المماطلة والتسويف واختلاق الأعذار من أخطر الأمراض الإدارية

ظهر في عصرنا الحالي العديد من الأمراض والفيروسات الخبيثة مثل الكوليرا والسل، وفي مجال العمل الإداري، مع تطور أوجه الحياة واتساع مجالات الاتصالات وسرعة الانتقال والتطور المتسارع في التنكلولوجيا، ظهرت أمراض أخرى خبيثة تلحق بتطور الإدارة وتنفيذ الأعمال، ومن أكثر هذه الأمراض خطورة المماطلة والتسويف واختلاق الأعذار، بل وتعد العدو الأول لإدارة الوقت وتنظيمه، والحقيقة أنه لا أحد يحب المماطلة واختلاق الأعذار، فهو وباء على حياة البشر، ولكن المشكلة تكمن في أن الكثير لا يعرف حقيقة التسويف، ولماذا المماطلة، وكيفية إيقاف اختلاق الأعذار. ولو نظرت إلى حقيقة المماطلة لوجدتها تشتمل على القيام بمهام ذات أولوية ثانوية بدلا من القيام بإنجاز مهام أساسية، أو الميل لتأجيل أداء المهام والمشروعات وكل شيء حتى الغد أو بعده بقليل عن طريق اختلاق الأعذار، إذا المماطلة هي قيام الشخص بتأجيل الأعمال الموكلة إليه وعدم القيام بإنجازها أولا بأول، وبالتالي يترتب عليه عدم إنجازها، وتأخر تقديم الخدمة للآخرين، والفشل الذريع في السعي للوصول للأهداف المرجوة. هل أنت مماطل؟ لمعرفة ما إن كنت مماطلا أطرح على نفسك هذه الأسئلة: -هل أنا من أولئك الأشخاص الذين يخترعون الأسباب أو يجدون الأعذار لتأجيل العمل؟ -هل أكون محتاجا دائما للعمل تحت ضغوط شديدة لكي أكون كفؤا ومنتجا؟ -هل تفشل في السيطرة على المشكلات والمعوقات الأخرى التي تمنع استكمال المهمة؟ -هل تشعر أحيانا بأنك لا تهتم بإنجاز العمل أو تشعر بعدم أهمية إنجاز العمل؟ -هل تكلف الزملاء بأداء عملك عندما تشعر ان هذا العمل من الأعمال التي لا تروق لك؟ -هل تترك المجال للمواقف السيئة حتى تستفحل بدلا من التصدي للمشكلة في الوقت المناسب؟ إذا غلبت الإجابة عن هذه الأسئلة بكلمة (دائما) فإن معنى ذلك أن داء المماطلة قد انتشر في سلوكك الإداري، وإن كانت الإجابة الغالبة هي (بعض الأحيان) فلا يزال هناك متسع من الوقت لمعرفة طرق الشفاء من هذا الداء، أو إذا غلبت الإجابة بكلمة (قليلا) فإن الداء لا يزال يمر ببدايات فترة الحضانة، ولكن مهما كانت الإجابات فسنجد أن كلا منا يماطل في هذا الجانب أو ذاك، وذلك لسبب بسيط هو أن معظم البشر يماطلون أيضا. صفات المماطلين واللامبالين -أنهم يرغبون في فعل شيء ما دون اتخاذ قرار بهذا الشأن. -عادة ينتهي بهم الأمر إلى عدم أداء أي شيء لعدم متابعة تنفيذ قراراتهم. -يدركون ولو جزئيا النتائج السلبية لعدم تنفيذ قراراتهم. -يمتلكون مواهب عالية لاختلاق الأعذار لعدم إنجاز ما كان يجب عليهم إنجازه، وذلك في محاولة لكبت ما يسمونه تأنيب الضمير. -يغضبون بسرعة ويتخذون قرارات جديدة في كل مرة ولا ينفذونها أيضا فتزداد المماطلة أكثر فأكثر. -يستمرون في تكرار الأشياء نفسها ويسيرون في الدائرة ذاتها حتى تنشأ أزمة لا يستطيعون حلها، ومن ثم لا يجدون أمامهم إلا خيارا واحدا وهو إنجازه ما بدؤوه. إن أسوأ ما في المماطلة والتسويف هو تحويلها إلى نمط من الحياة قد لا تشعر به، وذلك بسبب تحويلها إلى عادة، إلا أنها بكل أسف عادة سلبية لا تؤدي إلا إلى مزيد من الضغوط والمشكلات والصعوبات المتلاحقة. أعراض التسويف والمماطلة يمكن توقع التسويف والمماطلة في سلوكيات وأفعال عدة يجب أن ننتبه إليها دائما ونتفاداها ومنها: -ترك العنان للتفكير، بحيث تأخذنا الأحلام أو الذكريات بعيدا عن العمل، أي التفكير فيما يكون عائقا في تنفيذ ما يعهد إلينا. -الاستجابة طواعية للعوائق التي تحول دون إنجاز العمل مثل (سيل المحادثات الهاتفية، الزيارات المتكررة دون تحديد مواعيد مسبقة) وقد نشعر بالسعادة لوقوعها أحيانا لأنها تأخذنا بعيدا عن عناء العمل، الأمر الذي قد يؤدي إلى تزايد الارتياح النفسي لمثل هذه المعوقات والوقوع تحت سيطرتها. -قضاء فترات طويلة في تناول القهوة والشاي والذهاب خارج العمل في مشوار يستغرق كثيرا من الوقت. -تركيز الاهتمام على إنجاز الأعمال الثانوية وغير المهمة. -قضاء وقت طويل لإنجاز مهمة بسيطة لا تستدعي كل ذلك الوقت؟ -الخوف من الفشل يكون أحيانا أحد الأسباب التي تدفع الفرد إلى المماطلة، وفي الحقيقة فإن الخوف أكثر الأعراض وضوحا وتكرارا ويساعد على التفشي السريع لفيروس المماطلة، وعندها لا ينجز العمل، أو يقوم بتأجيله يوما بعد آخر، وأنه يسعى في واقع الأمر لحماية نفسه من الفشل وبالتالي يماطل، وخصوصا عند وجود مواقف متشابهة حصلت، والحقيقة أن الفشل في مواقف سابقة لا يعنى أننا سوف نفشل مرة أخرى، فإن الحياة تتغير دائما، ويجب النظر إلى الأخطاء السابقة كمصادر مهمة للمعلومات، ولو تذكرنا القول المأثور(لا خوف لا خجل من عثرة الحجر) نجد أن المخوف والمخجل هو التعثر من الحجر نفسه مرة أخرى. ما أسبابك للمماطلة واختلاق الأعذار؟ -الكسل حين تقول لنفسك أنا الآن غير مستعد لإنجاز هذا العمل إذا لماذا أؤجله؟ -الأعمال غير المحببة تدفع الإنسان إلى التأجيل وهذا السبب الأكثر شيوعا. -الخوف من المجهول إننا نعتبر كل مهمة نكلف بها ذات مصير مجهول -انتظار ساعات الصفاء والإبداع، وهي لا تأتي من ذاتها، بل يجب أن تبدأ بالبحث عنها. -الأعمال الصعبة والكبيرة تشجع المماطل على تركها ريثما يتاح وقت أطول لإنجازها. -التردد والرغبة الملحة في أن يكون الشخص مصيبا دائما. ما الطريقة للقضاء على المماطلة والتسويف؟ أولا: أهمية وضع الأهداف: أسهل طريقة لمعالجة المماطلة ألا ندعها تبدأ من الأساس، ولكن ماذا نفعل إذا تسللت إلى حياتنا! إن الأشخاص الناجحين في حياتهم هم من يتحدثون بوضوح وببساطة عن أهدافهم، وبذلك تكون أهدافهم قابلة للتحقق بأسرع ما يمكن لأنهم قد حددوا أهدافهم بطريقة دقيقة متسلسلة ومقسمة إلى أجزاء، وهو ما يجعل تحقيق أهدافهم يسير بأسرع مما يتصور. ولكى تستطيع تحديد أهدافك بصورة نهائية يجب أن تسأل نفسك بعض الأسئلة منها: -ما هي أهدافنا؟ هل نرغب حقا في تحقيقها؟ -ما هو الزمن الذي ينبغي أن تستغرقه في اليوم او الأسبوع لتوزيعه إلى مراحل زمنية ؟ -هل هناك مخاوف أو قلق أو تناقضات تعوق تحقيق جزء من الخطة للوصول للأهداف؟ -ما هي أكبر المعوقات في رأينا التي تحول دون تحقيق أهدافنا؟. -هل هناك استعداد لمواجهة هذه المعوقات، وذلك بإيماننا بالأهداف؟ -هل هناك مراجعة مستمرة لما توصلنا إليه من نتائج نحو تحقيق الأهداف؟ ثانيا: القضاء على المماطلة؟ بعد أن وضعنا أهدافنا يجب أن نفكر رأسا في تنفيذها، هنا تظهر قدرة الإنسان على اختلاق الأعذار، وعند لحظة اختلاق العذر نبدأ في الاقتناع بانه حقيقي، كما أن عقلنا الباطن يبدع ويتفنن في اختلاق الأعذار وبمهارة فائقة. كيف يمكننا أن نتخلص من عملية اختلاق الأعذار؟ -تحديد الوقت المناسب للانتهاء من كل مهمة. -خذ على نفسك عهدا بعدم خلق الأعذار لتأجيل الأعمال. -تعاهد مع نفسك بعدم القيام من مكانك حتى تنتهي من الجزء الذي قررت أن تنهيه. -أكتب قائمة بالأشياء التي تؤجلها دائما...حلل هذا القائمة ولاحظ وجود نمط معين من هذه الأعمال. -شجع نفسك واسألها....ما المشكلات التي سوف أسببها لنفسي حين أؤجل هذا العمل؟ واكتبها في قائمة.....الآن هل تريد فعلا أن تعيش في وسط هذه المشكلات؟ -ضع لنفسك مكافأة عند الأنتهاء من العمل. وأخيرا يمكن القول بأن أفضل طريق للتعامل مع المهام التي تؤجلها دائما هي أن تبدأ بها فورا، وتذكر أن إنجاز مهام عديدة جيدة خير من محاولة إنجاز مهمة واحدة مثالية. تذكر الحكمة التي تقول لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه. تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا.