مايناسبهم من القصص ونحوها تحت إشراف الآباء أو من يصحبهم من الكبار. ب- أن تكون بعض الهدايا والجوائز المقدمة للأطفال أشكالا متنوعة من أدب الطفل الهادف. جـ- يمكن أن يسأل الطفل- بالطريقة المناسبة- بعد قراءته لهذا الأدب عن: 1- فكرة الموضوع- في القصة أو غيرها من الأشكال- لتعويده تجميع الأفكار وتلخيص المضامين. 2- الذي استفاده الطفل بعد القراءة (لتنمية القدرة على الاستنباط لديه). 3- رأيه فيما قرأ (لتعويده إبداء الرأي واستقلالية القرار مستقبلا). كما تسهم هذه الأسئلة عموما في تطوير قدرات الطفل الذهنية واللغوية التعبيرية، فضلا عن تعميق وترسيخ ماقرأه الطفل.