التطرف وأسبابه الحقيقية
في حديثه عن التطرف وأسبابه الحقيقة والغرض من إلقاء هذه الكلمة يبدأ الأستاذ محمد قطب المفكر المعروف حديثه فيقول: بطبيعتي لا أحب التطرف! لا في أمر بعينه، و لا في جميع الأمور، و لكن هناك أكثر من كلمة ينبغي أن تقال في هذا الشأن. الكلمة الأولى أنه قد يقع بالفعل تطرف من بعض الشباب، أو بعض الجماعات القائمة بالعمل في الساحة الإسلامية.. و لكن حجمه أقل بكثير جدا مما يهول المهولون الذين يرمون الساحة كلها بالتطرف لأمر يراد. لماذا تعمم كلمة التطرف؟ ويوضح فضيلته السبب في إطلاق كلمة التطرف وتعمميها على عامة الناس فيقول: إن الذين يهولون في تصوير التطرف، للتنفير أو التحريض أو الإثارة، يصمون بالتطرف كل شاب أطلق لحيته، أو كل فتاة تحجبت، أو كل مطالب طالب بتحكيم شريعة الله. و قد يكون من بين كل ألف شاب أطلق لحيته، أو بين كل ألف فتاة تحجبت، أو بين كل ألف مطالب بتحكيم شريعة الله واحد متطرف أو واحدة متطرفة.. و لكن وصم الألف كلهم بالتطرف أمر مقصود لإيجاد حائل من النفور بين الحركات الإسلامية كلها وبين الجماهير، لعل ذلك يوقف المد الإسلامي المتدفق، ويعوق الحركة الإسلامية كلها عن المسير! و كذلك لضرب الحركات الإسلامية كلها بتهمة التطرف، إذا عجز الطغاة عن تدبير تهمة أخرى تبرر في نظر الناس ضرب المسلمين الداعين إلى تطبيق شريعة الله. فلينظر كل كاتب إسلامي يكتب ضد التطرف أين تنتهي كلماته، و كيف تستغل لمحاربة الحركة الإسلامية كلها، حتى أشد المتساهلين فيها! يقول الله في كتابه الحكيم: ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم سورة الأنعام، الآية 108. فنهى سبحانه عن سب الآلهة التي تعبد من دون الله، مع أنها كلها باطل لا ذرة فيها من الحق، إذا كان سبها يؤدي إلى استعداء أعداء الله على مقدسات الإسلام. فكيف نعين بأقلامنا أهل الباطل لمجرد أننا نكره التطرف، أو لننفي عن أنفسنا تهمة التطرف، فنعطيهم سلاحا يستخدمونه ضدنا كلنا في النهاية، كما تقول الحكمة القديمة: أكلت يوم أكل الثور الأبيض! هل حقيقة يحارب التطرف؟ إن الذين يحاربون ما يسمونه تطرفا بحجة أنه تطرف، و أنه ينبغي الرجوع إلى القصد والاعتدال، لا يحاربونه في الحقيقة لهذا السبب، و لا يقصدون رده إلى الاعتدال الحقيقي بميزان الله الحق، إنما يحاربونه حرصا على منع الشباب من الإصرار في مطالبة الحكام بتحكيم شريعة الله، وعدم قبول أي حل إلا تحكيم شريعة الله! وهذا هو الذي لا يريدونه ولا يقبلونه! فالمحارب حقيقة هو الإسلام ذاته و ليس هو التطرف! و الممنوع في الحقيقة هو المطالبة بتحويل الإسلام إلى واقع في حياة الناس، لأن المطلوب هو إبقاؤه هكذا إسلام بلا إسلام و مهما تخفى الذين يحاربون الإسلام وراء ستار محاربة التطرف فستظل الحقيقة واضحة من وراء كل ستار: أن الذي يحارب حقيقة هو الإسلام، و أن الذين يراد إبادتهم أو نفيهم من الأرض هم المسلمون، قال الله تعالى: وما كان جواب قومه إلا أن قالوا: أخرجوهم من قريتكم، إنهم أناس يتطهرون سورة الأعراف،الآية 82. أهم أسباب التطرف وبين فضيلته أن عدم تطبيق الإسلام في جميع شئون الحياة هو الذي أوجد التطرف في الحقيقة و ما زال يغذيه، وأن الخلاص من ذلك هو تطبيق شريعة الله في جميع جوانب الحياة العامة والخاصة. وأكد على أنه لو قام المسلمون جميعا أفرادا وحكومات بتحكيم شرع الله والوقوف عند حدوده، والالتزام بأوامره ونواهيه فإنه لا شك سيكون سببا في هداية كثير من الناس إلى صراط الله المستقيم وإلى الوسطية التي جاء بها الإسلام. أما محاربة الملتزمين بشرع الله ومهاجمة المطالبين بتطبيق أحكامه كما أرادها الله جل وعلا فإن هذا الأمر مما يولد التطرف ويغذيه بين الشباب كنتيجة حتمية للاضطهاد والتضييق.